الأحد, أكتوبر 19, 2025
  • سياسة الخصوصية
  • إتصل بنا
  • من نحن

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفي

جريدة الجمهورية

رئيس التحرير

أحمد أيوب

  • الرئيسية
  • أخبار مصر
  • ملفات
  • مدارس و جامعات
  • محافظات
  • رياضة
  • برلمان و أحزاب
  • فن و ثقافة
  • حوادث و قضايا
  • المزيد
    • تكنولوجيا
    • عرب و عالم
    • إقتصاد و بنوك
    • الجمهورية معاك
    • منوعات
    • متابعات
    • أجراس الأحد
    • عالم واحد
    • مع الجماهير
    • العـدد الورقـي
    • مقال رئيس التحرير
لا توجد نتائج
كل النتائج
  • الرئيسية
  • أخبار مصر
  • ملفات
  • مدارس و جامعات
  • محافظات
  • رياضة
  • برلمان و أحزاب
  • فن و ثقافة
  • حوادث و قضايا
  • المزيد
    • تكنولوجيا
    • عرب و عالم
    • إقتصاد و بنوك
    • الجمهورية معاك
    • منوعات
    • متابعات
    • أجراس الأحد
    • عالم واحد
    • مع الجماهير
    • العـدد الورقـي
    • مقال رئيس التحرير
لا توجد نتائج
كل النتائج
جريدة الجمهورية
لا توجد نتائج
كل النتائج
الرئيسية ملفات

الدور المصرى الرشيد

قوة الحكمة والصبر وإعادة تشكيل الشرق الأوسط

بقلم جريدة الجمهورية
19 أكتوبر، 2025
في ملفات
الزمالك يطلب 2.5 مليون دولار لرحيل حسام عبد المجيد
0
مشاهدات
شارك على فيسبوكواتس اب

خطاب الرئيس السيسى يبرز دور مصر كوسيط محايد وفاعل سخر كل خبراته التفاوضية للتوصل للاتفاق

القمة ليست مجرد حدث دبلوماسى عابر.. بل تعكس تحولات جذرية فى السياسة الدولية

IMG 20251019 WA0103 1 - جريدة الجمهورية

أحمد ناجى قمحة

رئيس تحرير مجلتى السياسة الدولية والديمقراطية بالأهرام

فى 13 أكتوبر 2025، تحولت مدينة شرم الشيخ المصرية إلى مركز عالمى للدبلوماسية، حيث فرضت مصر ثقلها كشريك دولى فاعل ولاعب إقليمى محوري، من هنا تم استضافة قمة شرم الشيخ الدولية للسلام التى جمعت أكثر من 21 زعيمًا عالميًا والعديد من رؤساء المنظمات الإقليمية بالإضافة إلى سكرتير عام منظـمـة الأمــم المتحـدة، برئاسة مشتركة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس الأمريكى دونالد ترامب. جاءت هذه القمة كذروة لجهود دبلوماسية مكثفة، فى أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، الذى توسطت فيه مصر وقطر وتركيا، بدعم أمريكى قوى. حيث تم التوقيع على وثيقة الاتفاق فى القمة، معلنة نهاية حرب غزة التى استمرت عامين تقريبًا، وأسفرت عن مقتل أكثر من 67 ألف فلسطيني، معظمهم مدنيون، وتدمير 78 % من البنية التحتية فى غزة، وفقًا لتقارير دولية. كانت القمة لحظة تاريخية، خاصة مع تركيزها على المرحلة الأولية للتعافى وإعادة الإعمار، مع ترتيبات وضمانات أمنية للحيلولة دون وقوع فراغ أمنى فى قطاع غزة، والتباحث حول المرحلة الانتقالية وترتيبات إدارة الحكم فى القطاع، كل ذلك ترجمته مصر بالدعوة لمؤتمر دولى لإعادة الإعمار برعاية أمريكية وضمانات دولية من الدول والمنظمات المشاركة، بما يحقق السلام الإيجابى الذى تحدثنا عنه فى المقال السابق.

