أجمع الخبراء المشاركون فى مؤتمر الشرق الأوسط السادس لصحة اليافعين الذى نظمه التحالف العربى لصحة وطب المراهقين واستضافته مدينة تونس الأسبوع الماضى أن حوادث الطرق تعد من أهم أسباب وفيات المراهقين فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن المتعارف عليه فإن حوادث الطرق تمثل مشكلة صحية عالمية مقلقة؛ إذ تقدر منظمة «اليونيسف» أن نحو 1.3 مليون شخص يلقون حتفهم سنويا بسبب حوادث الطرق، من بينهم 220 ألفا فى الفئة العمرية ما بين 5 الى 19 عاماً.
وفى مصر، أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء هذا العام أن حوادث الطرق والمركبات تمثل نحو 18 فى المائة من إجمالى الوفيات، بمعدل 42 وفاة لكل 100 ألف مواطن، وهى من أعلى النسب فى الشرق الأوسط، كما أن أغلب الضحايا هم من الفئة العمرية 15 إلى 25 عاماً، إلى جانب أعداد مضاعفة من المصابين الذين يصابون بعاهات مزمنة. مشكلة خطيرة، ولكنها قابلة للسيطرة إذا ما وضعت الخطط الجادة للوقاية منها. فحوادث الطرق لا تنشأ من فراغ، بل نتيجة خلل بشرى أو فنى أو بيئي. فالسائق قد يكون غير مؤهلاً للقيادة، أو متهورا، أو فاقدا للتركيز بفعل الإرهاق أو تعاطى المخدرات. وكثيرون لا يلتزمون بإجراءات السلامة أثناء القيادة. وتعد المركبات الثقيلة من أبرز مسببات الحوادث على الطرق السريعة، بينما تحول الموتوسيكل إلى ما يشبه النعش الطائر فى شوارعنا؛ ففى عام 2023 لقى 970 شخصا مصرعهم فى مصر بسبب حوادث الموتوسيكلات، فضلا عن أضعاف هذا العدد من المصابين بإصابات بالغة. وغالباً ما تكون إصابات الدراجات النارية أشد فتكا من غيرها.
أما التوك توك، والذى غير ملامح حياتنا اليومية، فقد أصبح داء آخر يجوب الشوارع بلا ضابط أو قانون أو أدنى التزام. وإلى جانب ذلك، فبعض الطرق ليست آمنة.. وحتى الآن لم نجد حلاً لمشكلة عبور المشاة فى شوارعنا، بينما تعانى كثير من الطرق من سوء الرؤية ليلا، أو امتلائها بالمطبات والحفر التى تفاجئ السائقين، فتقودهم إلى الاصطدام بسيارات أخرى أو بأعمدة الإنارة أو حتى بالأشجار.
أسباب حوادث الطرق معروفة بصفة عامة، لكن لكل مجتمع أولوياته الخاصة به.. ولابد من الدراسة المتعمقة لواقع كل مجتمع على حدة لتحديد مكامن الخطر ووضع خطة عمل فعالة ومستدامة لمواجهتها.
وفى مصر، هناك وعى متزايد بمشكلة القيادة تحت تأثير المخدرات، وهو تطور إيجابي، لكن منظومة استخراج رخص القيادة تحتاج إلى مزيد من الانضباط، وكذلك إجراءات الفحص الفنى للمركبات التى تتطلب إعادة نظر شاملة. أما الموتوسيكلات، فيجب تطبيق القانون بصرامة على المخالفين، فالقانون يلزم بارتداء خوذة الرأس لسائقيها ومن معه.. فهى تقى من نحو 70 فى المائة من إصابات الدماغ القاتلة، لكنها للأسف نادرة الوجود فى الشارع المصري.
وفيما يخص التوك توك، فلا بد من تقنين أوضاعه بصرامة: بحيث يكون السائق راشدا، خاليا من السوابق، حاصلا على رخصة قيادة، ويعاقب على أى مخالفة مرورية، مع حظر سيره تماماعلى الطرق الرئيسية. وقد يتطلب ذلك تكثيف التواجد الأمنى المتحرك لشرطة المرور فى جميع المناطق.
أما الطرق نفسها، فإصلاحها وتمهيدها وإزالة العوائق والمطبات العشوائية أمر بسيط لكنه بالغ الأهمية لحماية الأرواح. ولعل من المفيد أن يخصص كل حى فى المدن خطا هاتفياً للإبلاغ عن معوقات الطرق، وسأكون أول من يستخدمه للإبلاغ عن كسور الأسفلت على طريق الكورنيش فى المعادي، تلك التى نتعايش معها منذ سنوات طويلة وكأنها أصبحت جزءا من معالم الحي!
نحن قد لا نملك أن نعيد من فقدناهم على الطرق، لكننا نملك أن نحمى من بقي. ولابد من تعاون الشعب مع الحكومة بالوعى والانضباط والمسئولية ولعلنا نشرك شبابنا فى الحد من هذه المشكله فهو الرائد دائما فى العطاء.
 
		 
		
 
  
 







