مبادرات عديدة قام بها الرئيس السيسى منذ ولايته وحتى الآن لإصلاح الدولة المصرية وانتزاعها من حالة شبه الدولة المريضة العاجزة إلى دولة حديثة متقدمة.
لا أريد أن أسرد كل هذه المبادرات بدءاً من قوائم الانتظار بالصحة أو التصدى للعشوائيات أو الاختناقات المرورية أو غيرها.. ولكن أركز فى هذا المقال على مبادرة جديدة حيوية وملحة تمس كل مواطن فى حياته اليومية وهى تعامله الذى لا يخلو منه الأمر مع المصالح ومؤسسات الدولة الخدمية الذى أعتقد أننا مازلنا نعانى فى كثير من القطاعات على الرغم من الإصلاحات الكثيرة التى قامت بها الحكومات ربما منذ ثورة يوليو 1952 للقضاء على البيروقراطية والروتين الوظيفى و«بلادة» موظفين كثر اعتادوا أن يتعاملوا مع المواطنين بغلظة ولا مبالاة بدءاً من عبارة «فوت علينا بكرة» التى أرخت لها كثير من الأعمال الدرامية الإذاعية.. وكم سمعنا عن شعارات رنانة منذ الثورة الإدارية والإدارة بالأهداف وغيرها.. وإن كان من الأمانة أن نذكر أن إدخال الميكنة الرقمية فى معظم الإدارات الحكومية الخدمية قد تصدى لكثير من المشكلات الإدارية وسرع من إنهاء خدمات المواطنين وقضى على قدر من الرشوة والوساطات ومجاملة المعارف وعلية القوم.. ولكن بقيت أوضاع أخرى سلبية تعوق رضاء المواطن وتعطيل حاجات الناس أو المتعاملين من المستثمرين الذين تسعى إليهم كل دول العالم حتى الغنية منها.
>>>
المبادرة الجديدة طرحها الرئيس السيسى مؤخراً خلال الاحتفال بتخريج دفعة جديدة بأكاديمية الشرطة وهى إعلانه عن مشروع ضخم جداً لصياغة وبناء مؤسسات الدولة وذلك بهدف تصويب الخلل فى قطاعات حيوية على رأسها الصحة والتعليم.
أشار الرئيس إلى أنه يوجد مشروع ضخم لصياغة وبناء مؤسسات الدولة بشكل هادئ ومنضبط وبصورة مدروسة وفقاً لمعايير دقيقة تهدف إلى تصويب الخلل من الداخل فى هذه القطاعات الحكومية.
ولمس الرئيس المشكلة الحقيقية التى كانت تعوق أى إصلاح فى الماضى وهو أن الإصلاح الحقيقى يبدأ من الإنسان نفسه، مؤكداً أنه لن يتم السماح بضخ دماء جديدة فى مؤسسات الدولة إلا بالاختيار والانتقاء والفرز لأى شخص وأن يتم تأهيلهم وإعدادهم لتحقيق نتائج مختلفة.. وساق الرئيس مثالاً بتخريج 10 دفعات على مدى 10 سنوات فى القضاء أو الخارجية أو الرقابة الإدارية وفق معايير واحدة، مؤكداً أن الموضوع تحت المتابعة الدقيقة مع المسئول عن هذا الأمر ويقصد به الرئيس مدير الأكاديمية العسكرية المصرية والذى عرض أسلوب العمل فى تأهيل وتدريب الكوادر الجديدة التى ستلتحق بمؤسسات الدولة فى مختلف الوزارات بإقامة كاملة فى مقر الأكاديمية العسكرية وذلك لمدة 6 شهور كحد أدنى، مشيراً إلى أن هناك اختلافاً بين الخريجين بعد انتهاء البرنامج فى الأكاديمية.
والحقيقة لقد سعدت شخصياً عندما أشار رئيس الأكاديمية إلى أن برنامج التدريب يبدأ مع الساعات المبكرة من الصباح وقال: من يحب أن يبدأ يومه بصلاة الفجر يستيقظ مبكراً وينام مبكراً.. فلقد تذكرت موقفاً حدث معى فى أحد القطاعات الخدمية عندما ذهبت لإنهاء خدمة وذهبت فى التاسعة صباحاً وانتظرت الموظف المسئول عن إنهاء الخدمة الذى لم يصل إلا فى العاشرة والنصف صباحاً وخلال هذه المدة حاول زملاء له إحباطى لكى لا أنتظره مؤكدين أنه ربما لا يحضر!
>>>
وبعيداً عن أى اعتراضات اعتاد أن يرددها البعض مع كل جديد يطرأ على حياتنا.. أشعر بالثقة فى نجاح مبادرة الرئيس الجديدة لإصلاح بل بناء مؤسسات الدولة على أسس سليمة متطورة تماثل ما نراه من انضباط وجدية ورقى فى التعامل مع البشر عند زياراتنا للخارج وذلك باقتباس لمحة من مؤسساتنا العسكرية المنضبطة نضفيها على قطاعات الدولة الخدمية بالتعاون مع الجهات التابعين لها على أمل أن نرى يوماً ابتسامة على وجه بشوش لموظف حكومى أياً كان طبيباً أو معلماً أو إدارياً ولا يتعامل مع المواطنين بغلظة وقرف لا يليق بنا فى جمهوريتنا الجديدة التى نتطلع إليها بتفاؤل وأمل.