فى مارس عام 2010 سافرت فى رحلة سياحية لتركيا زرت خلالها مجموعة من المعالم الآثرية بمدينة اسطنبول وكان من ضمن ما زرته جامع السلطان أحمد المعروف بالجامع الأزرق نسبة إلى البلاطات الخزفية التى تكسو جدرانه ويغلب عليها اللون الأزرق وفى ساحة المسجد وضعت مسلة فرعونية وقف أمامها المرشد التركى يتحدث باللغة الإنجليزية مدعياً أنها تنتمى لعصر الدولة العثمانية وهو ما لم استطع عليه صبراً وقاطعت حديثه للتأكيد على أنها مسلة مصرية وأن عصر الدولة العثمانية لم يعرف المسلات وهو ما جعله يشعر بالخجل وأعاد المعلومة بشكل صحيح.
يرجع تاريخ هذه المسلة إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد وتحديداً تحتمس الثالث وكان يبلغ طولها 30 متراً لكنها تعرضت للضرر أثناء نقلها من مصر إلى اسطنبول على يد الإمبراطور الرومانى ثيودوسيوس الأول فى عام 390 بعد الميلاد ليصل طولها إلى ما يزيد على 18 متراً قليلاً الأمر الذى أثار وقتها حالة من الغضب داخلى وآثار بلدى المنهوبة باتت معلماً سياحياً فى بلد آخرى.
فى نهاية أكتوبر عام 2011 كانت زيارتى الأولى إلى العاصمة الألمانية برلين وزيارة سورها التاريخى لتتملكنى حالة من الدهشة فكيف لهذا السور ذى الأعمدة الحديدية أن يصبح مزاراً ومعلماً تاريخياً ومقصداً سياحياً فى الوقت الذى يعانى سور مجرى العيون بتصميمه الفريد كمجرى مائى لنقل المياه من نهر النيل إلى القلعة من الإهمال والعشوائية فى قاهرة المعز.
فى سبتمبر عام 2016 جاءت الزيارة الثانية لألمانيا ليأتى من ضمن برنامج الرحلة زيارة المتحف المصرى فى برلين.. وقتها كنت فى قمة الغضب أن تنهب كل هذه الآثار لتتحول إلى متحف يرتاده السائحون من كافة بقاع العالم فى الوقت الذى نملك نحن من الكنوز الآثرية آلاف القطع ولم ننجح فى الترويج لها بهذا الشكل.
الشهر الماضى كانت لى محطة جديدة مع ألمانيا حيث زرت متحف التاريخ الطبيعى لتتملكنى الدهشة من نجاح المكان فى استقطاب الزائرين له فى حين أن متحف العلوم فى مدرسة دمياط الثانوية العسكرية التى كانت تقع فى مواجهة مدرستى الثانوية وكنا نذهب له فى رحلات علمية يضم من المقتنيات ما يفوق قيمة ما شاهدته فى هذا المتحف.
شعور الغيرة يسيطر على فى كل زيارة خارجية وأنا أرى أشياء لا تقارن بالكنوز المصرية باتت قبلة للسائحين من كل دول العالم فى حين نقف نحن عاجزين عن فعل ذلك ولا اعرف سبباً لهذا العجز حتى كانت مجموعة المتاحف التى تم افتتاحها مؤخراً بداية لإصلاح إهمال دام لسنوات فجاء متحفا شرم الشيخ والحضارة بمثابة بأرقة أمل تنير لنا المستقبل وهو ما تواصل ضمن مشروع تطوير القاهرة التاريخية لتنفض التراب من على الكثير من آثارها الإسلامية ومن ضمنها سور مجرى العيون الذى لفظ العشوائية من حوله.
خلال أيام ستشهد مصر بل العالم الحدث المرتقب بافتتاح المتحف المصرى الجديد فى منطقة الأهرامات لنعيد من خلاله تقديم الحضارة المصرية وكنوزنا الآثرية للعالم فى خطوة ربما تأخرت لكن من العظيم أن تحدث لتعيد لمصر مكانتها التاريخية وهو ما أتمنى أن يتواصل فكل قطعة على أرض مصر هى حكاية تاريخ.









