تعتبر منطقة القاهرة الأزهرية مرآة للتعليم الأزهرى بها ما يزيد على 556 معهداً أزهرياً تتنوع بين العام والنموذجى والخاص.. ولذلك يحرص قطاع المعاهد الأزهرية على اختيار قيادات ذات ثِقل تعليمى فى إدارة منطقة القاهرة الأزهرية.. وأبرز المميزات التى يعتمد عليها القطاع فى الاختيار أن تكون تلك الشخصيات لها قدرة على الابتكار والإبداع فى تسيير العملية التعليمية .. «الجمهورية» التقت د.ياسر علام رئيس منطقة القاهرة الأزهرية فى أول حوار صحفى له منذ توليه العمل بالمنطقة مطلع العام الدراسى الحالى.. حيث أوضح أنه حريص على تحقيق أعلى مستوى متكامل بين مثلث العملية التعليمية ممثلا فى الطالب والمعلم والمنهج الدراسى بهدف تبليغ رسالة الأزهر القائمة على الوسطية والاعتدال وبناء الشخصية المصرية بما يتوافق مع رؤية مصر 2030. كاشفا العديد من المبادرات التى تقوم المنطقة بتفعيلها للارتقاء بالعملية التعليمية وأبرزها مبادرة تفعيل مسرحة المناهج، ضمن إستراتيجيات التدريس لتحويل المنهج إلى أسلوب مسرحى فى اللغة العربية والعلوم.
>> بداية نود أن نتعرف على أهم ملامح دور منطقة القاهرة الأزهرية فى خدمة العملية التعليمية والدعوية.
> منطقة القاهرة الأزهرية واحدة ضمن 27 منطقة أزهرية تخضع للإشراف الكامل من قطاع المعاهد الأزهرية وتعمل على تنفيذ التعليمات الواردة من المشيخة، وقطاع المعاهد لخدمة العملية التعليمية بكل أركانها الموجودة، لتوفير بيئة تعليمية صحيحة مناسبة لكل أولادنا بداية من مرحلة رياض الأطفال حتى مرحلة التعليم الثانوى بكل مشتقاتها الفنية والإدارية.
>> هل تشمل جميع المعاهد الأزهرية مرحلة رياض الأطفال؟
> ليست كل المعاهد الأزهرية تشمل مرحلة رياض الأطفال لأنها من ضمن مراحل التعليم الابتدائى، وتستلزم توفير مناخ وإمكانيات مناسبة تتوافق مع الاشتراطات الهندسية وتتم الموافقة عليها من هيئة الأبنية التعليمة فى مشيخة الأزهر.
>> كيف ترون موقع الأزهر الشريف عبر المناطق التعليمية فى الحفاظ على الهوية الدينية والفكر الوسطى المعتدل؟
> منطقة القاهرة الأزهرية تسير على نهج مشيخة الأزهر فى نشر التعليم الوسطى الأزهرى بمذاهبه المتعددة وثقافاته المعتدلة، لمحاربة التطرف فى شتى جوانبه، سواء أكان تطرفا ثقافيا أم تطرفا علميا أو دينيا من خلال المناهج التى نقوم بدراستها وتدريسها وهى المناهج المعتمدة من الأزهر والمجلس الأعلى للأزهر، ويقوم بإعدادها نخبة من العلماء المتخصصين فى هذا الأمر.
>> ما الذى يميز منطقة القاهرة الأزهرية عن غيرها من المناطق من حيث عدد المعاهد أو نوعية الأنشطة والبرامج؟
> تتميز منطقة القاهرة الأزهرية بأنها مرآة الأزهر الشريف وقربها من المشيخة والقطاع وهو مايجعل التركيز عليها والعناية بها أكثر تفعيلا عن طريق دور الأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية بصورة أكبر، وتحرص على التميز الشامل وتطبيق كافة البرامج والمبادرات التى يقرها الأزهر مثل مبادرة الصحة النفسية ومبادرة بداية ومبادرة بناء ومبادرة أراقب أخلاقى وكلها مبادرات يتم تفعيلها داخل المعاهد الأزهرية، وهناك مبادرة جديدة تم إطلاقها هذا العام فى المعاهد الأزهرية وهى مبادرة بناء بهدف بناء الإنسان ومبادرة عقلك أمانة ويتم تنفيذها عن طريق بعض الأنشطة المسرحية حيث تناقش القضايا الأخلاقية والتربوية بصورة بسيطة، عن طريق قصص وحوارات بسيطة مناسبة للمرحلة السنية متضمنة مفاهيم الأخلاق مثل: الصدق، والأمانة، ومساعدة الأخرين، وهذا هو تفعيل مسرحة المناهج، وهى من ضمن إستراتيجيات التدريس لتحويل المنهج إلى أسلوب مسرحى، مثل تدريس درس فى اللغة العربية «كان وأخواتها» و«إن وأخواتها» بصيغة المسرح أو شرح الجهاز الهضمى بنفس الطريقة، بجانب مبادرات راقى بأخلاقى والصحة النفسية ومبادرة بداية التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى بهدف بناء إنسان متطور.
