معركة استحقت المتابعة والاهتمام والتحليل، أقصد معركة انتخاب عمدة جديد لولاية نيويورك، ولمن أعتقد انها مجرد انتخابات محلية لا تزيد على اختيار حاكم لها من ضمن 50 ولاية ،أعتقد أنه رأى يحتاج للمراجعة والنقاش لأسباب كثيرة منها:
الفائز هو زهران ممدانى، الذى قدّم نفسه كديمقراطى اشتراكى تقدّمى، وفى و بفوزه أصبح أول مسلم يتولى هذا المنصب فى تاريخ المدينة، والمسألة ليست كونه مسلما فقط، لأن الانتماء الدينى قد لا يكون مهما فى مجتمعات المهاجرين هناك، ولكن هناك الكثير من القضايا التى تستحق النقاش.
أولا: تركيبته الثقافية والعرقية متعددة فهو من أصل هندى وعاشت أسرته فى فى أفريقيا وبالتحديد فى أوغندا حيث الجالية الهندية الكبيرة قبل هجرتها للولايات المتحدة عندما كان زهران فى الثامنة من العمر، إذ أصبح والده أستاذاً جامعياً فى أمريكا أما والدته ميرا نير فهى مخرجة سينمائية، يعنى ممداني- مسلم- هندي- أفريقي- أمريكي- آسيوي- أفريقي- أمريكا الشمالية.
وجاء توجهه اليسارى ليزيد المعادلة سخونه وأعتقد أنها المهمة وبنجاحه هل سيكون ذلك إيذانا بكفر معقل الرأسمالية بها، وأين؟.. فى نيويورك حيث اكبر عاصمة اقتصادية وسياسية ومالية عالمية حيث سوق الأوراق المالية ومؤشر الداو جونز، حيث قلب الاقتصاد الحر النابض وقلب العالم السياسى حيث الأمم المتحدة ومركز التجارة العالمى وكلنا يذكر 11 سبتمبر حين ضرب أكبر برجين للتجارة العالمى، وهى المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان فى الولايات المتحدة.
وتعتبر مدينة نيويورك أحد أهم مراكز التجارة والمال فى العالم، فهى عاصمة اقتصادية للولايات المتحدة لكثرة الشركات والبنوك العالمية فيها، ويوجد بها مقر الأمم المتحدة، وتوصف مدينة نيويورك بأنها العاصمة الثقافية والاقتصادية للعالم، وبالرغم من ذلك تحتل المرتبة الثالثة بعد لوس أنجلوس وشيكاغو، من حيث النشاط الصناعى بوجود أكثر من 17،000 مصنع للملابس، وتنتج سدس إنتاج الولايات المتحدة من الطباعة والنشر، كما تنتج الأغذية والمواد الكيميائية، والأثاث والورق والمنسوجات.
المهم كانت المنافسة على منصب «العُمدية» بين زهران ممدانى،، وأندرو كومو، الحاكم السابق للولاية والذى خاض السباق كمرشح مستقل بعد خسارته فى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى. الذى فاز بها ممدانى.
ويرى البعض أن الإسلام والاشتراكية يتعانقان فى قلب أمريكا الآن، بعد أن هز السياسى الأميركى الشاب زهران ممدانى (34 عاماً) الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية بسبب آرائه السياسية وتفكيره، وبفوزه أصبح أول عمدة مسلم لنيويورك!
ويضع ممدانى قضية انتمائه الاسلامى فى إطار الحقوق المدنية، ويقول إن المسلمين فى نيويورك يريدون أن يعيشوا بكرامة وأن تتم معاملتهم وفقاً لمبادئ المساواة فى البلاد، نعم المسلمون يشكلون أقلية فى نيويورك لكن المدينة عموماً تضم أناساً من مختلف الأعراق والمعتقدات وبدت نسبة كبيرة من هؤلاء مؤيدة بثبات لـ»ممدانى» الذى نشأ فيها، وهى أكبر مدينة فى الولايات المتحدة وأغناها من حيث الموازنة العامة، فمن يشغل منصب العمدة سيدير ميزانية سنوية تبلغ أكثر من 110 مليارات دولار.
وانتماء ممدانى للإسلام وقناعاته ومبادئه الاشتراكية ونشاطه السياسى المعارض لإسرائيل كانت أهدافا لخصومه السياسيين المحذرين من صعوده لدرجة تأييد العمدة الحالى إيريك أدامز لمنافسه ومحذراً من مصير سيئ للمدينة إذا قادها الشاب المسلم.
والتركيبة السياسية والفكرية لممدانى كانت سبب المعركة الساخنة، فهو ينتمى إلى الجناح اليسارى فى الحزب الديمقراطى، وقد نشط لسنوات فى حركة التظاهرات المؤيدة للقضية الفلسطينية والتى تدين السياسة الإسرائيلية، وهذا سبب آخر لسخونة المعركة ولطعم الفوز، ورغم الانتماء إلى الحزب الديمقراطى «حزب الرئيسين السابقين جو بايدن وباراك أوباما»، لكن الجناح اليسارى للحزب يؤمن الآن ويدعو إلى إحداث تغييرات عميقة فى سلوك وسياسة الحزب وأمريكا عموماً ويبدو هذا جلياً فى موضوع العلاقة مع إسرائيل إذ يؤمن ممدانى واليسار بأن على أمريكا أن تغير سياسة دعم إسرائيل.
وطبعا قاد اللوبى اليهودى الحملة ضده لمواقفه من إسرائيل، خصوصاً أن نسبة مهمة من سكان نيويورك هم من اليهود. فقد اتهمته منظمات يهودية أمريكية بمعادة السامية، وقال حاكم ولاية نيويورك السابق أندرو كومو إنه «يؤجج نيران الكراهية ضد اليهود»- وهى اتهامات رفضها ممدانى بشدة، ويقول إنه سيعمل على محاربة معاداة السامية فى حال انتخابه.
والتوجه الاقتصادى لـ»ممدانى» يثير الجدل فى عاصمة المال والاقتصاد العالمى وقلب الرأسمالية والاقتصاد الحر.. هو فى أقصى اليسار الأمريكى، يقول بوضوح وقناعة إنه اشتراكى رغم أنه نشأ فى أكبر بلد رأسمالى فى العالم، وجذبت وعوده الاشتراكية كثيراً من أصوات الناخبين فى نيويورك الذين عانوا ويعانون من غلاء المعيشة.
وللحديث بقية









