انطلقت صباح اليوم الجمعة أعمال المؤتمر السادس للجنة الإيمان والنظام التابعة لمجلس الكنائس العالمي، وذلك بمركز لوجوس للمؤتمرات الكنسية بدير القديس الأنبا بيشوي في وادي النطرون، بحضور قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذي ترأس الجلسة الافتتاحية للمؤتمر.
وشهدت الجلسة حضور السكرتير العام لمجلس الكنائس العالمي، والمنسق العام للجنة المركزية، ومدير وحدة الإيمان والنظام، إلى جانب عدد من قيادات المجلس، ورؤساء وممثلي الكنائس الأعضاء، كما حضرت الدكتورة جاكلين عازر نائب محافظ البحيرة، وعدد من المطارنة والأساقفة، من بينهم الأنبا كيرلس الأسقف العام بإيبارشية لوس أنجلوس.
وفي كلمته الافتتاحية، رحّب قداسة البابا تواضروس الثاني بالحضور والمشاركين من مختلف دول العالم، معربًا عن سعادته بانعقاد المؤتمر على أرض مصر، وفي ضيافة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في المكان المقدس بدير القديس العظيم الأنبا بيشوي ببرية شيهيت، التي وصفها بأنها “أرض عاش فيها الآباء النساك وأثمرت قديسين رهبانًا كان لهم أثر روحي عالمي منذ القرن الرابع الميلادي”.
وتحدث قداسة البابا عن مجمع الرسل في أورشليم الوارد في سفر أعمال الرسل الإصحاح 15، باعتباره أول نموذج للمجامع الكنسية التي تهدف إلى مناقشة القضايا الإيمانية الكبرى، مشيرًا إلى أن مجمع نيقية المسكوني الأول يمثل أحد أهم الأحداث المفصلية في تاريخ الفكر المسيحي، إذ أسهم في تحديد معالم الإيمان القويم وصياغة العقيدة الجامعة التي توارثتها الكنيسة عبر القرون.
وأوضح البابا أن مجمع نيقية، الذي دعا إليه الإمبراطور قسطنطين الكبير بعد الاعتراف بالمسيحية في الإمبراطورية الرومانية، كان يهدف إلى تحقيق وحدة الإيمان بعد ظهور انقسامات عقائدية حادة، وإرساء السلام داخل الكنيسة والعالم آنذاك.
وأكد أن المجامع الكنسية على مر العصور كانت تعبّر عن حوار مفتوح يسوده روح الله، الذي هو روح القوة والمحبة والنصح، وأن الحوار اللاهوتي لا يسعى إلى إلغاء الاختلافات، بل إلى تحقيق الفهم المشترك لقضايا الإيمان في إطار من الاحترام المتبادل.
وأشار البابا تواضروس إلى أن القرارات التاريخية للمجامع والآثار اللاهوتية والكنسية والسياسية الناتجة عنها ما زالت تلهم الكنائس حتى اليوم في مسيرتها نحو الوحدة والمحبة والخدمة المشتركة.
ويُعقد المؤتمر السادس للجنة الإيمان والنظام التابعة لمجلس الكنائس العالمي لأول مرة في كنيسة شرقية أرثوذكسية في إفريقيا، وتحديدًا في ضيافة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بمشاركة 500 شخص من أكثر من 100 دولة، من بينهم 350 باحثًا وأكاديميًا يشاركون في الجزء العلمي من المؤتمر.
ويتناول المؤتمر موضوع “مجمع نيقية… روح الإيمان ووحدة الكنيسة”، ويشهد تقديم أوراق بحثية أكاديمية تبحث في سبل استعادة روح مجمع نيقية وتطبيق مبادئه في واقع الكنيسة المعاصر، بهدف تعزيز وحدة الكنائس وبناء علاقات محبة وتفاهم بين جميع الطوائف المسيحية.
ويأتي انعقاد المؤتمر في مصر تأكيدًا على مكانة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التاريخية ودورها الرائد في تعزيز الحوار والتقارب بين كنائس العالم، باعتبارها من أقدم الكنائس في التاريخ المسيحي وأحد أعمدة الإيمان في الشرق والغرب.