>> كيف يتم اختيار الطلاب الذين لديهم موهبة داخل المعاهد الأزهرية؟
> كل معهد يوجد به من يشرف عليها أخصائي اجتماعى من خلال تكوين جماعات الفصول سواء جماعة الصحافة أو الإذاعة أو التمثيل أو الخطابة ومن خلالهم يتم اكتشاف الطلاب المتميزين حسب ميولهم فى الخطابة أو الشعر أو التمثيل ويتم توظيفهم عن طريق الأخصائى الاجتماعى أو مُدرس اللغة العربية فى المعهد ويجمعهم المسئول الثقافى ويقوم بتوزيع الأدوار.
>> ما هى أبرز ملامح خطة تطوير التعليم الأزهرى داخل معاهد القاهرة؟
> توجد لجنة متخصصة لتطوير المناهج داخل المشيخة يشرف عليها فضيلة الأمام الأكبر ووكيل الأزهر ورئيس قطاع المعاهد الأزهرية، ويتم تطوير المناهج بصفة مستمرة وتمحيصها وتنقيتها من أى زوائد غير مفيدة، وهذا العام تم تطوير مناهج اللغة الإنجليزية بمشاركة جامعة الأزهر والمعاهد، كما أن كتب المستوى الرفيع كانت تأتى من الخارج، لكن هذا العام أصبح الأزهر يقوم بإعداد مجموعة من الكتب قام بتصميمها بمشاركة أساتذة الجامعات والمدرسين.
>> كيف يتم تدريب المعلمين وتطوير قدراتهم بما يواكب مستجدات المناهج الحديثة؟
> إدارة التدريب التربوى بقطاع المعاهد الأزهرية وإدارة التدريب الإدارى بالمشيخة وكلاهما يتكاملان عن طريق حزمة من البرامج لتدريب المدرسين على المناهج الجديدة حتى يتمكن المعلم من تدريسها وتوجد ورش عمل لمدرسى الحصة والوعاظ وأئمة المساجد الذين يشاركون فى التدريس وتدريبهم على المناهج الجديدة، بهدف تنمية قدرات ومهارات المدرسين على الطرق الحديثة والمناهج الجديدة.
>> هل هناك تعاون بين المنطقة وقطاعات أخرى بالأزهر، أو وزارة التربية والتعليم لرفع مستوى التحصيل الدراسى للطلاب؟
> هناك تعاون وبرتوكولات كثيرة مع الجهات الأخرى العلمية والتربية والتعليم مثل تعاون بين الأزهر والتعليم لتبادل الخبرات بينهم حتى تكون هناك تنمية مستدامة عن طريق المشيخة والقطاعات الأزهرية لتبادل الخبرات.
>> كيف تتابعون تطبيق التحول الرقمى فى العملية التعليمية؟
> عن طريق الجولات الميدانية لتفعيل دور معامل الحاسب الآلى داخل المعاهد، وتوفير الأجهزة، وشبكات الأنترنت، والتسجيل الرقمى لشئون الطلاب حتى يكون التحديث مستمر.
>> كم عدد المعاهد التى يوجد بها سبورات ذكية؟ وما البدائل إذا لم تتوافر؟
> تصل نسبة المعاهد التى يوجد بها سبورات ذكية من 60 إلى 55 ٪ من نسبة المعاهد حسب الإمكانيات المتاحة واحتياجاتها وإذا لم تتوافر السبورات فتوجد شاشات العرض «data show» وهذه يتم تفعيلها عن طريق فلاشه الإنترنت وذلك من مرحلة رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية ونجد أن نسبة كبيرة من المعاهد تم توصيل الإنترنت إليها لتفعيل التحول الرقمى سواء كان إنترنت أرضى أو فلاشه وتكاد تكون التغطية بنسبة 100 ٪ كل المعاهد تعمل بها شئون الطلبة بالتحول الرقمى حتى يتم استخراج بيانات النجاح والتدرج الدراسى والكنترولات.
