فى خطوة جريئة ضمن خطة الدولة لتطوير التعليم الأساسي، أقرت وزارة التربية والتعليم نظام تقييمات جديد يستهدف إحداث تحول جذرى فى فلسفة التقييم داخل المدارس المصرية، بالتركيز على التقييم المستمر بدلاً من الاعتماد الكلى على الامتحانات النهائية.
ويأتى هذا التوجه فى إطار سعى الوزارة لبناء نظام تعليمى حديث يدعم بناء الشخصية، لا مجرد جمع الدرجات.
يهدف النظام الجديد إلى جعل الطالب محور العملية التعليمية، حيث يُقيَّم بشكل دورى منذ بداية العام الدراسي، عبر تقييمات أسبوعية، وأداءات صفية، وواجبات منزلية، إلى جانب تخصيص جزء من درجات أعمال السنة للسلوك والانضباط.
تباينت آراء أساتذة كلية التربية وخبراء التعليم، وأولياء الأمور، فيما أسهمت التقييمات فى عودة الطلاب إلى المدارس، لكن يرى الخبراء أن التقييمات الحقيقية لا تتحقق إلا عندما يجد الطالب بيئة تعليمية محفزة، ويرى أولياء الأمور أنه ضغط واجبات كبير على الطلاب.
أكد د.تامر شوقي، أستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، بأنها «نقلة إيجابية» أثمرت عن نتائج ملموسة، أبرزها: عودة الطلاب للمدارس بنسبة حضور تجاوزت 87 ٪، وهو ما يعكس نجاح التقييمات فى تحفيز الانضباط والالتزام بالحضور، زيادة حرص الطلاب على الاستذكار أولاً بأول، مما أدى إلى تقليل الضغوط الناتجة عن تراكم الدروس قبل الامتحانات، تنوع التقييمات وتوزيع الدرجات ساهم فى مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، ومنحهم أكثر من فرصة لتعويض النقص فى التقييمات المختلفة، كما أن عدم التركيز على الامتحان النهائى فقط أتاح فرصة أكبر لتقييم مستوى الطالب بشكل أكثر دقة وصدقًا، وتخفيف الضغط النفسى المرتبط بالاختبار الواحد، وأخيرًا؛ فإن تخصيص جزء من أعمال السنة للسلوك والانضباط ساعد فى تعزيز القيم السلوكية والانضباط الأخلاقى إلى جانب التحصيل الدراسي.
قال محمود عبد الرازق، مدير إدارة المعادى التعليمية، أن النظام ساهم فى خلق قنوات تواصل فعالة بين المدرسة وولى الأمر، وساعد الأخير فى تتبع تقدم أبنائه وملاحظة أوجه القصور فى وقت مبكر، ما أتاح إمكانية المعالجة دون تأخير. مشيراً إلى أن التقييمات الأسبوعية غرست لدى الطلاب مفاهيم الالتزام والإنجاز، وهى قيم أساسية فى بناء شخصية المواطن.
يرى د. عاصم حجازي، أستاذ التربية بجامعة القاهرة، أن النظام فى صورته الحالية قد أفرغ الحضور المدرسى من مضمونه التربوي، وجعله مجرد وسيلة للحصول على الدرجات. مؤكدا أن حضور الطالب أصبح إلزاميًا بدافع الخوف من فقدان درجات، وليس بدافع الرغبة فى التعلم، مما أفرز علاقة قائمة على التوتر والضغط بين الطالب والمدرسة، بدلًا من الثقة والدافعية.
اشار د.حجازى أن التقييمات الحقيقية لا تتحقق إلا عندما يجد الطالب بيئة تعليمية محفزة، تُلبى احتياجاته النفسية والعقلية، وتقدم تعليمًا فعّالًا عبر معلمين أكاديميين متخصصين، إلى جانب أنشطة تتناسب مع قدراته. داعياً إلى إعادة النظر فى النظام الجديد بحيث لا يكون عبئًا على الطالب أو ولى الأمر، ولا يتحول التعليم إلى سباق لجمع الدرجات دون بناء الشخصية.
قالت منى فاروق، معلمة لغة عربية: أن النظام يحفّز الطلاب على الحضور والمشاركة، لكنه يواجه صعوبات فى التطبيق المنتظم داخل بعض المدارس بسبب ضعف الإمكانات. بينما يرى خالد محمود، معلم رياضيات، أن التقييمات الكثيرة باتت عبئًا إضافيًا على المعلم الذى يجد نفسه بين مهام التدريس، وتوثيق الغياب، وتنفيذ التقييمات، خاصة فى ظل قصر زمن الحصة بعد تطبيق نظام الفترتين.
أوضحت الطالبة مريم أحمد، فى الصف الرابع الابتدائي: «المدرسة بقت بتطلب مننا كراسات كتير وواجبات، وكل حاجة عليها درجات، بس ده خلانى أذاكر أولاً بأول». فى حين يشير والد الطالب كريم، بالصف الثانى الإعدادي، إلى ضعف الشفافية فى بعض الأحيان: «أنا مع فكرة إن ابنى يتقيم طول السنة، لكن مش كل المعلمين بيطبقوا التقييمات دى بوضوح.