حفل الافتتاح حمل إلى العالم رسالة مصر التاريخية والحضارية
«الجيزة» بعد التطوير من أعظم المواقع السياحية بلا منافس
هناك دراسة سيعلن عنها قريبًا لتطوير المنطقة من مطار سفنكس حتى سقارة
سنوات طويلة عشناها مع حلم انتهاء أعمال المتحف المصرى الكبير وافتتاحه رسمياًَ.. ذلك المتحف الذى أحدثت أخبار انشائه زخماً كبيراً على مستوى العالم.. ومع بداية أعمال الإنشاءات كانت عيون الأثريين والمتخصصين فى علم الآثار على مستوى العالم تتابعه يوم بيوم.. وحين توقفت العمل به مع أحداث يناير 2011.. سيطر الحزن على الجميع.. خاصة مع المستقبل الغامض الذى واكب التوقف.. ولم يكن أحد يعلم متى سيعود العمل بالمتحف.. إلى أن وصلنا لعام 2016.
هنا كان التحرك من جديد عندما عرض الأمر على الرئيس عبدالفتاح السيسى.. وكانت العقبة الرئيسية فى استكمال العمل هو توقف العمل بسبب ارتفاع تكاليف إنشاء وتجهيز المتحف.. وطلب الرئيس السيسى إعادة دراسة التكاليف.. واسند الملف إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التى عينت اللواء المهندس عاطف مفتاح نائب رئيس الهيئة الهندسية مشرفاً عاماً على المتحف.. وبالفعل تحقق النجاح فى تقليل التكاليف بما قيمته 900 مليون دولار مع الالتزام بنفس المواصفات والخامات.
من جديد عادت الاتصالات مع الجانب اليابانى «الجايكا» التى وافقت على إعادة التمويل وبدأ العمل من جديد فى مشروع المتحف تحت إشراف الدكتور خالد العنانى وزير الآثار فى ذلك الوقت.. وتسارعت وتيرة العمل بالمتحف الذى كان مقرراً افتتاحه منذ أكثر من خمس سنوات.. ولكن لأحداث عديدة مر بها العالم والمنطقة كان دائماً يتم تأجيل الافتتاح الرسمي.. «مرة بسبب وباء الكورونا.. ومرة بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية.. ومرة بسبب الحرب على غزة .. ومرة أخيرة فى يوليو الماضى بسبب الحرب بين إسرائيل وإيران.. «ولكن رغم كل هذه الأحداث والتأجيل المتواصل لموعد الافتتاح كان هناك طلب كبير على زيارة المتحف.. فخلال مراحل التجهيز بعد انتهاء مراحل الإنشاءات كانت إدارة المتحف تسمح لعدد من الوفود والسائحين بزيارته المتحف بأعداد محدودة وحجز مسبق.. وكانت قيمة التذكرة 200 دولار.. ورغم ارتفاع ثمن التذكرة إلا أن الإقبال كان كبيراً.
كان الدكتور خالد العنانى حريصاً منذ أن كان وزيرا للآثار فقط على المشاركة فى المعارض السياحية الدولية وأن يكون بطل الجناح المصرى نموذجاً مجسماً للمتحف المصرى الكبير.. وكثيراً ما كان يشارك فى هذه المعارض الدكتور مصطفى وزيرى وهو أمين عام المجلس الأعلى للآثار فى ذلك الوقت ليقدم المتحف المصرى الكبير لزوار الجناح المصري.
مع التشغيل التجريبى للمتحف الذى استمر قرابة عام كان المتحف يستقبل قرابة خمسة آلاف زائر يومياً.. ومن المتوقع مع بداية فتح أبواب المتحف أمام الزائرين بعد الانتهاء من استقبال ضيوف مصر الرسميين الذين شاركوا فى حفل الافتتاح ان يصل العدد إلى أكثر من 15 ألف زائر يومياً.
