بعد عامين من الدم والنار والخراب والدمار، استطاعت مصر أن توقف نزيف الدم فى غزة، وتضع حدا لحرب الإبادة الجماعية التى أطاحت بكل مقومات الحياة فى القطاع، بجهود دبلوماسية مكثفة وتحركات سياسية مدروسة، نجحت فى صد مخطط التهجير، الذى كان يستهدف تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها، وتحويل معاناة الشعب الفلسطينى إلى أزمة إنسانية بلا أفق.
تحملت مصر القوية الضغوط الخارجية والحروب الاقتصادية التى سعت لقبولها التهجير، تمسكت بثوابتها الوطنية والعربية، ورفضت المساومة على الحق الفلسطيني، واجهت حروب الجيل الرابع، وحملات ممنهجة من الشائعات لتشويه دورها وتهميشه، واتهامها غدرا بالخيانة أو التواطؤ، عبر لجان إلكترونية مدفوعة الأجر سعت للنيل من مكانتها ودورها الإقليمي.
أثبتت مصر، رغم كل تلك التحديات، أنها قلب الأمة النابض، فجمعت ملوك ورؤساء العالم فى شرم الشيخ تحت راية واحدة: «وقف إطلاق النار فى غزة»، وفرضت بثقلها الدولى وسياستها الحكيمة عن عودة الدور المصرى كضامن للسلام، وحارس للقضية الفلسطينية، وسند للشعوب العربية فى مواجهة العدوان.
وفور إعلان وقف إطلاق النار، لم تتأخر مصر فى مد يد العون لأهالى غزة، فأعادت تسيير القوافل الإنسانية والإغاثية التى تحمل الغذاء والدواء والأمل. وكان التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى فى مقدمة الصفوف، حيث جهّز القافلة الـ 12 التى انطلقت من أرض مصر محملة بـ200 شاحنة تحمل أكثر من 4 آلاف طن من المساعدات الإنسانية.
وتنوعت المساعدات بين المواد الغذائية والدقيق والأغطية ومستلزمات النظافة والخيام، جرى إعدادها وفقا للاحتياجات الفعلية على الأرض، وبالتنسيق الكامل مع الجهات المعنية لضمان سرعة وسلامة الوصول إلى المستحقين، هذه الجهود جاءت امتدادا لمسيرة إنسانية طويلة بدأت فور اندلاع الأزمة، والتى تؤكد أن مصر لا تتحرك بدافع السياسة فقط، بل انطلاقا من دورها الإنسانى ومسئوليتها التاريخية تجاه أشقائها العرب.
لقد تجسد التضامن المصرى فى أبهى صوره من خلال آلاف المتطوعين فى المحافظات المختلفة، الذين سارعوا بالمشاركة فى جمع وتعبئة المساعدات، تأكيدا بأن التكافل والعطاء ليسا مجرد شعارات، بل قيم متجذرة فى وجدان المجتمع والشعب المصري، قافلة دعم غزة ليست مجرد شاحنات إغاثية، بل رسالة متجددة بأن مصر كانت وما زالت صمام الأمان للقضية الفلسطينية، وجسر الرحمة بين الشعوب، وإنها امتداد لجسر الإغاثة المصرى المتواصل، الذى يعبر عن موقف ثابت وواضح بأنه لا تهاون فى نصرة.