المسرح فى مصر موجود على الأرض منذ الأزل، وعبر مراحل وسنوات التاريخ تشكّل وتطور حتى أصبح هناك ما يُعرف بالمسرح المصري.
ومرورًا بمحطاته المختلفة، تأكد وجوده الفاعل، خاصة فى حقبة الستينيات، ثم السبعينيات، وحتى اليوم. ورغم فترات الازدهار، إلا أنه مر أيضًا بمراحل من التعثر، ظهرت خلالها تجارب فردية ناجحة كان أبطالها المؤلفون والمخرجون.
لكن مع مرور الوقت، تعددت المصطلحات التى ساهمت فى مزيد من الارتباك، مثل «موت المؤلف» و«الدراماتورج»، وهى محاولات – فى معظمها – فاشلة للنهوض بالمسرح.
حتى جاء مسرح الثقافة الجماهيرية ليلعب الدور الأهم كبديل ناجع ومفيد لمسرح الدولة. وبين التعثر والنهوض، عاش المسرح المصرى فى حالة من التوتر والقلق، إلى أن تحوّل اسم «الثقافة الجماهيرية» إلى هيئة قصور الثقافة، فاستمر المسرح داخلها بين صعود وهبوط وفق مقتضيات الواقع.
ويهمنى هنا أن أشير إلى أنه بعد أن تخلّت فرقة السامر النوعية عن رسالتها الأساسية فى إحياء وتقديم المسرح التراثى والشعبي، برزت فرق نوعية عظيمة لا مثيل لها، أبرزها فرقة الغورى للمسرح التراثي، التابعة لقصر ثقافة الغوري، والتى غابت عن الساحة لسنوات.
ومن هنا أوجّه سؤالي: أين هذه الفرقة الآن؟ وأطالب وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو بالنظر فى إمكانية إحياء هذه الفرقة صاحبة التاريخ الطويل والعميق والمؤثر، ونتمنى ردًا حول إشكاليتها الحالية.
أما الفرقة الأخرى ذات التأثير الكبير والحضور التاريخى فهى فرقة فلاحين المنصورة، إحدى أهم فرق مسرح الثقافة الجماهيرية والمسرح المصرى عمومًا.
لكنها – للأسف – تمر فى مرحلتها الراهنة بكمّ كبير من المشاكل. فالفرقة، التابعة لقصر ثقافة المنصورة، شهدت فجأة انقسامًا يخالف القوانين واللوائح، إذ تحولت إلى فرقتين: الأولى تحمل الاسم القديم «فلاحين المنصورة» وتضم عناصر جديدة، والثانية «قدامى الفلاحين»، ما أدى إلى تشتيت الجهود والعطاء.
كما أن عملية اختيار المخرجين أصبحت تتم بمعرفة إدارة المسرح بالهيئة، لا باختيار الفرقة نفسها، وهو أمر يخالف الأعراف والتقاليد المسرحية الراسخة.
لذا، أجد من الضرورة تدخل الدكتور أحمد هنو للتعرف على مشاكل الفرقة والعمل على حلها بإيجابية، نظرًا لأهميتها التاريخية والفنية.
وأدعو مجددًا إلى إعادة النظر فى منهج عمل مسرح الثقافة الجماهيرية بما يحقق الهدف المنشود، ويضمن تقديم العروض على مسارح الهيئة فى جميع المحافظات طوال العام، وليس فقط لأيام معدودة تنتهى بقدوم لجنة التحكيم.
إن مسرح الثقافة الجماهيرية هو المسرح الحقيقى للجمهور، لأنه يمتلك الكثافة والتأثير والخصوصية.
وأختتم بالتأكيد على ضرورة البحث عن حلول عاجلة، تتمحور حول فرقتى الغورى للمسرح التراثى وفلاحين المنصورة، بحيث تبقى الأخيرة موحدة تتواصل فيها الأجيال، بعيدًا عن الانقسام والتمييز بين «قدامي» و«جدد».
يجب أن تتوحد الجهود والهدف والرسالة، وأن نعمل جميعًا من أجل نهضة مسرح الثقافة الجماهيرية بكل فروعه، والفرق النوعية ذات الطبيعة الخاصة، مثل فرق السامر، والغوري، وفلاحين المنصورة.
حتى نعيد لمسرحنا بريقه ومكانته التى يستحقها.









