شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل خلال الأسبوع المنصرم حدثًا مصريًا – أوروبيًا كان الأول من نوعه بين دول الاتحاد الأوروبى ومصر.. شراكة من نوع جديد سعت إليها أوروبا منذ العام 2024 من خلال رفع مستوى العلاقة بين الجانبين إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية.. ثم تم تتويج هذه العلاقة الخاصة جدًا خلال الزيارة الأخيرة للقيادة المصرية إلى بروكسل حيث مقر الاتحاد الأوروبى من خلال منتدى مصر – أوروبا حيث الدعوة المصرية لدول الاتحاد من أجل الشراكة الاستثمارية القائمة على المنافع المتبادلة.. وبالتالى فلم تعد مصر مجرد الحليف المحتاج المتلقى للمساعدات ولم تعد دول أوروبا هى المعطية بلا حساب.. الآن الأجواء اختلفت والظروف بين الطرفين تغيرت عن ذى قبل.. ومن ثم فإن أوروبا هى الأكثر حاجة لمصر الآن، باعتبارها حليفًا صناعيًا تحتاج إليه القارة العجوز.
ومن جانب آخر فمصر قدمت كثيرًا من الخدمات الجليلة للدول الأوروبية حيث أنقذت مصر العديد من دول أوروبا من هجمة شرسة ممثلة فى الهجرة غير الشرعية فى ظل أوضاع غير مستقرة فى منطقة الشرق الأوسط فلولا ما قامت به مصر من حفظ للسلم والأمن الدوليين لكانت شواطئ جنوب أوروبا المطلة على سواحل المتوسط مكتظة بآلاف القوارب التى تُقل ملايين من المهاجرين غير الشرعيين.. لذا فإن ما تقوم به الدولة المصرية منذ العام 2016 أدى إلى منع هذه الظاهرة المقيتة التى ظلت دول أوروبا تعانى منها لفترات طويلة.
كذلك أيضًا فإن ما يقارب العشرة ملايين «ضيف» يقيمون فوق أرض مصر.. كان من الممكن أن يكونوا عقبة أمام دول أوروبا إذا فُرض واستطاعوا عبور المتوسط إلى شماله.. ولكن كانت مصر هى حائط الصد المنيع الذى جعل أوروبا تأمن جانب تدفق المهاجرين غير الشرعيين.
إن القمة المصرية – الأوروبية قد كتبت بداية جديدة للعلاقات فيما بينهما فى قضايا الأمن والتجارة والهجرة وكذا دعم اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة.
والملفت للنظر خلال هذا المنتدى.. أنه قد جرى الاتفاق على أن تكون القمة القادمة بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى فى مصر 2026.. وهو ما يدل بل ويؤكد استمرارية العلاقات.. حيث أثبتت القمة الأولى أن مصر هى الشريك الاستراتيجى الذى تحتاج إليه أوروبا.. ناهيك عن الشراكة الاستثمارية المزمع إقامتها فى مجالات إنتاج اللقاحات والأسمدة والطاقة المتجددة خاصة الهيدروجين الأخضر..
تلك إذن مشروعات قائمة على المنافع المتبادلة.. لذا فإننى أؤكد أن مصر لم تعد أبدًا الدولة المتلقية للمعونات الأوروبية أو غيرها بل صارت الآن الشريك النافع لكل مَنْ مد اليد إليها.. فحتمًا هو «الكسبان» من وراء تلك الشراكة مع «أم الدنيا».
وإن غدًا لناظره قريب