كل هذا يجعلنا نقول بأن هذه القمة ليست مجرد حدث دبلوماسى عابر، بل تعكس تحولات جذرية فى السياسة الدولية. فمنذ اندلاع الحرب فى غزة عام 2023، شهد الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق، مع تدخلات إقليمية من إيران عبر وكلائها مثل حزب الله وحماس، وردود إسرائيلية عنيفة أدت إلى خسائر بشرية هائلة وأزمة إنسانية وصلت وفقَا لتوصيف الأمم المتحدة بحرب الإبادة. فى هذا السياق، برزت مصر كفاعل رئيسي، مستفيدة من موقعها الجيوسياسى وتاريخها فى الوساطة، كما فى اتفاق كامب ديفيد 1979. فى هذا المقال، سنستعرض الإطار النظرى للنزاع، ثم خلفية القمة، ونحلل الخطابات الرئيسية مع مقارنات، ونناقش الغيابات والنتائج، مع ربط كل ذلك بالإطار النظري، لنفهم ما إذا كانت القمة تحولًا حقيقيًا أم مجرد وقفة فى نزاع مزمن.

أولًا: الواقعية الجديدة وديناميكيات الوساطة

فى النزاعات الإقليمية

لتحليل هذه القمة، يُعد الإطار النظرى للواقعية الجديدة (Neorealism) أداة أساسية، وهو كما طوره كينيث والتز فى «نظرية السياسة الدولية» (1979). يرى النظام الدولى كإطار فوضوى (anarchic)، حيث تسعى الدول إلى تعظيم أمنها من خلال توازن القوى (balance of power). فى الشرق الأوسط، يفسر ذلك بقدر كبير الصراع العربي-الإسرائيلى الذى تعد القضية الفلسطينى فى القلب منه وما تعرض له الشعب الفلسطينى من انتهاكات وحروب مصدرًا للصراع على التوازن، حيث تمتلك إسرائيل تفوقًا عسكريًا مدعومًا أمريكيًا، بينما تعتمد الفصائل الفلسطينية على دعم إقليمى من إيران وقطر. أدى ظهور حماس وما تلقاه من دعم إيرانى إلى اختلال التوازن وفقًا للتقديرات الإسرائيلية، مما دفعها إلى حروبها المتعددة على قطاع غزة.

يتكامل ما سبق مع نظرية الوساطة الدولية، كما فى نموذج زارتمان عن «اللحظة الناضجة للتسوية» (ripe moment)، حيث يصبح النزاع قابلَا للحل عند «مأزق مؤلم مشترك» (mutually hurting stalemate). فى غزة 2023-2025، وصل الطرفان إلى هذا المأزق، حيث تفاقمت أزمة إسرائيل الاقتصادية، من حيث فقدانها دعمًا دوليًا بسبب الخسائر المدنية (90% نازحون، 78% مبانٍ مدمرة) إضافة إلى وضوح توجه دول العالم نحو فرض عزلة دولية عليها، بينما حماس واجهت انهيارًا اقتصاديًا، إضافة إلى الضحايا المدنيين جراء الحرب، وأيضًا انهيار منظومة الدعم الإقليمى بعد ما تلقته إيران وحزب الله من ضربات موجعة. هنا، برزت أمريكا ومصر كوسطاء، مستفيدين من قوتهما الدولية والإقليمية. مقارنة بفشل وساطات بايدن فى 2024، نجحت جهود ترامب بسبب أسلوبه الشخصي، وهو الأمر الذى استغلته القيادة السياسية المصرية ومؤسساتها عبر الرشادة والحكمة والصبر الاستراتيجى حتى تحينت اللحظة المناسبة لدفع الولايات المتحدة نحو تبنى اتفاق إنهاء الحرب. هنا تبرز المصالح ودور القوى الكبرى فى التحالفات، حيث تعزز أمريكا هيمنتها، وتسعى مصر إلى دور إقليمى أكثر فاعلية وريادة بحثًا عن مستقبل آمن، مشابهًا لدورها فى كامب ديفيد.

ثانيًا: الطريق إلى شرم الشيخ والتحضيرات الدبلوماسية

قبل القمة، شهدت المنطقة توترات مكثفة، وسط توقعات للعديد من الباحثين باحتمال تمدد الصراع إلى صدام عسكرى مباشر بين مصر وإسرائيل، خاصة بعد الكلمة التى ألقاها الرئيس السيسى فى القمة العربية-الإسلامية فى الدوحة، وصدور بيانات رئاسية ومن وزارة الخارجية المصرية شديدة اللهجة وتصاعدية بما يتناسب مع تطور الأحداث. بدأت الحرب فى غزة بما أطلقت عليه حماس «طوفان الأقصي» فى 7 أكتوبر 2023، تلتها حرب شنها جيش الاحتلال الإسرائيلى أدت إلى واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية فى التاريخ. توسطت مصر فى إطلاق رهائن وإدخال مساعدات، بينما ساهمت قطر وتركيا فى المفاوضات. عودة ترامب فى 2025 غيرت المعادلة، وبعد أن كان داعمًا وبقوة لسياسات حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، ساهمت السياسة المصرية الحكيمة فى حدوث تحول مهم فى موقفه، إضافة لما قدره من تزايد الاتهامات للولايات المتحدة بدعم إسرائيل واحتمال أن تطالها خطوات العزلة التى بدأت تلوح تجاه إسرائيل خاصة مع تزايد الاعترافات الدولية الغربية بدولة فلسطين، حيث أعلن خطته الـ20 نقطة للسلام. مقارنة بقمم سابقة مثل أوسلو 1993، كانت شرم الشيخ أكثر شمولية، مع حضور أوروبى وآسيوى رفيع المستوي.

