قلت فى الجزء الأول من هذا المقال ان العالم يتجه إلى حالة الصراع.. احتمالات تصاعد مواجهات مسلحة وفتح جبهات جديدة وإعادة فتح جبهـات هــدأت نســبياً وهـو ما ينذر بمزيد من الأثار والتداعيات الصعبة على الشعوب والمجتمعات خاصة تفشى ظاهرة العنف والقتل والجرائم المأساوية والكارثية التى انتشرت فى السنوات الأخيرة وهو ما يمثل تهديداً مباشراً للإنسانية والأمن والاستقرار وهو الهدف المنشود لتحقيق البناء والتنمية والرخاء والتقدم ويمس الإنسان بشكل مباشر فى إبداعاته وإضافاته خاصة الأجيال الجديدة التى تواجه تحديات خطيرة فى ظل انتشار العنف والصراع والحروب والإبادة والإرهاب والقتل الذى جعلت منه التكنولوجيا ووسائل الاتصال والتواصل الحديثة أمراً متاحاً يراه ويشاهده الأطفال والشباب فى ظل الارتباط الشديد بأجهزة المحمول والآى باد والكمبيوتر واللاب توب ليواجه أفكاراً وسلوكيات غريبة وشاذة لا تخدم فى معظمها عملية بناء الإنسان بشكل حقيقى يحقق أهدافه وتطلعاته بل يخلق واقعاً قاسياً وتأثيراً نفسياً بالغ القسوة واحتلالاً وسيطرة على العقول.. لذلك لابد ان ينتبه العالم إلى خطورة ما يقدم عليه من صراعات وحروب وإرهاب وإبادة وأطماع وأوهام وأيضاً يحتم عليه مواجهة سيل الأفكار الشاذة والانفتاح العشوائى والتدنى الأخلاقى الذى تعبث به منصات التواصل الاجتماعى المدفوعة إلى تبنى بث هذه السموم القاتلة.
العالم لم يدرك بعد خطورة صناعة الصراعات والحروب والاستغراق فى الأوهام والأطماع وإشعال الحرائق ليذهب الإنسان ضحية سواء بالموت أو التداعيات النفسية لهذا الواقع المرير من أهم أسباب إشعال الحرائق والصراعات والحروب.. إسرائيل أو الكيان الصهيونى الذى يعيش على تأجيج الصراعات واللهث وراء الأوهام والأطماع فمازال يسوق الذرائع فى قطاع غزة ويستمر فى انتهاك الاتفاق مازال يقصف ويحد من دخول المساعدات الإنسانية لشعب ظل محاصراً لمدة عامين والسؤال.. ماذا ننتظر من الأجيال الشباب والأطفال الفلسطينيين الذين فقدوا أسرهم بالكامل وشاهدوا بعيونهم حجم الجرائم والانتهاكات والإبادة التى مارسها الاحتلال ستظل الصور والمشاهد المروعة عالقة فى ذهنه لن ينساها.. فى نفس.
من ناحية أخرى باتت العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا تمضى إلى طريق مسدود فى ظل الحديث عن إلغاء أو تأجيل اللقاء الذى كان مرتقباً بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين فى المجر للتفاوض حول إنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية وأعلن الكرملين أن الأمر الآن لا يحتاج إلى لقاء الرئيسين ولكن يحتاج إلى جهد دبلوماسي.. فى حين أعلنت مصادر روسية ان «البنتاجون» وافق على تزويد أوكرانيا بصواريخ «توما هوك» بعيدة المدى والقادرة على الوصول إلى العمق الروسى مع تجدد الصراع أو التنافس النووى بين واشنطن وموسكو حيث أعلن الرئيس ترامب استئناف الاختبارات النووية التى توقفت مع مطلع التسعينيات من القرن الماضي.. ثم تجارب صاروخية روسية ثم تأهب أوروبى ودعم أوكرانيا بالأسلحة مع زيادة قدرات جيوشها والاستعداد لمواجهة تداعيات أى حرب محتملة مع روسيا فى تطوير الملاجئ وزيادة قدرات المستشفيات.. لذلك الصورة الاجمالية تشير إلى احتمالات تصعيد خطير بين المعسكرين الأمريكي- الأوروبى من ناحية والروسى من ناحية أخري.