>> ما أهم البرامج التربوية أو الثقافية التى تنفذ لترسيخ القيم الأخلاقية والانتماء الوطنى لدى طلاب المعاهد؟
> هناك مبادرات مفعلة داخل المعاهد، وكل أسبوع توجد قيمة أخلاقية تفعل عن طريق المسرح، أو اللوحات أو الإذاعة المدرسية أو كلمات الصباح لترسيخ هذه القيم فى وجدان الطلاب، ونشيد الصباح يردد يومياً لترسيخ مفاهيم الوطنية وحب الوطن، وجميع الأنشطة مفعلة بجميع القطاعات،وهناك مسابقات أخرى، مثل: مسابقة الأمام الأكبر للقرآن الكريم، ومسابقة السُنة النبوية لترسيخ القيم الدينية والأخلاقية والانتماء للوطن والدين، وشارك فيها هذا العام أكثر من 300 متسابق، وتوجد بها مستويات، ويتقدم الطالب للمسابقة عن طريق كتابة استمارات ويتم إجراء اختبارات إلكترونية عن طريق جهاز يدخل عليه الطالب ويجيب عن الأسئلة، ويتم تصويره أثناء الإجابة على الأسئلة، لتطبيق نظام الشفافية والموضوعية، وهذا يطبق فى جميع المسابقات، وعند الإجابة الخطأ يتم خصم درجة، وذلك حتى نبعد عن أهواء المعلم وهذه المسابقات تبدأ من مرحلة رياض الأطفال.
>> كيف ترون دور الوعظ والأنشطة الدعوية التى تنسقها المنطقة مع مجمع البحوث الإسلامية؟
> أى منطقة أزهرية لها شقان: الأول: التعليم ويمثله قطاع المعاهد الأزهرية، والثانى: الدعوى ويمثله مجمع البحوث الإسلامية وتتبعه فنياً، وهناك تكامل بينمها حيث يشارك الوعاظ فى إلقاء دروس داخل المعاهد سواء كانت دروس دينية أو فى كلمات الصباح، كما أن الوعاظ يشاركون فى التدريس لسد العجز الموجود فى التدريس خاصة فى اللغة العربية أو المواد الشرعية، أو القرآن ويوجد تناغم ولقاء دورى لإلقاء محاضرات وندوات دينية تعليمية تثقيفية داخل المعهد سواء بنات أو بنين.
>> وكيف يتم سد عجز المدرسين المتواجد داخل المعاهد؟
> نسبة العجز ليست فى الأزهر فقط ولكن هناك حلول نقدمها من خلال معلمى الحصة والخدمة العامة ويتم منحهم مكافأة مقطوعة نظير العمل سواء فى رياض الأطفال أو القرآن الكريم عن طريق الوعاظ أو ائمة المساجد.
>> ما أبرز التحديات التى تواجه المنطقة سواء فى البنية التحتية أو الكوادر البشرية؟
> أبرز التحديات فى الكوادر البشرية هى نسبة العجز والذى يزداد كل عام نتيجة الوفاة أو المعاش وهذا أكبر تحد، ونحاول أن نتغلب عليه، أما البنية التحتية فالأزهر يحاول أن يوفر البنية الأساسية وبيئة تعليمية جيدة وصحية للطلاب عن طريق توفير الديسكات والسبورات ونظافة المعاهد.
>> كم عدد المعاهد الأزهرية الموجودة فى منطقة القاهرة؟
> قرابة 556 معهد ويتم مخاطبة المحافظة لتوفير بعض الأراضى فى المدن الجديدة، ونحن فى سبيل تخصيص بعض الأماكن فى القطامية والمعادى لتخدم هذه المناطق البعيدة فالأزهر لا يتوانى عن توفير أى مكان لاستقبال أى طالب.