ثالثًا: خطاب ترامب بين الكنيست وقمة السلام

فى سياق قمة شرم الشيخ للسلام، التى عقدت فى 13 أكتوبر 2025، يمثل خطاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نقطة تحول دبلوماسية تعكس أسلوبه الشخصى فى السياسة الخارجية، الذى يجمع بين الدعم اللا مشروط لإسرائيل والمحاولات البراجماتية لجذب الدول العربية من خلال الوعود بالسلام والإعمار. بدأ ترامب زيارته للإقليم بإسرائيل، حيث ألقى كلمة أمام الكنيست الإسرائيلى فى اليوم نفسه، معلنًا «فجرًا جديدًا فى الشرق الأوسط». مشيدًا برئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو كـ»أحد أعظم قادة الحرب فى تاريخ إسرائيل»، وقال:»هذا اليوم الذى كان الناس يصلون له، ومع الاتفاق التاريخى الذى وقعناه، أجيبت صلوات الملايين». كما دعا إيران إلى الانضمام إلى اتفاق سلام، مهدداً بـ»عقوبات هائلة» إذا رفضت، مردفًا: «أعتقد أن إيران ستأتي، فقد تعرضت للضرب والكدمات، وتحتاج إلى مساعدة». كما طلب من الرئيس الإسرائيلى العفو عن نتنياهو فى قضايا فساد، مما يعكس دعمه الشخصى القوى وتدخله فى الشؤون الداخلية الإسرائيلية، وهو أمر أثار جدلًا دوليًا حول استقلالية القضاء الإسرائيلي. هذا الطلب يبرز كيف يستخدم ترامب علاقاته الشخصية كأداة سياسية، مستذكرًا صداقته الطويلة مع نتنياهو منذ فترته الأولي.

يعكس خطاب الكنيست تحيزًا كاملًا لصالح الكيان ودعمًا كاملًا لنتنياهو، حيث تجاهل تمامًا الخسائر الفلسطينية البالغة أكثر من 67 ألف قتيل، معظمهم مدنيون، وركز حصريًا على الإنجازات العسكرية الإسرائيلية والضغط على إيران كـ»عدو مشترك». يضاف لذلك مواقفه السابقة خلال فترته الأولى (2017-2021)، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ودعم الضم الإسرائيلى -المخالف لكل الاتفاقيات وقرارات الشرعية الدولية- للضفة الغربية والجولان. من هنا، يظهر الخطاب استمرارية فى التحيز، لكنه يضيف طبعة شخصية أكبر، مثل الدفاع عن نتنياهو أمام البرلمان، الذى يواجه تحديات قانونية داخلية قد تهدد استمراره فى السلطة. هذا النهج يشير إلى أن ترامب يرى التحالف مع إسرائيل أداة أساسية لتعزيز نفوذه السياسى الشخصي، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية المقبلة فى 2028، حيث يحتاج إلى دعم اللوبى اليهودى الأمريكى والجمهوريين المحافظين الذين يرون فى إسرائيل حاجزًا أمام «الإرهاب الإيراني» كما يرونه. من جهة أخري، يعكس الخطاب تغييرًا طفيفًا فى اللهجة، حيث أعرب ترامب عن إحباطه من بعض السياسات الإسرائيلية السابقة، مثل عدم الاستماع لنصائحه فى 2024 تحت إدارة بايدن، مما دفع إلى تصعيد الحرب.

