>> أهم ما تحقق فى اتفاق السلام الذى تم توقيعه فى شرم الشيخ هو وقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى وخروج أكثر من 1900 أسير وسجين من السجون الإسرائيلية والاعتراف بالرؤية المصرية بعدم تهجير أهالى غزة وعودتهم إلى ديارهم مما يوقف محاولات تصفية القضية.
لقد أجبرت خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إسرائيل على وقف الحرب وإخراج الفلسطينيين من السجون وإعادة إدخال المساعدات الإنسانية لغزة وسفر العشرات للعلاج فى مصر والخارج من المصابين فى الحرب التى استمرت لعامين وأسفرت عن استشهاد أكثر من 67 ألف فلسطينى وربما مئات الآلاف من المصابين والموتى تحت الأنقاض.. فوقف الحرب فى حد ذاته إنجاز لوقف نزيف الدماء الفلسطينية!!
لا يمكن إنكار الجهد الذى بذلته مصر مع الشركاء من قطر وتركيا إلى جانب الولايات المتحدة لإنجاز الاتفاق الذى بدأت مرحلته الثانية المهمة والشاقة والتى ستمتد لفترة طويلة نظراً لقدرة الإسرائيليين على المماطلة والتسويف وعرقلة المفاوضات مما جعل العديد من المراقبين يتوقعون عدم اكتمالها.. وأن خطة ترامب ربما ستقتصر على المرحلة الأولى فقد حقق نتنياهو ما يريده بعودة الرهائن الأحياء وجثث الأموات وهو لا يريد التخلى عن غزة ولكنه سيسعى لتخلى حماس عن السلاح.. وهو يتمنى عودة الحرب ليظل فى مكانه أطول فترة!!
أعطى الرئيس ترامب لصديقه نتنياهو كل ما يعزز موقفه فى رئاسة الوزراء خلال خطابه أمام الكنيست.. فقد امتدحه كثيراً وطالب الرئيس الإسرائيلى بالعفو عنه فى قضايا الفساد المتهم فيها.. ولكن نتنياهو بخبث أضاع على ترامب التقاط صورة تذكارية مع الأسرى العشرين الذين أفرجت عنهم حماس.
علينا أن نفرح بأن المقاومة الفلسطينية استطاعت الصمود لعامين من حرب إبادة شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلى.. والأهم أنها حافظت على سرية أماكن وجود الأسرى ولم تستطع مخابرات إسرائيل وأمريكا وبريطانيا ودولاً أخرى أن تصل إليهم أو تعرف مكانهم رغم أنهم دمروا غزة تماماً وفتشوها متراً متراً ونزلوا إلى الانفاق فهل ألبست فصائل المقاومة الأسرى «طاقية الإخفاء».. فهذا انتصار للمقاومة.
علينا أن نفرح كذلك بالدور المصرى فى وقف إطلاق النار والدور الأهم فى وقف خطط التهجير.. وبجميع المفاوضين العرب من مصر وقطر وحماس.. وأن نفرح باستضافة مصر لمؤتمر شرم الشيخ الناجح وحضور زعماء العالم.. ولكن الأهم أن نواصل العمل لتحقيق حلم إقامة الدولة الفلسطينية وعندها فقط يكون السلام.. فالسلام أكثر صعوبة من الحرب!!
استعدوا لمعركة إعمار غزة!!
>> تعالوا نتخيل شكل غزة بعد عام أو عامين؟!
أتحدى أن يتمكن أمهر العرافين وقراء الكفوف والسحرة أن يتنبأوا بما سيكون عليه قطاع غزة فى المستقبل بل أنهم لا يمكنهم معرفة «طالع» أو كيف سيكون حال منطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام القليلة القادمة!!
غزة التى تم تشويه وجهها وتدمير مبانيها وبنيتها الأساسية وتحويلها إلى أنقاض تدفن تحتها أشلاء الشهداء.. ولن يكون إزالتها سهلاً وإنما يحتاج إلى عمل شاق وجهد كبير ومعدات حديثة ووقت ليس بالقليل لإزالة ٥٥ طناً من الركام والمخلفات وإخراج الجثث وتمهيد الأرض لإعادة البناء وتجميل وجه غزة المشوه!!
يحتاج إعادة بناء قطاع غزة ليعود صالحاً للحياة البشرية إلى كل ما سبق وإلى تكاليف ضخمة قدرتها الأمم المتحدة بحوالى 70 مليار دولار.. فمن الذى سيوفرها؟!
حسب رؤية الرئيس الأمريكى ترامب فإن على الدول الغنية أن تقوم بهذا العمل، بينما واقع الحال يشير إلى أن إسرائيل هى التى اعتدت وقامت بحرب إبادة لكل شىء على أرض غزة من أهالى وعمارات وأشجار ونباتات.. فلماذا لا تدفع إسرائيل ثمن عدوانها.
لقد أخذت مصر على عاتقها الدعوة لمؤتمر الشهر القادم لإعادة إعمار غزة والتعافى المبكر للقطاع لوأد فكرة تهجير الأهالى وتصفية القضية وحتى يعود القطاع للتنمية واستيعاب العائدين الفلسطينيين الذين كانوا قد نزحوا من الشمال إلى الجنوب وسيتم البناء والتعمير وهم على أراضيهم وفى مكانهم تنفيذاً لرؤية مصر الثاقبة التى لولاها لتحولت غزة إلى «ريفيرا» يمتلكها رجال أعمال من أمريكا وكل أنحاء العالم وتضيع القضية الفلسطينية!!
عملية إعمار غزة.. معركة جديدة.. لابد أن يستعد لها الشعب الفلسطينى ولن تتركه مصر.. وعلى كافة الدول العربية والشركاء الاستعداد لها جيداً.. فهى معركة لا تقل عن معركة المحادثات التى أدت إلى اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذى تم توقيعه فى مدينة السلام وشهد عليه زعماء العالم.. حيث إن إعمار غزة وإعادة توطين أهلها فى أماكنهم يقضى على أحلام نتنياهو فى التهجير وعزل غزة تماماً عن الضفة ثم يكمل خطته بتقسيم الضفة عن طريق إقامة العديد من المستوطنات خاصة فى القدس حتى ينهى تماماً أى أمل فى إقامة الدولة الفلسطينية.. فهل تنتبه الدول العربية والإسلامية لما يخطط له اليمين الصهيونى.. وهل يعود قادة الفصائل الفلسطينية إلى رشدهم ويتحدوا وينهوا خلافاتهم قبل فوات الأوان؟!
ربما تحتاج غزة إلى مثل مشروع «مارشال» وزير خارجية أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية الذى ساهم فى إعادة بناء أوروبا التى دمرتها الحرب.. فالإعمار يحتاج لتكاتف كل دول العالم بما فيها أمريكا والضغط على إسرائيل لتدفع ثمن عدوانها.. وبالتأكيد العبء الأكبر سيقع على العرب!!









