لا شك أن مصر قد نجحت بامتياز فى عقد قمة سلام دولية فى شرم الشيخ جمعت فيها قادة أوروبا والشرق الأوسط فى خطوة غير متوقعة لمعالجة الأزمة الفلسطينية، وتم فيها أنجاز اتفاق وقف إطلاق النار بين الكيان الإسرائيلى والفصائل الفلسطينية فى غزة وسط توقعات بتحولات جيوسياسية كبرى، وهو مالم يكن يتوقعه أكثر المتفائلين ولايخطر على بال أحد على وجه الأرض،وكانت الرسالة الواضحة من تلك القمة ان المنطقة على أعتاب فصل جديد يبدأ من مصر دولة الشرف والنزاهة.
ولأن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة كان لنجاح قمة شرم الشيخ انعكاسات كبيرة على نجاح مصرأيضا فى تحقيق مكاسب اقتصادية لمصروكذلك لدول الشرق الأوسط بعد اتفاق وقف أطلاق النار،لأن هذا الاتفاق يمهد الطريق لتعافى اقتصادى إقليمى،مع عودة جزئية للأمن والاستقرار مما يساهم فى استئناف حركة التجارة عبر قناة السويس،وكذلك تعزيز الإيرادات السياحية والاستثمارية فى مصرودول المنطقة، وكذلك فالهدوء الإقليمى سيزيد الثقة فى الممرات البحرية ويخفض تكاليف الشحن،مما ينعكس إيجابًا على انخفاض التضخم،إلى جانب تعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية والمحلية فى مشروعات كبرى مثل المنطقة الاقتصادية لقناة الســويس وقطــاع الطاقة،ودعم شركات المقاولات والإعمار المصـرية،كما ستساهم هذه المرحلة من الاتفاق فى زيادة الإيرادات السياحية لمصر، حيث يتوقع أن يحقق القطاع أعلى الإيرادات فى عام 2026 بعد النمو الملحوظ فى العام الحالى،بالأضافة الى افتتاح المتحف المصرى الكبير السبت القادم،إضافة الى تحسين الوضع المالى العام،مما يعزز الاستقرار الاقتصادى ويخلق فرص نمو ملموسة على المدى القريب.
وفى تصورى ان أول المكاسب الاقتصادية وأبرزها كانت فى قمة بروكسل التى عقدت فى 22 من الشهر الجارى فى مقر المجلس الأوروبى بعاصمة بلجيكا بروكسل،لأنها تعتبر اللقاء الأول من نوعه بين مصر والاتحاد الأوروبى المكون من 27 دولة،وتأتى تتويجًا للشراكة الاستراتيجية الشاملة التى أُطلقت رسميًا فى القاهرة فى مارس 2024،وكانت أهداف تلك القمة تعزيز التعاون فى مجالات متعددة،بما فى ذلك الاقتصاد،الطاقة،الأمن الإقليمى،الهجرة غير الشرعية،والاستثمارات المشتركة،مع التركيز على بناء ممرات استثمارية استراتيجية وتعزيز الاستدامة البيئية والابتكار.
والحقيقة التى لا يمكن أنكارها ان القمة المصرية الأوروبية تعزز مكانة القاهرة كشريك استراتيجى قوى لأوروبا ونتائجها ستكون قوية،خاصة ان مصر تعد مكسباً استراتيجياً كبير للاتحاد الأوروبى ولديها من الأدوات والمقومات الإقتصادية التى تجعل منها شريكا ناجحا وجاذبا للإستثمارات الأوروبية،حيث ان موقع مصر الجغرافى يسهل من أواصر الترابط الإقتصادى فى عدد كبير من المشروعات العملاقة،كخطوط تصدير الغاز الطبيعى من مصر لأوروبا وخطوط الكهرباء بين مصر واليونان ثم إلى أوروبا،ثم فى مجال النقل حيث الشرايين الإقتصادية فى البحر المتوسط وعبر البحر الأحمر من خلال قناة السويس،وبالأضافة الى انه خلال الأعوام الخمس الماضية شهدنا تعاظما كبيرا فى حجم صادرات مصر من الحاصلات الزراعية لدول أوروبا،حتى أصبحت الوجهة الأولى لأوروبا فى الحاصلات الزراعية،كما أن إقتصاد مصر الناشئ والبنية التحتية التى تم أنجازها فى سنوات قليلة شكلت عنصرا جاذبا للإستثمارات الأوروبية خلال السنوات القادمة من خلال شركات رائدة على مستوى العالم بعدد من الصناعات الثقيلة على الأراضى المصرية .
كلمة فاصلة :
ببساطة ..أصبحت العوامل الاقتصادية المشتركة والشراكة الإقليمية والطبيعة الجغرافية هى السمة الغالبة على طبيعة العلاقات بين مصر ودول أوروبا وأصبحنا أمام بوادر تحالف يحقق مصالح اقتصادية هائلة بالنسبة لمصر و دول أوروبا،وتحول مصر من إقتصاد ناشئ لقوة اقتصادية عظمى فى العالم بدت ملامحه تظهر فى الأفق وتكتمل من خلال تحقيق رؤية مصر 2030 حفظ الله مصر وأهلها .