أما فى كلمته أمام قمة شرم الشيخ، فقد أعلن ترامب انتهاء الحرب رسميًا، قائلًا: «بعد سنوات من الدماء، انتهت حرب غزة. المساعدات الإنسانية تتدفق الآن، والمدنيون يعودون إلى منازلهم، والرهائن يجتمعون بعائلاتهم». واستمرارًا لنهجه الخطابى الذى يتصور أنه يمكن من خلاله خداع الجميع، وجه الشكر للوسطاء بشكل شخصي، حيث أكد أن الرئيس السيسى (لعب دورًا مهمًا رئيسيًا جدًا)، كما أكد على بدء المرحلة الثانية من خطته، قائلًا: «إعادة الإعمار ربما تكون الجزء الأسهل، فنحن نعرف كيف نبنى أفضل من أى شخص فى العالم». بصفة عامة، ركز خطابه مجددًا على الإنجاز الشخصى كما فى الكنيست، لتعزيز صورته كـ»صانع سلام»، ذاكرًا فى هذا السياق اتفاقات أبراهام (2020) التى حققها فى فترته الأولي، والتى أدت إلى تطبيع علاقات إسرائيل مع دول عربية مثل الإمارات والبحرين. الإطراء الشخصى الذى امتلأت به كلمته يمثل محاولة لكسب ثقة الدول العربية والغربية، التى كانت تشكك فى تحيزه السابق، ويعكس استراتيجية «الصفقات» التى يعتمدها ترامب، حيث يقدم وعوداً اقتصادية مقابل التعاون السياسي.

بالمقارنة بين الخطابين، نجد أن خطاب الكنيست كان أكثر تركيزًا على إسرائيل مع اللهجة العدائية الشديدة تجاه طهران، بينما كان خطاب قمة شرم الشيخ أكثر شمولية وإيجابية، محاولًا جذب الدول العربية والغربية المشاركة من خلال الشكر والتركيز على الإعمار والمساعدات. ومع ذلك، فى كلا الخطابين، تجاهل ترامب قضايا جوهرية مثل حل الدولتين أو نزع سلاح حماس بشكل مفصل، مما يشير إلى أن الاتفاق ما زال يعتمد على النوايا الشخصية أكثر من الالتزامات القانونية الدولية، وهو استمرار لنفس منطق الصياغة المطاطية لخطة الـ 20 نقطة، بما يجعل الأمر مرهونًا بالتطورات على الأرض، وبقدرة المفاوضين والوسطاء على الوصول لنقاط مشتركة فى المستقبل وفقًا لأوراق الضغط التى يمتلكها الجالسون على مائدة التفاوض.

يبقى التأكيد على أن التغير فى موقف ترامب يعود إلى عوامل ضاغطة متعددة: الرأى العام الأمريكي، الذى أصبح أكثر انتقاداً لإسرائيل بعد الخسائر المدنية فى غزة (حيث بلغت 90% من السكان نازحين و78% من المبانى مدمرة)، والضغط الانتخابى لإظهار إنجازات فى السياسة الخارجية لتعزيز حملته الرئاسية. مقارنة بإحباطه من إدارة بايدن فى 2024، التى فشلت فى وقف الحرب بسبب التصعيد الإسرائيلي، دفع رفض لجنة نوبل  منح جائزة السلام له فى 2025 إلى التركيز على السلام كإنجاز شخصي، مما يعكس براجماتية سياسية تحت الضغوط الداخلية (مثل الانتخابات التمهيدية الجمهورية) والدولية (مثل الضغط الأوروبى لوقف النزاع). هذه المتغيرات جعلت خطابه فى القمة أكثر توازنًا عنه أمام الكنيست، لكنه لا يزال يعانى من نقص فى الالتزام بحلول جذرية، مما قد يؤثر على استدامة السلام.

رابعًا: خطاب الرئيس السيسى الدور الفاعل كوسيط والمقارنة بالمواقف التاريخية

افتتح الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى القمة بكلمة افتتاحية مرحبًا بالزعماء، مشيدًا بالاتفاق كـ «نهاية فصل مؤلم فى تاريخ البشرية»، حيث قال: «أرحب بكم فى قمة شرم الشيخ للسلام، فى هذا المنعطف التاريخى حيث يقر اتفاق شرم الشيخ على إنهاء الحرب فى غزة». أكد دعم مصر لخطة ترامب، قائلًا: «نشكر شركاءنا فى الولايات المتحدة وتركيا وقطر على جهودهم، ونؤكد دعمنا لتنفيذ الخطة التى تضمن أفقًا سياسيًا لتنفيذ حل الدولتين، فهو الطريق الوحيد لتحقيق طموحات الشعبين الفلسطينى والإسرائيلي». كما دعا الشعب الإسرائيلى إلى «التعاون لبناء مستقبل أفضل»، وأعلن عن استضافة مصر مؤتمرًا لإعادة الإعمار فى غزة، موجهًا الدعوة للولايات المتحدة وللرئيس ترامب لكى يكون برعايته. من جهة أخري، منح الرئيس السيسى ترامب وسام النيل، قائلًا: «أنت أظهرت أن القيادة الحقيقية ليست فى شن الحروب، بل فى إيقافها»، ووصف الخطة بـ»الفرصة الأخيرة» للسلام.