الأمر لم ينته بعد.. فالأمور فى فنزويلا تشير إلى استعدادات لتلقى ضربات أمريكية خاصة ان تصريحات الرئيس ترامب أن نظام الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو يعيش أخر أيامه والسفن الحربية الأمريكية على بعد 200 كيلو متر من السواحل الفنزويلية وهو الأمر الذى استدعى حصول فنزويلا على أسلحة ونظم دفاع جوى متطورة من الصين.. إذن نحن أمام حرب أو مواجهة محتملة فى الفترة القادمة.. ثم تهديد الولايات المتحدة الأمريكية بنيجيريا بتنفيذ ضربات داخلها مع وجود أزمات ومواجهات خامدة جاهزة للاشتعال سواء فى الشرق الأوسط أو آسيا وأفريقيا.. فقد توقفت الحرب الهندية- الباكستانية دون معالجة جذور الصراع.. ونفس الحال بين طالبان فى أفغانستان وباكستان فى شبه تجميد للعمليات أو تبادل الهجمات العسكرية.. اذن العالم يعيش على فوهة بركان واحتمالات توسع الحرب وتصعيد المواجهات وهو ما يزيد من أزمات العالم وشعوبه تعقيداً وينعكس على الإنسان فى انتشار معدلات القتل والدمار والأزمات الاقتصادية.. لذلك ليس غريباً أن نرى مثل هذه الجرائم المأساوية التى يرتكبها الشباب والأطفال فى ظل غياب القوانين والمواثيق الدولية وسقوط المنظمات الأممية والدولية وفشل النظام العالمى القائم ومبادئ القانون الدولى الإنساني.. لذلك على الأسر ألا تلهث وراء أحلام الثراء والرفاهية الاقتصادية والمعيشية ونسيان الأبناء وتركهم أسرى لمشاهد ومضامين ومحتوى وأفكار وصور القتل كل ذلك يؤدى إلى تشوهات نفسية وفكرية وهذا يأتى على حساب الأبناء وربما يخدع الأب والأم أن الأبناء يعيشون فى مستوى مادى مريح وجيد، لكن غياب ثقافة التربية والمتابعة والتوجيه وغرس القيم، ومباديء التسامح والتعاطف والتكافل ولا نعفى المؤسسات الدينية فى كافة المجتمعات من المسئولية، وكذلك طبيعة وآلية النظم التعليمية التى تركز على المحتوى العلمى فقط بعيداً عن البناء النفسى والدينى والثقافى والرياضى والإبداعي.
فى ظنى أن العالم يتجه إلى مزيد من إشعال الحروب والصراعات طمعاً وبحثاً عن النفوذ والهيمنة والثروات والمصالح غير المشروعة فتأمل حالة الصراع فى العالم تجدها تتصاعد.. الولايات المتحدة تبدأ تجارب نووية والتوسع فيها بعد 33 عامًا من التوقف حيث كانت آخر تجاربها فى عام 1992 ودخلنا فى دائرة التنافس النووى من جديد بين أمريكا وروسيا والصين وباتت حتى الأسلحة التقليدية أكثر فتكاً ويشتعل الصراع على النظام العالمى بما يهدد الدول والشعوب الأقل قوة والغنية بالمصالح والثروات فمازالت الحرب الروسية- الأوكرانية تشتعل وهناك أنباء عن انغلاق أبواب التفاوض بعد الحديث عن إلغاء اللقاء المرتقب بين ترامب وبوتين ثم حالة التأهب الأوروبي.. والدعم المقدم لأوكرانيا والتنافس الحاد بين واشنطن وبكين واصرار إسرائيل على التصعيد وفتح جبهات جديدة ثم احتدام الموقف بين أمريكا وفنزويلا واستمرار الأزمات فى ليبيا والسودان واليمن ولبنان دون وجود حلول نهائية لذلك على العالم أن ينتبه أنه ذاهب إلى الجحيم فى ظل أجيال تزداد توحشاً.