>> كيف تتعاملون مع ظواهر الغياب أو التسرب من التعليم داخل بعض المعاهد؟ وما الجهود المبذولة لمتابعة المعاهد ذات الكثافة العالية من الطلاب؟
> بالنسبة للغياب فدفتر 5 سلوك مفعل منذ اليوم الأول للدراسة، ويتم ارسال إنذارات بصفة مستمرة لولى الأمر لنُعلمه بغياب نجله، والباقى من المدة القانونية، وإذا تخطى هذه المدة يتم فصله، وعمل إجراءات إعادة القيد كما أن هناك إجراءات أخرى كما يتم تطبيق اللائحة الطلابية لتحقيق الانضباط داخل المعاهد وهناك تقارب بين لائحة الازهر ولائحة التربية والتعليم، فإذا أخطأ الطالب يتم معاقبته بعيدا عن العقاب البدنى والنفسى، ومحاسبته إذا تلفظ بألفاظ غير لائقة، وتطبيق اللائحة على الطالب داخل المعهد وعلى حسب الخطأ تتدرج العقوبة.
>> كيفية متابعة الطلاب فى حفظ القرآن وإذا تباطأ أحد الطلاب كيف نتعامل معه؟
> حفظ القرآن يتم بالمتابعة ويشرف عليه مدرس القرآن ومشرف المعهد مع متابعة حصة بحصة والتدوين فى كراسة الطالب حتى يتمكن ولى الأمر من متابعة الطالب، وإذا لم يحفظ أو حدث قصور يتم عمل استدعاء لولى الأمر ليعلم بقصور نجله فى التحصيل الدراسى، حيث إن المتابعة مشتركة حتى تكون الكفة متوازنة، لأن حفظ القرآن له طبيعة خاصة إن لم يتابع الحفظ والمعاهدة والورد اليومى باستمرار يتبخر.
>> كيف ترون مسئولية التعليم الأزهرى فى بناء وعى الشباب تجاه قضايا الوطن ومواجهة الأفكار المتطرفة؟
> نظرة المجتمع إلى الأزهر على أنه قِبلَةَ العالم وإمام الوسطية لمواقفه المشرفة ومناهجه الوسطية التى تبث فى أولادنا الوسطية والاعتدال والتنوير ودراسة المذاهب الأربعة داخل الأزهر وجنباته وهذا أكبر دليل على تقبل الرأى الأخر فالتطرف يأتى من عدم تقبل الرأى الأخر لكن طالما أعتاد الطالب على أن هناك مذاهب هذا يقول يجوز وهذا يقول متاح ومكروه فالطالب يعتاد على تقبل الرأى الأخر بالعقل والمنطق بعيداً عن الغلو والتطرف.
>> إلى أى مدى تساهم المنطقة فى المبادرات المجتمعية مثل حياة كريمة أو حملات التوعية الوطنية؟
> تساهم منطقة الأزهر التعليمية فى جميع المبادرات، ومختلف الجهات لعمل ندوات فى كيفية الحفاظ على المياه، ومناقشة التسرب من التعليم، والزواج المبكر، وكثرة الإنجاب، وإهمال صحة الأم والطفل ومخاطر الأكلات السريعة فى الإصابة بالتسمم الغذائى نتيجة التلوث.
>> ما رؤيتكم لمستقبل التعليم الأزهري فى القاهرة خلال السنوات القادمة؟
> نرجو أن نكون من أفضل المناطق ونعمل على التطوير الإدارى داخل المؤسسة نفسها، فنحن نبنى تنظيم العمل الإدارى من خلال شئون العاملين والحسابات، حتى لا تكون هناك تأخيرات، وإزالة كل العقبات، وتوفير الكوادر الإدارية لسد العجز، وتدوير الناس والتأكيد على الإستراتيجيات الحديثة، وتوفير الاحتياجات المادية للمعاهد، سواء أجهزة كمبيوتر أو شاشات أو غيره وزيادة الدورات التدريبية الفعلية وتوفير الكتاب وتطوير المعاهد الأزهرية عن طريق الترميمات والصيانات العاجلة والترميمات المستقبلية، وزيادة عدد المعاهد المعتمدة من إدارة الاعتماد والجودة، فكل عام يتم ضم عدد جديد من المعاهد وهناك متابعة جادة لتحقيق شرط الـ65 ٪ من بداية العام الدراسى فنحن نبدأ التخطيط من الآن للمعهد الذى سيضم وتطبيق الاشتراطات الهندسية لمنظومة الحريق ودورات المياه وجارى العمل على ضم 4 معاهد خلال الأشهر القادمة.