هذا الخطاب للرئيس السيسى يبرز دور مصر كوسيط محايد وفاعل سخر كل خبراته التفاوضية للتوصل للاتفاق، مع التركيز على الجانب الإنسانى والاقتصادى للنزاع. كما يعكس من ناحية أخرى دور مصر التاريخى فى مناصرة القضية الفلسطينية بعدها القضية المركزية للأمن القومى المصري، مستذكراً زيارة أنور السادات إلى القدس فى 1977، التى أدت إلى اتفاق كامب ديفيد فى 1979، والذى أعاد سيناء إلى مصر مقابل السلام مع إسرائيل. كما أن التركيز على حل الدولتين فى كلمته يمثل تذكيرًا بمسئوليات المرحلة القادمة بعيدًا عما تجاهله ترامب فى خطابه، مما يشير إلى محاولة مصرية للحفاظ على مصداقيتها.

وهنا لابد أن نشير إلى الدور الإيجابى الذى لعبه الرئيس السيسى منذ بداية الحرب فى 2023، حيث قادت مصر مفاوضات مكثفة لإطلاق سراح الرهائن وضمان إنفاذ المساعدات الإنسانية، وتجاهل اتهامات التواطؤ فى دعم الحصار على قطاع غزة التى أطلقتها لجان تنظيم الإخوان عبر منصات التواصل الاجتماعي، وواصل دفاعه عن حقوق الفلسطينيين فى خطاباته ولقاءاته الجماعية والثنائية، معليًا مبدأ الخط الأحمر الذى شمل لاءاته الشهيرة التى كانت واضحة فى خطة ترامب. وقد ساهم وفريق عمله من جهاز المخابرات العامة المصرية ووزارة الخارجية فى وساطة مكثفة مع الشركاء من الولايات المتحدة وقطر وتركيا، مما أدى فى النهاية إلى اتفاق إنهاء الحرب فى 10أكتوبر. وكما استضاف قمة القاهرة عقب اندلاع الحرب بأيام قليلة، قام باستضافة قمة شرم الشيخ للسلام. هذا الدور يعزز مصالح مصر الاقتصادية والأمنية، مثل السيطرة على معبر رفح لمنع التهريب والإرهاب، ويحميها من تداعيات النزاع الإقليمي، مثل تدفق اللاجئين أو التوترات مع إسرائيل.

الرئيس السيسى فى أكتوبر 2025 استثمر الشراكة الأمريكية، والعلاقة الخاصة التى تجمعه بترامب منذ أن كان مرشحًا للرئاسة منافسًا هيلارى كلينتون، بغرض تعزيز أمن مصر ودورها الإقليمى كـ»صانع سلام». ويمثل اقتراحه قبل انعقاد القمة بمنح جائزة نوبل لترامب دبلوماسية ذكية، حيث يربط مصر أكثر بشريكها الأمريكى الاستراتيجى دون التخلى عن الموقف العربي، مما يعزز دور مصر كعنصر رئيسى لاستقرار الإقليم. من جهة أخري، يعد منح وسام النيل لترامب خطوة ذكية لتعزيز العلاقات الثنائية، خاصة بعد زيارة ترامب لمصر، التى رفضت دعوته السابقة لزيارة واشنطن، وفى ذلك تأكيد على سيادة مصر فى إدارة أجندتها الخارجية. فى المجمل يعد خطاب السيسى أكثر توازنًا وفعالية فى بناء التحالفات، منطلقًا من ثوابت الدولة المصرية الرئيسية.

خامسًا: زعماء العالم بين المقاربات الإقليمية والتحديات الدولية

شملت القمة كلمات متنوعة لزعماء العالم، تعكس تحالفات إقليمية ودولية، مع تنوع فى الآراء بين الدعم الكامل للاتفاق والحذر من التحيزات. رئيس وزراء باكستان محمد شهباز شريف رشح ترامب لجائزة نوبل، قائلاً: «اليوم أحد أعظم الأيام فى التاريخ المعاصر، فقد حقق السلام بعد جهود لا تكل. أرشح الرئيس ترامب لجائزة نوبل للسلام لإيقافه ثمانى حروب». هذا الترشيح يعكس محاولة باكستان لتعزيز علاقاتها مع أمريكا، خاصة بعد تدخل ترامب فى نزاعها مع الهند حول كشمير، ويبرز كيف تستغل دول آسيوية الاتفاق لتحسين مواقفها الإقليمية.

الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ركز على الدعم الأوروبى لإعادة الإعمار، محذرًا من «التقسيمات داخل الاتحاد الأوروبي» حول النزاع، مشيرًا إلى حاجة غزة لـ53 مليار دولارً للإعمار، ودعا إلى دور أكبر لأوروبا فى الوساطة. أما الرئيس التركى أردوغان، فقد شكر الوسطاء، مؤكدًا دعم تركيا للفلسطينيين، وأعرب عن أمله فى سلام مستدام دون احتلال، مشددًا على ضرورة رفع الحصار عن غزة. رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلونى أشادت بالخطة، مشددة على دور أوروبا فى الإعمار الإنساني، بينما رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر أكد على الحاجة إلى حكم فلسطينى مستقل، محذرًا من عودة العنف إذا لم يتم حل القضايا الجوهرية.

تعكس خطابات الزعماء الأوروبيين (ماكرون، ميلوني، ستارمر) حذرًا من الهيمنة الأمريكية، مع التركيز على الجانب الإنسانى والإعمار لتعزيز دور الاتحاد الأوروبي، مقارنة بالدعم الأمريكى العسكرى لإسرائيل، أو تصورات الهيمنة عبر الاقتصاد كما فى اتفاقات أبراهام. أما الخطابات العربية والإقليمية الأبرز (قطر، السعودية، تركيا) فركزت على حقوق الفلسطينيين، فى محاولة لتصحيح التحيز الأمريكي، مع الشكر لترامب كوسيلة للحفاظ على التحالفات. هذا التنوع يشير إلى توازن قوي، حيث تسعى الدول الأوروبية لدور مستقل لتجنب الاعتماد الكلى على أمريكا، بينما العربية تحافظ على الوحدة فى دعم القضية الفلسطينية، مما يعزز من قيمة القمة كمنصة للحوار الدولي.

فى المجمل، يمكننا القول بأن النتائج المتوقعة لقمة شرم الشيخ تشمل إطلاق المرحلة الأولى من خطة ترامب الشاملة للسلام فى غزة، والتى تتكون من 20 نقطة رئيسية، كما أعلن ترامب فى كلمته أمام القمة. هذه المرحلة تركز على إطلاق الرهائن الإسرائيليين المتبقين مقابل إفراج عن سجناء فلسطينيين، إدخال المساعدات الإنسانية بشكل فورى إلى غزة، انسحاب إسرائيلى تدريجى من المناطق المحتلة، والبدء فى إعادة الإعمار بتكلفة تقدر بـ53 مليار دولار، مع إنشاء «مجلس سلام» لإدارة غزة مؤقتًا حتى تشكيل حكم فلسطينى جديد. كما من المتوقع لو تطورت الأحداث إيجابيًا تنظيم مؤتمر دولى لإعادة الإعمار فى مصر خلال الأشهر القادمة، مع تدفق مساعدات فورية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومفاوضات مستمرة لتحقيق»هدوء مستدام» تشمل نزع سلاح حماس تدريجيًا تحت إشراف دولي، وإنشاء حكم فلسطينى انتقالى بدون حماس، ربما بمشاركة السلطة الفلسطينية أو كيانات محلية مدعومة عربيًا.

