كشفت القمه المصرية الأوروبية التى عقدت الأربعاء الماضى بالعاصمة البلجيكية بروكسل، حيث مقر الاتحاد الأوروبى عن مجموعة من النقاط العامة التى تستحق التركيز عليها، والمؤكدة لتصاعد الوجود المصرى بمنطقة الشرق الأوسط وتأكيدا على أهميـــة هــــذا الــــــدور بقيـــادة الرئيس السيسى فى تحقيق الأمن والاستقرار للشرق الأوسط الجديد، وقيادتها له، وفى اعتقادى الشخصى من خلال متابعة القمة كان هناك محاور لافتة خاصة حينما أشار الرئيس فى كلمته الى امكانية دراسة إنشاء ممر استثمارى أوروبى فى مصر يكون بوابة للأسواق الإفريقية والعربية، وكذلك تعميق اندماج مصر فى سلاسل الإمداد الأوروبية، بما يؤكد دور القطاع الخاص، والتزام الدولة المصرية بدعمه ليكون محركًا رئيسيًا للتنمية، وهى كلها موضوعات تعكس عمق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين وتشعبها.
علاوة ما أوضحه الرئيس حينما قال خلال المنتدى الاقتصادى الذى عقد على هامش القمة «إن موقع مصر الاستراتيجى يتيح للشركات الأوروبية النفاذ إلى أكثر من 1.5 مليار مستهلك فى أفريقيا والمنطقة العربية والاتحاد الأوروبى ذاته، بفضل شبكة واسعة من اتفاقيات التجارة الحرة، واتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، والموقع المتميز على الممرات المائية والبرية التجارية، والبنية الأساسية المتطورة»، وقد تعمدت ان تكون بين قوسين لأهميتها فى المرحلة القادمة وهو ما قامت به مصر خلال السنوات الماضية فى تعميق الشراكة المصرية الأفريقية بتنوعها لكى تكون مصر كما نؤكد دائما انها البوابة الرئيسية بين الغرب وأفريقيا فى الاتجاهين ونتمنى ان تستمر جهود دفع هذه الشراكة الى المزيد من التعاون الاقتصادى والاستراتيجى.
ببساطة إذا نظرنا الى تفاصيل ما تم التوقيع عليه سنجد ما يؤكد صحه ما نشير اليه، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، تم الاتفاق على بدء نقاش تمهيدى بهدف إقامة حوار أمنى ودفاعى بين الجانبين، مشددين على مواصلة الحوار والتعاون فى المجالات ذات الأولوية المشتركة، مثل الأمن الإقليمى والبحري؛ بما فى ذلك عمليتى القوتين البحريتين الأوروبيتين «أسبيدس، وأطلانطا» ومكافحة الإرهاب والأمن السيبرانى، بما يشمل ذلك تدريبات مشتركة ومبادرات لتعزيز القدرات على الاستجابة، وكذلك مواصلة تعميق العلاقات الاستراتيجية طويلة الأمد، والتعاون فى مواجهة التحديات العالمية والإقليمية المشتركة وتعزيز المصالح المشتركة وتجديد أولويات المشاركة، مع الإقرار بالدور المحورى لمصر فى تعزيز الاستقرار من خلال مبادرات السلام وجهود حل النزاعات فى المنطقة.
أيضا تجديد الاتحاد الأوروبى التزامه بدعم جهود مصر الرامية إلى تحقيق الاستقرار والمرونة على مستوى الاقتصاد الكلى، من خلال حزمة دعم بقيمة 7.4 مليار يورو لتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة، أعلن عنها فى مارس 2024.
علاوة على تعهد الجانبين بمواصلة تعزيز العلاقات فى مجال الاستثمار ومواصلة التعاون الثنائى نحو اتفاقية تيسير الاستثمار المستدام «تعمل آلية الاستثمار بين الاتحاد الأوروبى ومصر على تيسير حشد استثمارات تصل إلى 5 مليارات يورو حتى عام 2027 من خلال الصندوق الأوروبى للتنمية المستدامة EFSD+».
ومن النقاط الهامة ما يتعلق بالأمن المائى المصرى حيث اشار البيان الختامى للقمة أن الاتحاد يدرك اعتماد مصر الشديد على نهر النيل فى ظل ندرة المياه، ويؤكد دعمه لأمن مصر المائى والامتثال للقانون الدولى، فى إشارة إلى أزمة السد الإثيوبى، كما يشجع التعاون عبر الحدود بين دول حوض نهر النيل على أساس مبادئ الإخطار المسبق والتعاون و«عدم الضرر».
.. ويبقى ان نعرف ان مصر أصبحت شريكا فيما يعرف باتفاق البحر المتوسط، وهو اتفاق جديد يقدمه الاتحاد، ويسهم فى تحقيق تكامل اقتصادى مع مصر، ويشمل عدة مبادرات لجذب استثمارات جديدة منها منصة استثمارات ستقوم بتدشين مشاريع فى التكنولوجيا والطاقة النظيفة على طول البحر المتوسط وعرضه، وبفتح مشاريع ومصانع الذكاء الاصطناعى الخاصة بها لشركائنا الذين يقعون على الضفة الغربية من البحر المتوسط، ومن ثم يمكن للشركات الصاعدة فى مصر ان تختبر نماذجها فى هذه المصانع الخاصة بالذكاء الاصطناعى، ويمكنها استخدام الحوسبة لتجربة هذه النماذج، والاستثمارات التى تتم مستقبلا مما يجعل العلاقة مع أوروبا أقوى.
ويمكن القول ان القمه ناقشت كافة التحديات التى تواجه الطرفين وعلى رأسها استقرار الشرق الأوسط، أمن البحر المتوسط، الطاقة، الاستثمار، الهجرة، وهذه النقاط تعانى منها دول الاتحاد بصورة او أخرى مما ألزمهم بأهمية التعاون والتنسيق مع مصر لحماية استثماراتهم بدول المنطقة ،وتحقيق استقرار مجتمعاتهم خاصة ما يتعلق بالهجرة غير الشرعية
ويكفى ان نعلم ان حجم التبادل التجارى بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى سجل نحو 31.2 مليار دولار خلال العام 2023، حسب تقديرات رسمية مصرية.