لابد أن نذكر أنه طوال فترة التشغيل التجريبى أظهر القائمون على إدارة المتحف وفى مقدمتهم الدكتور أحمد غنيم رئيس هيئة المتحف الكبير أهمية هذا المتحف ليس فقط من خلال ما يحتويه من آثار تتجاوز مائه ألف قطعة معظمها يعرض لأول مرة.. ولكن أيضاً من خلال النشاط الثقافى والفنى الذى تحرص إدارة المتحف على أن يكون عنصراً أساسياً من مكوناته.. فرأينا تنظيم العديد من الاحتفاليات والمناسبات الوطنية طوال فترة التشغيل التجريبي.. ما اعطى للمتحف زخماً كبيراً أيضاً من خلال نقل هذه الاحتفالات عبر شاشات الفضائيات المختلفة.. أو من خلال وسائل التواصل الأجتماعي.
هنا لندن
اليوم تبدأ مرحلة جديدة من التسويق للمتحف المصرى الكبير ومنتج السياحة الثقافية بمصر.. حيث يغادر القاهرة الوفد المصرى الرسمى برئاسة شريف فتحى وزير السياحة والآثار فى زيارة للعاصمة البريطانية لندن للمشاركة فى أول معرض سياحى دولى بعد الافتتاح الرسمى للمعرض «سوق السفر الدولى World Travel Market «.. التى تبدأ فاعليته صباح اليوم وهو واحد من أكبر ثلاثة معارض دولية للسياحة.. ومما لا شك فيه أن مشاركة هذا العام تختلف كثيراً عن مشاركة الأعوام السابقة.. فاليوم شركات السياحة المصرية المشاركة فى المعرض لديها منتج سياحى جديد تقدمه لشركائها فى الخارج.. هو المتحف المصرى الكبير.
لا شك أيضاً أن هذا المنتج سيضيف الكثير للبرامج السياحية لزيارة مصر.. وإذا كانت النسبة الأكبر من حجم الحركة السياحية القادمة لمصر تذهب للسياحة الشاطئية فى مدن البحر الأحمر وجنوب سيناء.. فمن المؤكد انه أصبح من السهل أما ربط برنامج رحلة الأفواج السياحية التى تصل إلى مطارات شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم.. بزيارة المتحف المصرى الكبير من خلال رحلات اليوم الواحد .. أو أكثر من يوم لمن يرغب لزيارة منطقة الأهرامات والمتحف المصرى الكبير.. خاصة مع نجاح الدولة فى الانتهاء من توسعة وزيادة الطاقة الاستيعابية لمطار سفنكس الدولي.. ليكون بوابة جديدة وقريبة لزيارة المتحف المصرى الكبير وأهرامات الجيزة.
هذا بالإضافة إلى أن التوقعات كلها تشير إلى أن مطار سفنكس سيصبح بوابة لحركة الطيران العارض من مختلف الدول الأوروبية لزيارة القاهرة الكبرى والتى من المتوقع ان تتضاعف فيها مدة أقامة السائح عدة مرات خلال السنوات القليلة القادمة.
إن الفترة الطويلة التى استغرقتها عمليات إنشاء وتجهيز المتحف المصرى الكبير زادت من حالة الزخم التى اكتسبها المتحف بمختلف دول العالم.. وكل التقارير الصحفية أو التليفزيونية وكذلك ما نقل عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى زاد من الترويج لزيارة مصر.. وخلق المزيد من الطلب على هذه الزيارة.. وأن كانت هناك طلبات عديدة لزيارة مصر كانت مؤجلة لحين افتتاح المصرى الكبير.. للاستمتاع بمشاهدة مقتنيات الملك الصغير توت عنخ آمون.. فأن الوقت أصبح مناسباً الآن لتنفيذ هذه الطلبات المؤجلة.. ومن المؤكد إن شاء الله أن مصر ستحقق أهدافها بالوصول إلى 30 مليون سائح بإيرادات 30مليار دولار عام 2031.