من المؤكد أن هذه النتائج تعزز من فرص الاستقرار الإقليمي، كما يفتح الاتفاق الباب لتوسيع آفاق التعاون الإقليمي. ومع ذلك، تبقى المخاطر عالية ومتعددة، مما يجعل النتائج غير مضمونة، ويتمثل ذلك فيما يلي؛ أولًا، رفض حماس لنزع السلاح أو قبول قوات أجنبية، حيث قد يؤدى إلى فشل التنفيذ، خاصة أن الخطة تتطلب تسليم أسلحتها تحت إشراف دولي، وهو ما قد يُفسر من قبل حماس خاصة جناحها الأكثر تشددًا كاستسلام. ثانيًا، إمكانية عودة العنف إذا فشل الانسحاب الإسرائيلى التدريجي، حيث يخشى مراقبون أن يترك فراغًا أمنيًا تستغله فصائل مقاومة أخرى أو يؤدى إلى تدخل إيرانى غير مباشر عبر حزب الله فى لبنان. ثالثًا، عدم حل قضية حكم غزة بعد حماس، حيث لا توجد آلية واضحة لانتقال السلطة، مما قد يؤدى إلى فراغ أمنى أو صراع داخلى فلسطيني. مقارنة بـ «صفقة القرن» لعام 2020، التى فشلت بسبب رفض فلسطينى لعدم تضمين حل الدولتين وتركيزها على الجانب الاقتصادى دون السياسي، تبدو خطة 2025 أكثر شمولية بفضل الوساطة العربية (مصر، قطر، تركيا)، التى تضمن مشاركة أطراف مثل حماس، لكنها لا تزال تعتمد على التنفيذ، خاصة مع غياب إيران الذى قد يشجع على تصعيد من حزب الله أو حوثيى اليمن، كما حدث فى التوترات السابقة. من جهة أخري، قد تؤدى الخطة إلى سلام دائم إذا نجح التوازن بين الأمن الإسرائيلى والحقوق الفلسطينية، مع فوائد اقتصادية هائلة لمصر والشركاء الإقليميين من خلال الإعمار ومشاريع التعاون الاقتصادي، مثل مشاريع البنية التحتية التى قد تخلق آلاف الوظائف، وتعزز التجارة عبر معبر رفح. لكن فشلها، خاصة إذا استمرت العقوبات على إيران أو رفض إسرائيل الانسحاب الكامل كما حدث فى اتفاقات سابقة، قد يعيد النزاع إلى نقطة الصفر، مما يؤدى إلى تصعيد إقليمى أوسع وأشد ضراوة. تعتمد النتائج بشكل أساسى على الالتزام الدولي، مع دور مصر كضامن رئيسى للتنفيذ من خلال استضافة المؤتمرات ومراقبة الحدود، كما أكد الرئيس السيسى فى كلمته. فى النهاية، ترتبط هذه النتائج بخطة ترامب كمحاولة لإعادة صياغة الشرق الأوسط، لكن نجاحها يتطلب تجاوز التحديات التاريخية مثل الثقة المفقودة بين الأطراف.

ختامًا، نؤكد أن خطابات ترامب تشير ضمنًا إلى الرغبة فى طرح الهيمنة الأمريكية لتعزيز التوازن لصالح إسرائيل من خلال الضغط على إيران، حيث دعا فى كلمته أمام الكنيست إلى عقوبات هائلة عليها إذا رفضت الانضمام، مما يعزز من توازن القوى لصالح التحالف الأمريكي-الإسرائيلي-العربي. بينما يسعى الرئيس السيسى لتوازن قوى يحمى المصالح والأهداف المصرية من خلال دورها المركزى فى الوساطة، مستلهمًا نموذج زارتمان عن «اللحظة الناضجة للتسوية»، حيث وصل النزاع إلى «مأزق مؤلم مشترك» بعد الخسائر الهائلة، مما دفع إلى الاتفاق كوسيلة لتعظيم الأمن المصرى عبر السيطرة على الحدود وتعزيز الدور الإقليمي. خطابات الزعماء الآخرين تعكس تحالفات دولية، مع أوروبا (مثل ماكرون) تسعى لدور مستقل لتجنب الفوضى من خلال التركيز على الإعمار، بينما الخطابات العربية (مثل تميم) تحافظ على الوحدة فى دعم الفلسطينيين، كمحاولة لتصحيح التحيز الأمريكي، بما يعكس التعاون الدولى كأداة لتوازن القوى فى نظام فوضوي.

واقعيًا، تمثل قمة شرم الشيخ خطوة إيجابية تاريخية نحو السلام، مع إنهاء حرب غزة التى أودت بحياة عشرات الآلاف ودمرت المنطقة، وإطلاق خطة ترامب للإعمار والتسوية، لكن التحديات كبيرة، مثل تنفيذ الخطة وسط رفض محتمل من حماس وغياب إيران، مما قد يعيد التوترات. يجب على الدول الالتزام الجماعى لتحقيق سلام مستدام، مستفيدة من الدروس التاريخية مثل كامب ديفيد 1979 الذى حقق سلامًا مصريًا-إسرائيليًا من خلال الوساطة الأمريكية، أو فشل أوسلو بسبب عدم التنفيذ، وإلا تعود الفوضى الإقليمية مع تصعيد من حزب الله أو إيران. دور مصر كوسيط، كما برز فى الوساطة مع قطر وتركيا، يبرز كعامل رئيسى للاستقرار، حيث يمكن أن تحول المنطقة إلى نموذج للتعاون الإقليمى إذا نجحت الخطة، أو درسًا فى هشاشة الاتفاقات بدون شمول كامل للتعاون الاقتصادى وخلق فرص التنمية العادلة. القمة هى فرصة لإعادة رسم مستقبل الشرق الأوسط، لكن المستقبل الإيجابى يعتمد على الإرادة السياسية والدعم الدولى لتجاوز التحديات.

