في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية والسجالات الاقتصادية بين القوى العالمية، اتجهت دول كبرى مثل الصين وروسيا لشراء كميات ضخمة من الذهب لتدعيم احتياطياتها من النقد الأجنبي.
هذا التوجه، الذي يراه محللون محاولة للتحول بعيداً عن الدولار كعملة احتياط رئيسية، ساهم في توتر المعروض العالمي ورفع أسعار المعدن النفيس.
في مصر، يُعد الذهب ملاذاً تقليدياً للمواطنين، لكن خلف هذا اللمعان تدور تساؤلات حول مستقبل المعدن الأصفر، وهل هو استثمار مضمون أم أن موجات الارتفاع الأخيرة تخفي وراءها هشاشة مرتبطة بالاقتصاد العالمي.
تساؤلات طرحتها «الجمهورية» على الخبراء؟!
قفزة تاريخية في الأسعار العالمية والمحلية
كشف تقرير شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات عن قفزة بنسبة 54.3% في أسعار الذهب بمصر منذ يناير وحتى أكتوبر 2025.
المقياس | سعر يناير 2025 | سعر أكتوبر 2025 | نسبة الارتفاع |
عيار 21 محلياً | 3720 جنيهاً | 5740 جنيهاً | 54.3% |
الأونصة عالمياً (إغلاق الأسبوع) | 4249 دولاراً |
أكد إيهاب واصف، رئيس الشعبة، أن العالم يشهد واحدة من أعنف موجات شراء الذهب في تاريخه الحديث، مدفوعة بقلق الأسواق العالمية، وضعف بعض البنوك الأمريكية، وتصاعد التوتر التجاري بين واشنطن وبكين، إضافة إلى التوقعات بخفض الفائدة الأمريكية خلال اجتماعي الفيدرالي المقبلين.
وأوضح أن البنوك المركزية، وعلى رأسها البنك المركزي الصيني، تواصل شراء الذهب للشهر الحادي عشر على التوالي. كما ضخت صناديق الاستثمار تدفقات ضخمة نحو المعدن النفيس، وسط زيادة الطلب الاستهلاكي في آسيا، خاصة الهند، خلال موسم المهرجانات.
أشار واصف إلى أن الذهب حقق مكاسب 64% عالمياً، فيما حققت الفضة 70%، بعد تصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وتهديد واشنطن بفرض رسوم 100% على سلع صينية ورد بكين بتهديدات مماثلة.
توقعات التصحيح ونصائح للمستثمرين
اتفق أسامة زرعي، المدير الإقليمي ورئيس قسم التحليل بشركة “جولدن إيرا”، على أن ارتفاع أسعار الذهب الأخير نتج عن عدة عوامل رئيسية، أبرزها قرار “الفيدرالي الأمريكي” بخفض أسعار الفائدة، ما دفع المستثمرين للتوجه نحو الأصول الآمنة.
دور البنوك المركزية وعجز المعروض
لعبت البنوك المركزية، خاصة الصين وروسيا، دوراً محورياً في دفع الأسعار للأعلى، إذ بدأت في تنويع احتياطاتها بعيداً عن الدولار عقب العقوبات على روسيا، حيث باتت ترى في الذهب أصلاً يمكن تسييله بسهولة دون التعرض لعقوبات مالية.
وأوضح زرعي أن الطلب العالمي تجاوز المعروض بفارق كبير: في الربع الثاني من 2025، بلغ المعروض 919 طناً، بينما قفز الطلب إلى 1260 طناً، ما خلق فجوة ضخمة دفعت الأسعار للصعود.
السوق المصري وتوقعات التصحيح
فيما يتعلق بالسوق المحلي، أشار زرعي إلى أن السوق المصري يتسم بـ “السرعة في الصعود والبطء في الانخفاض”، حيث ينعكس الارتفاع العالمي فوراً على الأسعار المحلية، بينما يستغرق التراجع وقتاً أطول.
نصيحة للمستثمرين:
شدد زرعي على أن السعر الحالي مُضخَّم بنحو 700 دولار فوق قيمته العادلة بسبب المضاربات، متوقعاً تصحيحاً سعرياً قريباً يعيد الأونصة إلى مستويات 3700-3800 دولار.
ونصح المستثمرين بالشراء عند مستويات 3950 أو 3800 أو 3750 دولاراً، مع استهداف 4400-4600 دولار على المدى المتوسط، مؤكداً أن الاتجاه طويل الأجل يظل صاعداً نحو 4900 دولار للأونصة، وأن الذهب سيبقى الاستثمار الآمن الأول عالمياً.