شهد قادة وملوك ورؤساء حكومات وممثلو أكثر من 79 دولة أمس الاحتفال بميلاد الجمهورية الجديدة التى أطلقها الرئيس السيسى منذ توليه المسئولية وانطلاقه بالعديد من المشروعات القومية والتنموية الكبرى فى ربوع محافظات مصر، التى عانت لسنوات وسنوات من الإهمال أو التقصير نتيجة لغياب الرؤية الاستراتيجية لمكانة وقدرات الدولة المصرية وشعبها العظيم.
وإدراكا من الرئيس لهذه المخططات عمل منذ البداية على مواجهتها مؤمنا بقدرات المصريين وإمكانات الدولة بداية من مكافحة الارهاب والقضاء عليه، وتحقيق الأمن والاستقرار مروراً بإنشاء ستة أنفاق للقضاء على عزلة سيناء عن الوطن «الوادى والدلتا» وإعادة التنمية الشاملة لهذه المنطقة مصدر التهديد الدائم للدولة منذ فجر التاريخ، وفى نفس الوقت يتحرك نحو تنفيذ العديد من المشروعات التى منّ شأنها أن تعيد الحياة والكرامة للمواطنين الذين عانوا على مدار عقود من إهمال الدولة والحكومات المتعاقبة لهم، وعلى نفس المستوى يستطيع الرئيس أن يشعر هؤلاء المواطنين بأنهم شركاء فى بناء الجمهورية الجديدة بملامحها التى نعيش فيها الآن.
وهذا النجاح الذى شهدناه أمس يليق بالدولة المصرية، وبتاريخها ومكانتها سيعكس للعالم حجم ما تحقق من تطورات وإنجازات ضمن مسيرة الجمهورية الجديدة، ويؤكد أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل مشرق يبعث على الأمل والتفاؤل.
أيضا المتحف شاهد على عبقرية المصريين عبر العصور، ومنصة ثقافية وسياحية تُبرز الوجه المضيء لمصر، وتجسد إصرارها على أن تكون دائمًا فى مقدمة الأمم التى تبنى حاضرها من جذور حضارتها العريقة، وقام بتغطيته أكثر من 500 وسيلة إعلامية يعكس مثالاً واضحا، وتأكيدا لميلاد الجمهورية الجديدة بما تضمنه من معروضات تتعلق فى المقام الأول بتاريخ مصر القديمة الفرعونية تعكس ملامح الشخصية المصرية وتأكيدا لهويتها الوطنية التى طالما أكد عليها الرئيس بأن اللحمة الوطنية، واصطفاف الشعب حول الوطن هو الدرع الواقى لأمن واستقرار مصر، وهو الحافز القادر على مواجهة كل التحديات والأزمات التى نواجهها كمصريين.
وكما يقول المراقبون إن المتحف المقام أمام سفح أهرامات الجيزة الخالدة يعد صرحا ثقافيا وأثريا جديدا لا يقل فخامة ولا أهمية عن جيرانه الثلاثة، الأمر الذى جعل الكثيرين يصفون المشروع بـ»الهرم الرابع»، ليس لكونه من أحجار الصحراء، بل لأنه من روح الحضارة ، حيث يحوى بين جدرانه حكايات الملوك والكهنة والجنود والفنانين، وفى قاعاته تسكن كنوز لم يرها العالم من قبل مجتمعة فى مكان واحد ، وبه تفتح مصر بوابة جديدة إلى الخلود، لتعيد للعالم سحرها الأول وتقول إن الحضارة لا تزال تنبض من ضفاف النيل ، وأن مصر باتت أخيرا تمتلك متحفا يليق بتاريخها العريق بعد طول انتظار.
ويستطيع الزائر أن يتجول داخل عرض أثرى تاريخى لفترات عصور ما قبل التاريخ، وعصور ما قبل الأسرات، وعصر بداية الأسرات والدولة القديمة والوسطى والحديثة واليونانى الروماني، والعصر المتأخر، وحتى عصر الانتقال الثالث، بين موضوعات رئيسية للعرض المتحفى تتناول المجتمع، والحكم الملكي، والمعتقدات حتى نهاية العصر اليونانى الرومانى.
وتبقى نقطة أخيرة وتتعلق بكيفية ظهور فكرة إنشاء المتحف المصرى الكبير، وذلك على يد الفنان فاروق حسني، كما يقول بعفوية وبالمصادفة، ولكنها أفضت إلى واحد من أهم المشروعات الثقافية فى القرن الحادى والعشرين، وكما يحكى أنه فى ذات مساء، بينما يتناول العشاء فى معهد العالم العربى فى باريس، إذا بصديق معمارى إيطالى يستفز «حسني» بسؤال عن المتحف المصرى فى التحرير، قائلًا: «هتعملوا إيه فى المخزن اللى فى التحرير؟!»، ليرد عليه «حسني» بشكل تلقائي: «هنعمل أكبر متحف فى العالم فى منطقة الأهرامات»، الإجابة دفعت المعمارى الإيطالى أن يعرض عليه تقديم دراسات الجدوى للمشروع بشكل كامل مجانًا.
ويكمل حسني: الدراسات الأولية للمتحف استغرقت 8 سنوات، بعد إعلان الفكرة فى 1992، وقبل أن نبدأ فى تنفيذ المشروع تم عمل دراسة جدوى له من 6 مجلدات، واستغرقت هذه الدراسة 4 سنوات ونصف السنة، ثم عامًا ونصف العام؛ لعمل كراسة الشروط المرجعية، ثم عامًا لاختيار مَن سينفذ، وقد تقدم للمشروع 1557 بيتًا استشاريًّا فى العالم، وهذا رقم لم يحدث فى أى مبنى فى العالم.
هنا نتوقف كثيراً امام هذه الحكاية لنوضح للعالم والمصريين إصرار القيادة السياسية أن يستمر العمل فى المتحف لاستكمال بنائه رغم الظروف الصعبة التى مررنا بها جميعاً دون استثناء ليقدم بهذا للعالم قدرة مصر وشعبها على البناء والتنمية رغم هذه الظروف عاكسا رسالة للإنسانية أن «مصر أم الدنيا «وشعبها يستطيع أن يجعلها» كل الدنيا» كما وعد شعبها منذ اليوم الاول لتوليه مسئولية إدارة البلاد، وقد حقق ما وعد به فشكرا سيادة الرئيس السيسى على ما قدّمت ومازلت تقدم لمصر وشعبها.
أصدرت مصلحة الخزانة العامة وسك العملة عملات تذكارية غير متداولة من خام الذهب والفضة توثق معالم المتحف المصرى الكبير، باعتباره أحد أبرز المشروعات الحضارية التى تقدمها مصر للعالم فى العصر الحديث، وبوصفه أكبر متحف فى العالم يعكس الحضارة المصرية القديمة.
خارج النص:
على المصريين ألا يقلقوا لما يحدث فى السودان عمق الأمن القومى لمصر، وما يحدث فى القرن الأفريقي، فالقيادة السياسية ترصد وتحلل، وتأخذ القرار المناسب فى الوقت المناسب لها وليس مناسبا لآخرين وأعتقد كده الرسالة وصلت.