متعلق مقالات

الزمالك يطلب 2.5 مليون دولار لرحيل حسام عبد المجيد
ملفات

جذور العنف لدى التنظيمات الإرهابية

19 أكتوبر، 2025
الزمالك يطلب 2.5 مليون دولار لرحيل حسام عبد المجيد
ملفات

فى ذكرى الاحتفال بنصر أكتوبر «الجمهورية» فى منزل بطل الحرب والسلام

19 أكتوبر، 2025
ثورة رقمية في المعارك الانتخابية.. «اللجان الإلكترونية» تحتل الصدارة
ملفات

ثورة رقمية في المعارك الانتخابية.. «اللجان الإلكترونية» تحتل الصدارة

16 أكتوبر، 2025
المقالة التالية
الزمالك يطلب 2.5 مليون دولار لرحيل حسام عبد المجيد

دعم الأمن والاستقرار فى المنطقة وتعزيز العمل العربى المشترك

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ملحق الجمهورية التعليمي

الأكثر قراءة

  • «محمود الفولي» يضيف إنجازًا جديدًا لمسيرته التربوية بنيل الدكتوراه من جامعة القاهرة حول الكتابة العلمية لطلاب STEAM

    «محمود الفولي» يضيف إنجازًا جديدًا لمسيرته التربوية بنيل الدكتوراه من جامعة القاهرة حول الكتابة العلمية لطلاب STEAM

    0 مشاركات
    شارك 0 تغريدة 0
  • محمد النادي: المعرفة مفتاح مستقبل الشباب المصري في الخارج

    0 مشاركات
    شارك 0 تغريدة 0
  • عميد هندسة الأزهر: هدفنا تخريج طالب يبدع ويفكر ويبتكر.. ونمتلك مشروعات معالجة مياه الصرف الصناعي للمصانع كثيفة الاستهلاك

    0 مشاركات
    شارك 0 تغريدة 0
  • كل ما عليك معرفته عن برج الثور الرجل

    0 مشاركات
    شارك 0 تغريدة 0
لوجو جريدة الجمهورية
صحيفة قومية أنشأتها ثورة 23 يوليو عام 1952, صدر العدد الأول منها في 7 ديسمبر 1953م, وكان الرئيس الراحل محمد أنور السادات هو أول مدير عام لها, ثم تعاقب على رئاسة تحريرها العديد من الصحفيين ويتولي هذا المنصب حالياً الكاتب الصحفي أحمد أيوب.

تصنيفات

  • أجراس الأحد
  • أخبار مصر
  • أهـلًا رمضـان
  • أهم الأخبار
  • إقتصاد و بنوك
  • الجمهورية أوتو
  • الجمهورية معاك
  • الدين للحياة
  • العـدد الورقـي
  • برلمان و أحزاب
  • تكنولوجيا
  • حلـوة يا بلـدى
  • حوادث و قضايا
  • رياضة
  • سـت الستـات
  • شهر الفرحة
  • عاجل
  • عالم واحد
  • عالمية
  • عرب و عالم
  • عقارات
  • فن و ثقافة
  • متابعات
  • مجتمـع «الجمهورية»
  • محافظات
  • محلية
  • مدارس و جامعات
  • مع الجماهير
  • مقال رئيس التحرير
  • مقالات
  • ملفات
  • منوعات
  • سياسة الخصوصية
  • إتصل بنا
  • من نحن

جميع حقوق النشر محفوظة لـ دار التحرير للطبع والنشر - 2024 ©

لا توجد نتائج
كل النتائج
  • الرئيسية
  • أخبار مصر
  • ملفات
  • مدارس و جامعات
  • محافظات
  • رياضة
  • برلمان و أحزاب
  • فن و ثقافة
  • حوادث و قضايا
  • المزيد
    • تكنولوجيا
    • عرب و عالم
    • إقتصاد و بنوك
    • الجمهورية معاك
    • منوعات
    • متابعات
    • أجراس الأحد
    • عالم واحد
    • مع الجماهير
    • العـدد الورقـي
    • مقال رئيس التحرير
إتصل بنا

جميع حقوق النشر محفوظة لـ دار التحرير للطبع والنشر - 2024 ©