لم يصدمنى ما قاله السيناتور الجمهورى ليندسى جراهام خلال مؤتمر للحزب الجمهورى الأمريكى فى ساوث كارولينا وقوله نصا: «إذا سحبت أمريكا دعمها عن «إسرائيل» فإن الله سيسحب دعمه عنا». جراهام كان يتحدث أمام مجموعة من الانجيليين واعتبر خطابه استثنائيًا فى تأييده لإسرائيل والهجوم على خصومها وزعم أن اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية هو اتهام باطل وأن إسرائيل هى الطرف الطيب والصالح»!!.
نموذج جراهام واشباهه هم محصلة لسياسات طويلة الأمد متراكمة ظلت الصهيونية العالمية إسرائيل وأعوانهما يعملون عليها فى فراغ الصمت والتيه العربى والإسلامى بلا هوادة ودون كلل أو ملل.. يملأون الساحة بالأكاذيب والخزعبلات الصهيونية ويلبسونها كل أثواب الخداع والتضليل وهم يحاولون فرضها على العالم فرضا.. لم يفوتوا فرصة صغيرة أو كبيرة كلما لاحت فى الأفق لائحة.. استخدموا كل الحيل المشروعة وغير المشروعة لاقناع الجماهير والحكومات بباطلهم.. لم يتوقف الاختراق عند حدود الغرب الموالى لهم والداعم الأكبر والصانع لأسطورة الصهيونية بل امتد إلى العالم العربى والإسلامى.. روجوا الأكاذيب ومن كثرة ترديدها صدقوها وكاد العالم أن يصدقهم فى لحظة من التاريخ الأعمى أو الأسود.. لم يكتفوا باختلاق القصص والحكايات بل اضفوا عليها نوعاً من القداسة اخترعوا لها نصوصا توراتيا.. نعم اخترعوها.. ألفوها وضعوها حرفوها بكل جرأة ونسبوها إلى الوحى.. زجوا بها فى الالواح.. دقوها فى المزامير.. نشروا باستفاضة كل التأويلات والشروحات التى تخصص فيها حاخامات رفعوهم إلى درجات أعلى من الذات الإلهية كما فى معتقداتهم الباطلة (ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم).. اذ جعلوا للحاخام سلطة التعديل على كلام ربهم ووضع نصوص مساوية إن لم تتجاوز فى الأهمية والقيمة ما هو منزل أو موجود فى الكتاب المقدس الخاص بهم.. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا..
فاليهود بحسب ما جاء فى كتاب «عقائد اليهود بحسب التلمود» يعتقدون أن لكل الحاخامات سلطة إلهية وكل ما قالوه يعتبر أنه صادر من الله.
يقول الرابى مناحم كباقى الحاخامات: (إن الله تعالى يستشير الحاخامات على الأرض عندما توجد مسألة معضلة لا يمكن حلها فى السماء)!!
وذكر فى التلمود: (إن الحاخامات المتوفين مكلفون بتعليم المؤمنين فى السماء). وجاء فى كتاب يهودى اسمه (كرافت) مطبوع فى سنة 1509:
(اعلم أن أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء. وزيادة على ذلك يلزمك اعتبار أقوال الحاخامات مثل الشريعة لأن أقوالهم هى قول الله الحى فإذا قال لك الحاخام أن يدك اليمنى هى اليسرى وبالعكس فصدق قوله ولا تجادله فما بالك إذا قال لك إن اليمنى هى اليمنى واليسرى هى اليسري).
وقال أحد علماء اليهود المسمى (ميمانود) المتوفى فى أوائل القرن الثالث عشر (مخافة الحاخامات هى مخافة الله)!!
وقد جاء فى التلمود: (من يجادل حاخامه أو معلمه فقد أخطأ وكأنه جادل العزة الإلهية)!
وجاء فى التلمود (صفحة/74): (إن تعاليم الحاخامات لا يمكن نقضها ولا تغييرها ولو بأمر الله!!)
وقد وقع يوماً الاختلاف بين البارى تعالى وبين علماء اليهود فى مسألة فبعد أن طال الجدال تقرر إحالة فصل الخلاف إلى أحد الحاخامات الرابيين، واضطر الله أن يعترف بغلطه بعد حكم الحاخام المذكور (18)!
وقال الحاخام (روسكي) المشهور: (التفت يا بنى إلى أقوال الحاخامات أكثر من التفاتك إلى شريعة موسي).
لم يكتف اليهود والصهاينة بلعبة الحاخامات فى تزييف الوعى والعبث بالتاريخ بل انهم لجأوا إلى أداة عجيبة تمثل قمة الجراة والتطاول على الكتب المقدسة اوجدوا انجيلا جديداً ليوظفوه فى خدمة السياسة سموه «تلمود الصهاينة» حينا ويعرف أيضا باسم «انجيل سكوفيلد» والذى وضعه قس مسيحى اسمه سايرس إنجرسون سكوفيلد (1843-1921) لم يكن مجرد قس عادى بل كانت شخصيته معقدة ومثيرة للجدل فبعد مسيرة مهنية كمحامٍ وخدمة فى الجيش الأمريكى تحوّل إلى اللاهوت سيرة حياته تحمل علامات استفهام حيث تشير بعض السجلات إلى اتهامات بالاحتيال والنصب فى فترة شبابه مما دفع بعض النقاد اللاهوتيين إلى التشكيك فى دوافعه واتهامهم له باستغلال الدين لتحقيق أهداف أيديولوجية.
واستخدم إنجيل سكوفيلد كأداة فكرية محورية مسيَّسة وكان لها دور مركزى فى تشكيل وتغذية الفكر الصهيونى المسيحى الحديث داخل العالم البروتستانتى الإنجيلى فى الولايات المتحدة. لم يكتفِ هذا العمل بتقديم تفسير لاهوتى بل عمل على إعادة صياغة الفهم الدينى للكتاب المقدس مما مهّد الطريق لدعم سياسى غير مسبوق لإسرائيل.
والمعروف ان الصهيونية المسيحية تدعم عودة اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة إسرائيل بناءً على تفسيرات كتابية تربط هذه العودة بالمجىء الثانى للمسيح وتثير هذه الحركة جدلاً واسعاً بسبب تأثيرها السياسى الكبير وما يثار عن اتهامات حول تحريف النصوص الكتابية لخدمة مصالح إسرائيل..
بالفعل انخدع كثيرون بتلك الآراء التى روجها وتبناها المتطرفون الذين نجحوا فى جعلها دينا وعقيدة ونذروا أنفسهم لتحقيقها مهما كان الثمن مادياً ومعنوياً حتى ولو رفضهم كل العالم وثار فى وجههم ووصـل الأمر إلى أن أصـبح دعم إسرائيل والمتطرفين اليهود جزءا من عقيدة الايمان الأمريكى الغربى.. امتد تأثير الصهاينة إلى مراكز الحكم المختلفة خاصة فى البيت الأبيض الذى أصبح أداة طيعة فى يدهم بعد أن تحكموا فى المراكز الحساسة ثم احكموا السيطرة على الكونجرس بمجلسيه واستولوا على المناصب المهمة فى الوزارات الحساسة أو السيادية وصار القرار الأمريكى والغربى رهنا باشارة من الصهاينة وإلا!!
والله المستعان..