يمر الإنسان خلال مراحل مختلفة من حياته بتحديات تضعه فى الميزان ، فإما أن يقهر هذه التحديات بإرادته وقوته ويحافظ على مجده، أو أن ينكسر ويفقد بريقه الذى صنعه فى قمة مجده، وهذا هو حال نجمنا الكبير محمد صلاح فى ليفربول وهو يمر بأكبر أزمة فى الفريق منذ أن إنضم له فى عام 2017، أى منذ 8 سنوات حقق خلالها مجدا لم يضارعه أى مجد سابق فى الأنفيلد.
هكذا هو حال الحياة .. تحد دائم من أجل تحقيق المجد لمن يسعى له وتحد آخر ضد عوامل الزمن من أجل البقاء على القمة التى هى أصعب من الوصول إليها.
كما قلت مراراً علينا أن نعيش كل لحظة من لحظات تألق صلاح على المستوى العالمى لأن علينا أن ننتظر طويلاً، ولا أدرى إلى متي، حتى نجد لاعبا بروح وتحد صلاح يصل بنا إلى المستوى العالمى الذى أعاشنا فيه على مدى 8 سنوات من التألق والعطاء.
وصلاح بعمر 33 عاماً يمر بأصعب تحد منذ وطأت قدمه ملعب انفيلد التاريخى وهو مزيج من تحدى الزمن مع تحدى البشر.
تحدى الزمن لا غبار عليه ولا مفر منه ولكنه ليس عنصراً أساسياً هنا لأن عمر صلاح أصغر كثيراً من عديد النجوم حول العالم يكبرونه يسنوات ومازالوا ملء السمع والبصر.
أما تحدى البشر فهو ما يعانيه بحق صلاح مؤخراً، لأنه أصعب ومن صنع ظروف قام بها البشر أنفسهم لتهدم منظومة أبهرت العالم لسنوات طوبلة.
ليفربول الذى قضى بقيادة صلاح 8 سنوات من التألق وقنص البطولات، لم يعد ذلك الفريق الذى كان صلاح ركنا أساسياً من إنجازه، فكل شيء تغير حوله ولم تعد الأوراق التى كنت تساعده لتحقيق الانتصارات موجودة بجواره وأصبح عليه أن يتحمل وحده ودون غيره كل سلبيات هذا التغيير.
وليس عيبا فى كرة القدم وهى لعبة جماعية لا شك يشارك فيها فريق كامل من 11 لاعب أن يخدم الفريق بكامله على لاعب موهوب بالفريق مثلما حدث لسنوات فى الفرق التى لعب لها الثنائى الخالد ميسى ورونالدو وقد كان هذا هو الحال فى ليفربول لسنوات طويلة.
كان صلاح غير مكلف بواجبات دفاعية كثيرة لآن خلفه ظهير يقوم بالمهمة هو الكسندر أرنولد، وكان يقوم كثيراً بدور رأس الحربة لأن الظهير يتحرك على الأطراف، وكان رأس الحربة نفسه يقوم بدور صانع الألعاب مثلما كان يقوم الراحل دييوجو جوتا أو نونيز الذى كان حتى تعثره فى التهديف وراء تسجيل صلاح لعشرات الأهداف من المتابعة خلفه.
كان ليفربول يتمتع بوجود ظهير أيسر لا يضارع هو روبيرتسون كان بتقدمه للجناح الأيسر يصنع الفرص لصلاح بالترحيل الذى يقوم به من الجبهة اليمنى إلى عمق الملعب.
كان ليفربول يملك جناحاً أيسر لا يقل عن صلاح سرعة بداية بساديو مانيه ثم لويس دياز وكان هذا الجناح يخفف العبء عن صلاح ويحدث تمديد «أستريتش» لجبهة الهجوم بعرض الملعب من خط التماس الأيمن للأيسر.
كان ليفربول يملك خط وسط نارى قادراًَ على تمرير كرة بينية للهجوم كل دقيقة على مدى المباراة.
ولكن فجأة إنهار كل هذ البناء وبدأ المدير الفنى أرنى سلوت يغير كل شيء فى منظومة ناجحة من أجل بناء شخصية جديدة غيرت كل شيء وفى النهاية دفع الثمن صلاح نفسه.
هذا هو التفسير الفني.. ولكنى لا أشك أن صلاح الذى غير الفكر الرياضى لمصر كلها بتحديه طوال كل تلك السنوات، قادر على المزيد من التحدى والعودة ليكون من نجوم العالم بل والنجم الأفضل بإصراره وعزيمته.









