لا تتجاوز بعض الدوائر السياسية فى العالم الحقيقة إذا وصفت زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى مصر وإسرائيل بـ »التاريخية« رغم أنها لم تستغرق سوى 12 ساعة، إذ تمكن من وقف حرب استمرت لمدة عامين وحصدت 70 ألف شهيد وما يزيد على 170 ألف مصاب فلسطيني، خصوصاً أن ذلك جاء وفق خطة ترامب للسلام التى تتكون من 21 نقطة تهدف إلى إقرار السلام فى الشرق الأوسط وإنهاء الصراعات الموروثة فى المنطقة منذ عقود وهو ما يعتبر إنجازاً غير مسبوق لرئيس أمريكى يسعى لعصر ذهبى جديد للشرق الأوسط، على الرغم من تشكيك البعض فى مآلات هذه الزيارة وأن هدفها لم يكن سوى الإفراج عن الرهائن الإسرائليين 20 حياً و28 جثة فضلاً عن أن وقف القتال سيكون مؤقتاً لأن إسرائيل ستجد الكثير من الذرائع للتنصل من هذا الاتفاق الذى لم يحقق أهداف الحرب حتى الآن بالنسبة لها، وهو ما دعا إسرائيل إلى التهديد بالعودة مجدداً إلى الحرب وعدم الدخول فى المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق.
لكن السؤال الاَن: هل تفكر إسرائيل فى العودة إلى الحرب فعلاً لمجرد تأخير تسليم عدد من جثامين الرهائن، لقد وعدت حماس بالبحث عنها بمجرد دخول آليات تسهم فى الحفر تحت الأنقاض، رغم أن الرئيس ترامب يسعى لأن تكون خطته نواة لتحقيق سلام شامل فى الشرق الأوسط بعد أن انهكت الحروب دول المنطقة بما فيها إسرائيل وفلسطين المنتصرة الصامدة على مدار عامين أمام أكبر قوى عسكرية فتاكة فى العالم، إذ لم ترفع راية الاستسلام حتى حققت انتصاراً ساحقاً ضد تحالف دولي، ما دفعهم للبحث عن مخرج من ورطتهم بعد الاحتجاجات التى زلزلت الكثير من العروش فى العالم، ضحى الفلسطينيون بأرواحهم الطاهرة من أجل البقاء على أرض التين والزيتون وحماية وطنهم وحريتهم ومقدساتهم، وغيروا مبادئ الحروب الإستراتيجية فى العالم بعد أن رفعوا العَلَم والشال والزيتون رايات للنصر على الطغاة الجبارين قتلة الأطفال، وأصبحت بطولاتهم حكايات تروى فى كل بلاد العالم، انتصارات تحكى للأجيال الجديدة تؤكد أن أصحاب الحق لا ينهزمون بل يظلون أبطالاً فى كتب التاريخ، لقد أرهقت الحرب إسرائيل وأفقدتها تعاطف الرأى العام العالمى والأمريكي، فيما تسعى الدول الإقليمية والأوروبية إلى عدم خروج نطاق الحرب عن السيطرة مع زيادة الغضب الشعبى ضد إسرائيل خوفاً من اندلاع حرب عالمية ثالثة قد تعصف بالمنطقة إلى دمار غير مسبوق.








