التقنية ليست مجرد برامج وأجهزة، بل هي طاقة تمكّن العقول من الإبداع، وتفتح الأبواب أمام جيل قادر على المنافسة عالميًا. العامل أو الموظف الذي يمتلك مهارة تقنية واحدة إضافية، يصبح أكثر قيمة لسوق العمل، وأكثر ثقة بنفسه، وأكثر قدرة على رسم مستقبله بيده.
التأسيس لقوى عاملة مزودة بالكفاءة التقنية يبدأ من التعليم المبكر، وهذا بالفعل ما أقرته الدولة المصرية بضرورة مواكبة أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا البرمجة والذكاء الاصطناعي، وإتاحتها للطلاب بما يواكب المعايير الدولية.
لكنه لا يتوقف عند المدرسة أو الجامعة، بل يمتد إلى برامج إعادة التأهيل والتدريب المستمر، خاصة للعاملين في القطاعات التقليدية الذين يواجهون تحديات التحول الرقمي.
لن يكون بناء هذه القوى العاملة مسؤولية الحكومات وحدها، بل يحتاج إلى شراكة استراتيجية مع القطاع الخاص، الذي يعرف احتياجات السوق ويقود الابتكار. يمكن للشركات أن تقدم منصات تدريبية، وحاضنات لتطوير المهارات، وبرامج زمالة تمنح المتدربين خبرة عملية مباشرة.
هذا ما قامت به هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا” بإطلاق برنامج “التأهيل من أجل التوظيف” هو مبادرة استراتيجية تهدف إلى تأهيل القوى العاملة في مصر بالمهارات التكنولوجية واللغوية الضرورية للنجاح.
يضمن هذا المسار توفير كوادر مؤهلة باستمرار، مما يعزز مكانة مصر كمركز رئيسي لخدمات تعهيد نظم الأعمال وخدمات تكنولوجيا المعلومات على مستوى العالم.
ويعمل هذا البرنامج بالشراكة المباشرة مع كبرى الشركات المحلية والعالمية، مما يمكنها من تدريب وتوظيف أفضل الكفاءات، مع ضمان انتقال سلس من التدريب إلى التوظيف.
ومن خلال سد الفجوة بين الحقل الأكاديمي والصناعة، يعمل برنامج “التأهيل من أجل التوظيف” على تعزيز جاهزية القوى العاملة، مع خلق فرص عمل مستدامة تدعم الاقتصاد الرقمي في مصر.
لكن التحدي الأكبر يكمن في ضمان شمولية الوصول إلى هذه المهارات. لا يمكن الحديث عن “كفاءة تقنية” بينما فئات واسعة من الشباب تفتقر إلى الإنترنت الجيد أو الأجهزة الحديثة. العدالة الرقمية شرط لتحقيق قوى عاملة متوازنة قادرة على المنافسة عالميًا.
الخلاصة
تأسيس قوى عاملة مزودة بالكفاءة التقنية ليس خيارًا تجميليًا، بل هو مسار استراتيجي لمستقبل التنمية. فالمجتمعات التي تستثمر في مهارات مواطنيها التقنية اليوم، هي التي ستملك غدًا القدرة على الإنتاج، الإبداع، وحماية مكانتها في الاقتصاد العالمي، في عالم يزداد سرعة كل يوم، لم يعد التميز خيارًا، بل أصبح ضرورة. اليوم، من يمتلك الكفاءة التقنية يمتلك القدرة على صنع الفارق، على اقتناص الفرص، وعلى تحويل الأفكار إلى إنجازات.
 
		 
		
 
  
 







