المقارنات التى يجريها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سواء فى خطاباته أو فى لقاءاته مع قادة العالم بالغة الأهمية والحيوية رغم عفويتها حينا أو تعمد إصدارها لتوجيه رسائل بعينها إلى أطراف مخصوصة أحيانا أخرى.. وتلفت الأنظار بقوة إلى عدد من القضايا الحيوية التى يواجهها فى فترة حكمه الثانية سواء على المستوى العالمى فى علاقات وسياسات الصدمة العنيفة والمربكة التى ينتهجها مع دول العالم أو فى سياساته الداخلية على مستوى الولايات الأمريكية نفسها.
لم تتوقف مقارنات ترامب عند الملاحظات الشخصية والانطباعات الفردية بل امتدت إلى جوهر السياسات وخطط التنمية واثارها فى بلاده والبلاد الأخرى.. ولم يجد حرجاً فى الاعتراف بالتراجع الأمريكى وتفوق الآخرين فى مجالات بعينها.. أو فى الإشارة إلى أزمة حكم يعانى منها ويحاول التغلب عليها أو الارتقاء فوقها بأى وسيلة.. امتدت المقارنات بصورة لافتة إلى مستويات الأمن والأمان وحالة الشوارع والكبارى والمطارات ومستويات الفخامة والشياكة والجمال وحتى العلاقات الإنسانية..
فى مصر وعنها تحدث بكل صراحة عن القيادة والإدارة والحكم.. والنتائج الايجابية التى تحققت بفضلها وكيف ساعدت على أن يسود الأمن والاستقرار.. مقارنا ذلك بما يحدث عنده فى الولايات المختلفة.. خاصة ما يفعله حكام الولايات والصدام مع السلطة الفيدرالية والمواجهة المستمرة مع القضاء حول نشر الحرس الوطنى..
اسعدتنى جدا مقارنة ترامب المفاجئة وغير المتوقعة عن الأمن فى مصر والأمن فى الولايات الأمريكية وارتفاع معدلات الجريمة عندهم واصفا هذا الانخفــاض بأنه «شىء رائــع جدا». قال ترامــب خلال لقاء ثنــائى مع الرئيس عبدالفتاح السيسى على هامش أعمال قمة شرم الشيخ للسلام: «فى مصر لديهم معدل جريمة منخفض على عكس أمريكا لدينا معدل جرائم مرتفع لأنه لدينا حكام ولايات لا يعرفون ماذا يفعلون، أريد أن يكون حكام الولايات فى أمريكا مثل حكام مصر بل وأقوى لأننا بحاجة إلى قيادة صارمة توقف موجات العنف المنتشرة فى المدن الأمريكية».
وقال ترامب إن الولايات المتحدة تحتاج إلى حكام يتمتعون بالحزم والقدرة على فرض النظام مشيرًا إلى أن «ما تفعله مصر فى ضبط الأمن والسيطرة على الجريمة مثال يُحتذى به».. تحدث ترامب عن الرئيس السيسى حديثا مستفيضا وقال إنه جنرال ورئيس ونجح فى الاثنين.. إنه رجل قوى جداً وهو صديق مقرب لى.
حديث ترامب عن السيسى لفت أنظار كثير من المحللين والخبراء خاصة وقالوا إن ترامب الذى اشتهر فى لقاءاته بتعمد إحراج ضيوفه أو التعامل معهم بفوقية كسر هذه القاعدة تمامًا مع السيسى. فقد بدا فى كامل الاحترام ووصفه أكثر من مرة بلقب «الجنرال السيسى».
واعتبروا أن هذا التكرار لم يكن زلة لسان أو عفويا بل كان أقرب إلى أعلى إشادة فى قاموس ترامب الذى يُقدّر القادة الأقوياء أكثر من السياسيين التقليديين وكان وصفه للسيسى تعبيرًا عن إعجاب واضح بقدرة مصر على استعادة الاستقرار وسط منطقة تموج بالصراعات.
مقارنات ترامب عن الوضع الامنى كانت كاشفة عن حدة الأزمة التى تواجهها إدارته مع عدد من حكام الولايات إذ تعهدت بإرسال قوات إلى أكثر من ست مدن أمريكية جميعها بقيادة ديمقراطيين بما فى ذلك لوس أنجلوس وواشنطن العاصمة وممفيس. وجادلت الإدارة بأن القوة العسكرية ضرورية للتصدى للجريمة فى تلك المدن ودعم العملاء الفيدراليين المكلفين بتنفيذ حملة ترامب القوية لترحيل المهاجرين غير الشرعيين المشتبه بهم.
وصعدت إدارة ترامب جهودها واتجهت إلى نشر الحرس الوطنى فى شيكاغو بولاية إلينوى وبورتلاند بولاية أوريجون على الرغم من الطعون القضائية واعتراضات قادة الولايات والحكومات المحلية.
لكن ترامب هدد باستخدام قانون التمرد لو واصل القضاء منعه من نشر الحرس الوطنى فى المدن المختلفة. ولو حدث هذا سيكون أول رئيس منذ أكثر من 60 عامًا يستخدم القانون الصادر فى عام 1807 للسماح بنشر القوات الأمريكية لقمع الاضطرابات المحلية بدون موافقة الولاية..
فى الخليج.. تحدث عن الرفاهية والفخامة خاصة فى القصور ودوواين الحكم فى الدول الخليجية التى زارها محتقرا ومزدريا الوضع فى الحالة الامريكية..
فى السعودية وقطر والإمارات لم ينس ترامب أنه الملياردير ومطور العقارات الأشهر وأبدى إعجابه بكل مظاهر الفخامة من دون أن يخفى رغبته فى تقليدها وإن فى جزء منها. يقول المراقبون إن ترامب الذى اقتنى للمكتب البيضاوى تحفا مذهّبة وأقراصا حاملة للأكواب سميت باسمه وطُليت بالذهب لم يُخفِ إعجابه برفاه الديوان الأميرى فى الدوحة وقد أذهله رخامه الذى قال عنه «كأنما صُقل بالكمال لا تشوبه شائبة ولا تخدشه عين»!.
لم ينس ترامب أن يقارن بينه وبين رؤساء أمريكا السابقين وارتقى بنفسه إلى درجة الرئيس الأعظم فى قدراته الفذة وفى دعمه لإسرائيل وأنه يعرف حقيقة أمريكا العظيمة القوية ولم يسلم أى من الرؤساء السابقين إلا أن سابقه جو بايدن كان له الحظ الأوفى فى الطعن واللعن قال عنه صراحة وبلا خجل: كان هناك رئيس سابقًا هو أضعف حاكم شهدته الولايات المتحدة الأمريكية.
واتهمه بأنه لم يعرف كيف يتعامل مع القضايا الدولية الحساسة وأنه وراء نشوب الحروب فى غزة وأوكرانيا وانه لو فاز فى الانتخابات لما وقعت تلك الحروب! وقال ترامب إن بايدن لم يتعامل بود مع قادة الخليج وبدلا من مصافحتهم شهر فى وجههم «قبضته».
مقارنات لا يمكن تجاهلها ولا التهوين من تأثيرها ولا ما تخفيه وراءها من دلالات وايحاءات..
والله المستعان..






