فى الزمن الماضى كانت الانتخابات تتم بين المنافسين بشرف. هكذا تعلمنا ولن أنسى أبداً هذا الموقف النبيل من قيادة حزبية كبيرة رحمه الله وكان مرشحاً. وكنت أُقدم مؤتمراً انتخابياً له. وفى مرحلة الشباب وإبان هيمنته يومها، كان مما قلت: «ستكون معركة فاصلة؟!» إلى آخر مما قلت. وسمعنى صاحب الشأن وقد بدأ حديثه: «إنها منافسة شريفة، فكلانا يسعى لخدمة الناس والدفاع عن مصالحهم، فكيف تكون معركة؟ المعركة لا تكون إلا بين حق وباطل، ونحن نسعى سوياً لتمثيل الدائرة لإحقاق الحق ونبذ الباطل.» هكذا كانت أخلاق المرشحين. لم نرَ منهم تحقيراً ولا ضرباً تحت الحزام ولا لَمزاً للمرشح المنافس، بل كانوا جميعاً يتنافسون فى ظل ميثاق شرف أخلاقي. هذا السلوك الراقى لماذا غاب عن المشهد هذه الأيام؟ ومن خلال المتابعة لما يدور فى كثير من الدوائر الانتخابية بين المرشحين وأنصارهم، أرى خروجاً على مقتضى الدعاية الانتخابية، وتشويه متعمد لسيرة الناس ورميهم بما ليس فيهم. وهى سلوكيات كانت غريبة على مجتمعنا حتى وقت قريب. أخلاقيات الانتخابات يجب أن تعود إلى الأزمان اليانعة حيث التواد والتراحم واحترام الآخر. صحيح أن القوانين كفيلة بردع من تسوّل له نفسه التنمر والتحقير من شأن الآخرين، ولكن من منهم يمتلك وقتاً للدخول فى دائرة التقاضى والسعى فى أروقة المحاكم؟ أنصار المرشحين، وهو ما يجب أن يدركه المرشح من خلال التشديد على مناصريه الالتزام بحسن الخلق وتعليمات الدعاية الانتخابية التى رسمتها القوانين، وفيها صمام الأمان للخروج بالعملية الانتخابية فى صورتها المرجوة. فى مواسم الانتخابات، وتبقى الإشاعات تطارد الناس وتنال من سمعتهم. الأحزاب هى الأخرى منوط بها الترسيخ للقيم والمثل فى مواسم الانتخابات من خلال توجيه المرشحين ومحاسبة من يخالف ذلك، تكون المنافسة شرسة وعلى أشدها إلا أنهم يلتزمون بالتعليمات، ويُرَسِّخون لمخالفة الرأى الآخر التى لا تفسد للود قضية انتخابات مجلس النواب هل تشهد نموذجا جديدا من الرقى ومنافسة شريفة. يخرج منها الجميع دون تقطيع لأواصر الرحم وتنتهى أيضا بإعلان المرشح الفائز أنه نائب للجميع من قال له نعم ومن قال له لا. هذا ما ننتظره.
وما ذلك على الله بعزيز. حفظ الله مصر وشعبها وجيشها وقائدها الرئيس عبدالفتاح السيسي. اللهم آمين.









