قالت لنا السيدة في ثقة وراحة بال أخيراً وجدنا من يشبهنا! عند سؤالها عن مكان سكنها الجديد في إحدى المناطق الفخمة وبجواري كان يقف أحد الأصحاب الذي باغته كلام السيدة فهمس لي قائلاً ما معنى مكانتي الاجتماعية ودراستي في الخارج طالما عدت لأسكن في بيتنا الذي نشأت فيه بمنطقة شعبية وسألني: هل أخطأت؟ كان بوسعي آنذاك عندما عدت من البعثة أن اسكن مكاناً آخر، لكن قررت تجديد بيتنا والاستقرار فيه مع أسرتي، فقلت إنه مجرد مكان في نهاية الأمر ومتى وجدت راحتك فما هي المشكلة؟ نظر إلى في صمت المتأمل ثم قال حقاً هي مسألة نسبية، وعبر التاريخ وجد تفاوت وتباين في مناطق السكنى، لكن لم يقل أحد من يشبه من؟ والسيدة في حديثها لم تحدد طبيعة الشبه هل هو اجتماعي، اقتصادي، ثقافي، أخلاقي فليس بالضرورة اجتماعهم سوياً.
هل تعد مسألة الشبه نفسية في المقام الأول، حيث يتم تصنيف الناس من خلال المكان ، وفي هذه الحالة تكون الرغبة في قطع الصلة أو حضورها بناء على الشبه دون أن نحدد أي معايير للتشابه أو الاختلاف الذي يعبر عن علاقة بين الأشياء تحدد درجة وطبيعة الشبه وفقاً لعناصر محددة، كما يقوم هذا النوع من التصنيف أو التميز أحياناً على حالة شبه اجتماعية حيث السعي إلى إقامة علاقات غير متبادلة مع آخرين من ذوي الشهرة أو الثراء من خلال علاقة أحادية أي التطلع إلى مشابهتهم دون شعور منهم بهذا التطلع أو حتى الرغبة في تبادل العلاقة، إنها علاقة من طرف واحد.
وقد يكون الشبه بمعنى تشابه الصفات بين الأفراد، كالمعتقدات والقيم والثقافة، والحالة المادية، وهنا يكون العامل الحاسم في التواصل وإقامة العلاقة، وحصول الشبه مفهوماً، لكن دلالة السكن في منطقة معينة هي من يحدد الاتصال أو الانفصال في الشبه بين أفراد المجتمع الواحد يضعنا على حافة هاوية العزلة الاجتماعية، والانغلاق الذاتي.
وقد لفت انتباهي منذ سنوات تعليق أحد الأصحاب عندما أعلن بفخر أنه وبعد شراء سيارة فارهة قد انضم إلى جروب لهذا النوع من السيارات، وتصورت ساعتها أن الانضمام جاء بدافع تبادل المعلومات والخبرات بشأن هذا النوع وإمكانياته ومشكلاته أيضاً لكن فاجأني بقوله هذه السيارة صارت دالة على مستوى اجتماعي معين يستحق الانضمام إليه.
ولعل كلمات المبدع (مصطفى الجارحي) ذات دلالة في هذا السياق عندما يكتب أصبحت يا قلبي شوارع.. أسفلت، دكاكين، عربيات مع إن طولك مش فارع.. وتملي عملك بالنيات.