إن الحركة السياحية القادمة لمصر بعد افتتاح المتحف المصرى الكبير من المؤكد ستختلف كثيراً عما قبل الافتتاح.. ولابد أن نشير إلى أن حفل الافتتاح الرسمى والذى نقلته الفضائيات العالمية.. كان ترويجاً رائعاً للسياحة المصرية.. و دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى لعدد من الملوك والرؤساء والأمراء من مختلف دول العالم.
مشاركة وفود رسمية من أكثر من 80 دولة هو أكبر ترويج للسياحة المصرية.. نقلت رسالة للعالم بما تتمتع به مصر من أمن وأمان.
قاعتى توت عنخ آمون
إذا كنا خلال السنوات السابقة قد نجحنا فى الترويج للمتحف المصرى الكبير بصفة عامة.. ونجحنافى خلق حالة من الزخم العالمى حول هذا المتحف.. فأن الأمر الآن بعد الافتتاح أضاف ميزة جديدة للترويج للمتحف المصرى الكبير.. ولمنتج السياحة الثقافية التى من المؤكد ستشهد إقبالاً كبيراً خلال السنوات القادمة.. ولدينا منتج جديد داخل المتحف وهو مقتنيات الملك توت عنخ آمون وفى مقدمتها قناعه الذهبى الذى يزن أكثر من عشرة كيلو جرامات.. إلى جانب أكثر من خمسة آلالف قطعة عثر عليه بمقبرته كاملة.. مع ربط المتحف بزيارة مدينة الأقصر لزيارة مقبرته فى البر الغربى والأستمتاع بنقوشها .. ومشاهدة مومياء الملك الصغير.
مستقبل واعد لمنطقة الأهرامات
إن المتحف المصرى الكبير ليس هو المرحلة الأخيرة فى تطوير منطقة الأهرامات.. بل هو البداية.. فخلال سنوات قليلة ستتبدل المنطقة تماماً وفقاً لما تخطط له الدولة من خلال دراسة سيعلن عنها قريباً لتطوير المنطقة بداية من مطار سفنكس وصولاً لمنطقة آثار سقارة.. ومن التسريبات التى قيلت عن المنطقة إنشاء العديد من الفنادق والمناطق الترفيهية والمولات.. وكل ما يجذب السائح لمد زيارته لمصر لفترات اطول.. وقد اعلن احد المستثمرين أول أمس خلال مشاركته فى حفل الافتتاح عن الانتهاء من مشروع سياحى كبير يضم عدداً من الفنادق يجرى إنشاؤها حالياً فى المنطقة المحيطة بالمتحف.. وأيضاً هناك مشروع آخر لتحويل منطقة نزلة السمان إلى منطقة سياحية كاملة وتحويلها إلى منطقة فنادق.. كل هذا وأكثر سيكشف عنه المخطط الكامل للمنطقة الذى سيعلن عنه فى القريب العاجل.. ومع انتهاء هذه المشروعات من المؤكد أن مصر يمكن أن تحصل على نصيب عادل من حجم الحركة السياحية العالمية.
الزيارات الرسمية
خلال السنوات الماضية نال المتحف القومى للحضارة المصرية اهتماماً كبيراً وطلبا على زيارته.. مع المتحف المصرى فى التحرير.. وبعد افتتاح المتحف المصرى الكبير.. لاينبغى أن نتركه يسحب البساط من تحت هذين المتحفين.. بل يجب أن نبحث عن الوسائل التى تحتفظ للمتحفين بالإقبال على زيارتهما.. وهذه مهمة القائمين على المتحفين.. ومهمة شركات السياحة التى تضع البرامج السياحية لسياحها.
الحياة الثقافية
أعتقد ان الدكتور أحمد غنيم رئيس هيئة المتحف المصرى الكبير سينجح بالتعاون مع عدد الرعاة فى تحويل المتحف ليكون منارة ثقافية إلى جانب كونه واحداًً من أعظم وأكبر متاحف العالم.. وبكل تأكيد سنشاهد العديد من الفاعليات تجرى تحت سقف هذا المتحف بصفة دورية.. وسيصبح واحداً من المنارات الثقافية.. وتحيا مصر.
