>> تواصل مصر دورها كأول دولة فى التاريخ.. والبلد التى أشرقت على أرضها شمس الحضارة.. فبعد أيام من احتضانها مؤتمر السلام فى شرم الشيخ الذى أوقف نزيف الدماء فى غزة.. تهدى العالم بعد غد منارة ثقافية للتراث الإنسانى.
حدوتة المتحف المصرى الكبير بدأت بفكرة وحلم لتشييد مكان يليق بكنوز الفراعنة التى لم يعد يتسع لها متحف التحرير الذى افتتحه الخديو عباس حلمى الثانى عام 1920 لدرجة أنه تم نقل 22 مومياء ملكية منه إلى متحف الحضارة فى الفسطاط عام 2012 فى موكب كبير شاهده العالم على الهواء وانبهر به.
فكرة المتحف المصرى الكبير الذى يتم افتتاحه بعد غد «السبت» كانت حلماً للفنان فاروق حسنى وزير الثقافة منذ عام 1998.. وتم وضع حجر الأساس للبناء فى عهد الرئيس الراحل حسنى مبارك عام 2002.. وبدأت عمليات الإنشاء عام 2005 وبعدها تم إنشاء مركز لترميم وصيانة الآثار التى سيتم عرضها.. واختير تمثال رمسيس الثانى الذى يزن 83 طنا من الجرانيت وطوله 36.11 متر ليوضع فى البهو الرئيسى للمتحف وكان لابد من نقله من مكانه فى ميدان رمسيس ليتم البناء عليه وبالفعل تم ذلك عام 2006 فى موكب مهيب شاهده العالم على الهواء.. ولم يكن هذا النقل الذى تم بمعرفة مهندسى وعمال شركة «المقاولون العرب» هو الأول للملك رمسيس فقد نقل قبل ذلك عام 1955 من مكان اكتشافه بميت رهينة بالجيزة إلى ميدان «باب الحديد» وصنعت له نافورة أمام محطة السكة الحديد ومن يومها أصبح اسمه ميدان رمسيس أحد أشهر ميادين قاهرة المعز!!
استمر العمل فى المتحف حتى جاءت أحداث ثورة 25 يناير 2011 فتوقف العمل ثم عاد المشروع للحياة حتى آخر عام 2014 واكتمل البناء عام 2021 وبدأ التشغيل التجريبى له فى أكتوبر 2024 وأصبح جاهزاً للافتتاح وتم تحديد يوليو الماضى موعداً لذلك ولكن الهجوم الإسرائيلى على إيران وظروف المنطقة أجلت الافتتاح إلى الأول من نوفمبر ووجهت الدعوات للرؤساء والملوك والأمراء وكبار الشخصيات وأرسلت الدعوات بشكل يليق بالحدث الكبير فمنها على شكل مجسم للمتحف وأخرى على هيئة تابوت به تمثال لتوت عنخ آمون.. وبدأت الصحف ووسائل الإعلام ووكالات الأنباء تتحدث عن تحفة معمارية حضارية ومنارة جديدة للتراث الإنسانى على أرض النيل.. والجميع ينتظرون ما ستقدمه مصر من إبهار فى حفل الافتتاح!!
ولأنه أكبر متحف فى العالم يضم كنوز حضارة واحدة فقد تكلف 2.1 مليار دولار منها 760 مليون دولار بقرضين من اليابان عن طريق وكالة «الجايكا» والباقى من خزينة الدولة أى من أموال الشعب لذلك نأمل من القائمين على المتحف والاحتفالية الاهتمام بحضور «المواطن العادى» الافتتاح ولو يتم اختيار ممثل عن كل محافظة «مواطن أو مواطنة» من «الشخصيات العادية» عن كل الفئات والطبقات.. نتمنى أن نرى أحفاد الفراعنة أبناء الشعب من العمال والفلاحين والسيدات المعيلات والشباب.. كما أن من المواطنين من عانوا أثناء البناء وغلق الشوارع المحيطة لتطويرها ومن حقهم أن يتواجدوا «يوم الفرح».. وهذا يزيد من «الانتماء» فهو ليس كلاما ولا شعرا ولكنه إحساس وشعور وأفعال ومشاركة!!
