فى جلسة خاصة ومؤثرة ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي، تحدثت النجمة العالمية كيت بلانشيت، سفيرة النوايا الحسنة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، عن تجربتها الممتدة فى دعم قضايا اللاجئين حول العالم، مسلطة الضوء على الجوانب الإنسانية العميقة التى لمستها خلال لقاءاتها المتكررة مع نازحين ولاجئين من دول عدة، ومشيدة بشكل خاص بالدور الذى تلعبه مصر فى هذا الملف الإنسانى الكبير.
بلانشيت أكدت أن ما رأته فى مصر من احتواء واستقبال للاجئين يفوق التوقعات، مشيرة إلى أن اللاجئين فى مصر لا يُعزلون فى مخيمات، بل يعيشون بين الناس، ويندمجون فى نسيج المجتمع، وهذا ما يميز النموذج المصرى عن غيره. وأوضحت أن زياراتها المتكررة للمخيمات فى لبنان وسوريا والسودان، وتجاربها المباشرة مع العائلات والأطفال هناك، جعلتها أقرب لفهم عمق معاناة هؤلاء الناس، ليس كأرقام، بل كبشر يحملون قصصاً وآلاماً وتفاصيل صغيرة تُشبهنا جميعاً. وتحدثت عن لحظات مؤثرة عاشتها أثناء عملها مع المفوضية، حيث استمعت لعشرات القصص من لاجئين أجبروا على ترك منازلهم بسبب الحروب والنزاعات، وقرأت خلال الجلسة رسالة مؤثرة كتبها طفل لاجئ من السودان قال فيها: «أفتقد بيتي، نداء أمى على اسمي، رائحة الأمطار، الشجرة التى كنت أجلس تحتها بعد المدرسة… كل شيء هنا مختلف. أتمنى أن أعود يوماً لألعب فى شوارع وطننا» هذه الكلمات، كما قالت، تختصر مأساة ملايين اللاجئين الذين يحلمون فقط بالعودة إلى ما فقدوه.
بلانشيت ربطت بين التمثيل والعمل الإنساني، مؤكدة أن كليهما يتطلب شغفاً وتعاطفاً، وأنها لا ترى فرقاً حقيقياً بين كونها ممثلة وناشطة إنسانية، فكل دور تقوم به، سواء على الشاشة أو فى الواقع، يحتاج إلى صدق ومشاعر حقيقية. وأشارت إلى أن الشهرة يجب أن تُستخدم فى رفع الصوت من أجل القضايا التى تهم العالم، لا أن تبقى حبيسة الأضواء. من هنا جاء التزامها المستمر منذ أكثر من 11 عاماً كسفيرة للنوايا الحسنة، حيث تعمل على دعم اللاجئين ليس فقط من خلال زيارات ميدانية، بل أيضاً عبر مبادرات فنية ومشاريع تعكس قصصهم، وتدعو لفهم أعمق لقضاياهم.
وفى حديثها عن السينما، أوضحت أن الفن له دور كبير فى تسليط الضوء على قضايا النزوح واللجوء، وأن الأفلام لا يجب أن تكون وعظية أو مباشرة فى طرحها، بل يمكنها أن تنقل الرسائل الأقوى من خلال سرد صادق عن الأمومة، والانتماء، والخسارة، والحلم. وتحدثت عن مشاركتها مؤخراً فى مشروع يضم منصة للمهجرين، مؤكدة أن وجود مثل هذه الفعاليات فى المهرجانات السينمائية يعكس وعياً متزايداً بقوة الفن كأداة للتغيير.
بلانشيت لم تُخفِ قلقها من الأوضاع العالمية المتوترة، مشيرة إلى أن هناك أزمات وصراعات مستمرة فى مناطق مثل الكونغو وأوكرانيا والسودان، وأن عدد اللاجئين حول العالم فى تزايد مستمر، مما يستدعى استجابة جماعية أكثر شمولاً وإنسانية. ورغم بعض المحاولات لإسكات أصواتهم أو تقليل ظهورهم فى الإعلام، ترى أن هناك طرقاً مبتكرة يجب اعتمادها لإيصال قصصهم إلى العالم، خاصة من خلال المنصات الفنية والثقافية. ودعت إلى عدم تجاهل هذه الأزمات، وعدم تكرارها، لأن كل أزمة لا تُحل تفتح الباب لأخري، وكل صمت يكرّس المعاناة.
وختمت بلانشيت حديثها بنداء حاسم: «علينا ألا نغلق قلوبنا أمام معاناة اللاجئين. لا يمكن أن نترك هذه المسئولية للمنظمات وحدها. كل فرد يمكنه أن يفعل شيئاً، حتى لو كان بسيطاً. التعاطف ليس ضعفاً، بل هو ما يجعلنا بشراً». وشددت على أهمية أن يتحول التعاطف إلى أفعال، وأن نحمل المسئولية بشكل جماعي، لأنه من خلال الاهتمام بالمهمّشين يمكن أن نصنع عالماً أكثر عدلاً ورحمة.