يضم المتحف آلاف القطع ومنها ما يعرض لأول مرة ومن بينها أكثر من 5 آلاف قطعة من كنوز توت عنخ آمون والتى وجدت كاملة فى مقبرته وتعرض مجتمعة للمرة الأولى فى متحف تم الالتزام فيه بطرق البناء الأخضر والإضاءة الطبيعية ومتوافق مع البيئة وهو ما أهله ليكون أفضل مشروع لعام 2022 فى مجال البناء الأخضر وبالتأكيد سيكون مرشحا ليفوز بأهم مشروعات القرن الـ 21 المعمارية كما كان السد العالى الأهم فى القرن العشرين.. فمصر عندما تبنى تكون مشروعاتها نموذجا حضاريا فهى التى علمت العالم تشييد المعجزات.. ومن لا يصدق فلينظر إلى الأهرامات وأبوالهول والمعابد والمتحف المصرى الكبير.. فبناتها كفونى الكلام عن التحدي!!
يبقى أننا نريد أن تعبر الاحتفالية عن مصر وأصالتها وحضارتها وثقافتها وفنونها وتراثها.. وأن يستقبل الضيوف طابور من الأطفال يرتدون الأزياء الفرعونية ويعطونهم الورود فهؤلاء يؤثرون أكثر من الكبار.. ولا مانع من منح كل ضيف لوحة من ورق البردى مكتوبا عليها اسمه باللغة المصرية القديمة «الهيروغليفية» وتحتها اسمه بالعربى وبالانجليزى أو بلغة بلده وهذه الأشياء تظل ذكرى للضيف.. وهذا إلى جانب ما كتبته وغيرى طوال الفترة الماضية من أفكار ومنها إقامة زيارة المتحف للمصريين بأسعار تناسب الأسر المتوسطة والبسيطة حتى يكون المتحف فى متناول كل المصريين!!
جذب السائحين.. فن وذوق وأخلاق!!
>> يتوقع الخبراء زيادة أعداد السائحين بعد افتتاح المتحف الكبير.. وبالتأكيد سيكون بث الحفل على الهواء خير دعاية لمصر ويساهم فى تنشيط السياحة واجتذاب العديد من الزوار خاصة عشاق السياحة الثقافية ومحبى الآثار.
.. وتسعى الدولة للوصول إلى رقم 30 مليون سائح بحلول عام 2030 حيث من المتوقع وصول عددهم مع نهاية ديسمبر إلى 18 مليون سائح خلال عام 2025.
إذا أردنا بالفعل زيادة عدد السائحين وتحقيق عائدات أكبر من العملة الصعبة.. فلابد من دراسة معوقات الاستثمار السياحى وأهمها ارتفاع أسعار الأراضى فى المناطق السياحية وتأخير إصدار التراخيص.. وكذلك لابد من بحث هموم المرشدين السياحيين الذين يظل أغلبهم بلا عمل لفترات طويلة.. والأهم من كل ذلك فإن السياحة تربية وثقافة ومعاملة.. وعلينا العودة إلى أخلاقيات المصرى «ابن البلد» الشهم الذى يستقبل الضيوف ببشاشة ولا يضحك عليهم ولا يعاملهم «بفهلوة» فى التاكسيات والبازارات والمطارات.. فالمعاملة الحسنة هى التى تعيد السائح مرة أخرى وتعطيه انطباعا جيداً عن البلد وأهلها!!
علينا مراجعة المنظومة السياحية.. وعلاج مشاكل كل عناصرها ومعرفة أن تنشيط السياحة واجتذاب السائحين يحتاج إلى جهد وعمل شاق.. والأهم إلى فن فى التعامل وذوق وأخلاق.. وعندها سنستقبل أكثر من 50 مليون سائح خاصة وأن مصر تمتلك كافة المقومات وتتميز بتعدد المقاصد السياحية!!
أرض الزمالك.. وأحزان الجماهير!!
>> مازالت أزمة أرض نادى الزمالك التى قام جهاز مدينة حدائق أكتوبر بسحبها فى أغسطس الماضى بلا حل رغم مرور أكثر من شهرين.. وقد أثار تصريح الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة جماهير نادى الزمالك بدلا من طمأنتهم.. حيث قال إن المشكلة قد يتم حلها قريباً بعودة الأرض أو استبدالها بأخري!!
وهذا الطرح لا ترضاه الجماهير ولا أعضاء النادى العريق الذين أهلوا أنفسهم على أن المقر الجديد للنادى والاستناد سيقامان فى هذا المكان ولا يرضون ببديل أخرى خاصة وأن هذه الأرض كانت بديلا عن الأرض الأولى التى تم تخصيصها منذ أكثر من 20 عاما أمام دار الفؤاد!!
من يرحم جماهير وأعضاء الزمالك من القلق ويعيد لهم أرضهم مع أخذ كافة الضمانات والبدء فورا فى أعمال البناء دون أى مهلة جديدة.. هذا هو الحل الذى ينتظرونه ولا يتوقعون غيره؟!









