السؤال هو كم مرة رأينا (الرصاصة لا تزال فى جيبي) والإجابة هى نعم، رأينا هذا الفيلم كثيرا، ولكننا لم نتخيل كيف تم تصويره؟، بل كيف عرض أصلا بعد شهور من حرب أكتوبر؟ وكيف استطاع صناعه بدء العمل فيه قبل نهاية الحرب؟، قصة تستحق فيلما وحدها كما رواها محمود ياسين، بطل الفيلم، فى حوار مع الإعلامية نهال كمال فى برنامج (لسه فاكر) أول أمس الثلاثاء على شاشة ماسبيرو، فى مفاجأة حقيقية، وكان الاثنان، الضيف والمحاورة متألقين برغم فارق الزمن الكبير بين زمن الفيلم (1974)، وزمن البرنامج (1997) والزمن الحالى، يفاجئنا محمود ياسين بمعلومات مذهلة عن هذا الفيلم الكبير، وعن محبة السينما الكبيرة لدى بعض منتجيها زمان مثل المنتج رمسيس نجيب الذى قرر ان يقدم هذا الفيلم بعد بداية حرب أكتوبر بأيام لأهمية تسجيل هذه الحرب فى السينما، ولتأتى اعترافات نجم السينما الكبير على النحو التالى:
(كان الدور الاول لصناعة هذا الفيلم لرمسيس نجيب المنتج والمحب للسينما والذى اخبرنا بأننا سنصوره فى اقرب وقت، وبالفعل، ذهبنا يوم 15 أكتوبر إلى مواقع القتال، كان معنا أحد المقاتلين فى الحرب والذى أخذنا الى كل المناطق التى عبر منها جيشنا، وكانت آثار المعارك مازالت موجودة بتفاصيلها بعد أيام من العبور، وكانت هذه الزيارة اكتشاف مذهل للمناطق التى دارت فيها حرب اكتوبر) .
البندقية اتكلمت
لم تكن زيارات أسرة الفيلم سريعة كما قد نتصور ولكنها زيارات ميدانية مدققة وفقا لاعترافات محمود ياسين هنا (كنا نقضى أربعة أو خمسة أيام فى كل موقع من مواقع الحرب نذهب اليه لنعرفه جيدا من الخارج والداخل ونعرف كل ما حوله وكان يرافقنا أيضا أحد المقاتلين الكبارمن أبناء القوات المسلحة، وكان أهالى المناطق التى نزورها يستقبلوننا استقبالاً عظيماً كأننا نحن الذين انتصرنا، وساعدونا فى معرفة كل شىء، وأهمها المعلومات عن تفاصيل أحداث الحرب، وهو ما ساعدنا كثيرا عند التصوير بعدها، خاصة اننا استخدمنا الذخيرة الحية ولا اعرف حتى الآن كيف فعلتها؟) ويعود محمود ياسين الذى كان يتحدث بطلاقة وانفعال ليضيف الينا هذه المعلومة حول استخدامه هو وزملاؤه أسلحة حقيقية (لقد تعلمت فى المدرسة كيف امسك البندقية، وبعدها فى الجامعة، كنا نتدرب على استخدامها، وكانت البندقية هى كل علاقتنا بالسلاح، لكن استخدام مدفع الـ(آرـ بى ـ جى) كان مخيفا، ومع ذلك فعلناها بعد استعداد كبير، كان رمسيس نجيب يذهب معنا بهذه الروح، ويرتب زياراتنا لأماكن المعارك، ويكلمنى فى أى وقت لأجل العمل، وكانت الفكرة هى ان (حسام الدين مصطفي) هو من سيخرج الفيلم (كتب سيناريو الفيلم كاتب قصته احسان عبدالقدوس بالاشتراك مع رأفت الميهي) وحين بدأ فى التخطيط لعملية الاخراج وجد ان المعارك الحربية هى البطل وهنا قرر المنتج احضار مخرج أجنبى متخصص فى المعارك، كان إيطاليا، (الفيلم احتاج الى مخرجين إيطاليين للمعارك واثنين مصريين وخمسة عشر مدير تصوير مصريا تحت إدارة حسام الدين مصطفي).
مشاهد لا يمكن تكرارها
وكأنه كان ينتظر هذه اللحظات ليعترف، وبإحساس كبير بأهمية هذا الفيلم الذى بدأ قصته من حرب الاستنزاف وانتهى بحرب أكتوبر والعبور الكبير حكى محمود ياسين بصدق شديد ومحبة بالغة لنا عبر البرنامج ومقدمته (ان مشاهد الاقتحام التى قدمها الفيلم لا يمكن ان تتكرر، وان اقتحام قواتنا بالقوارب المطاطية للساتر الترابى وهدمه كما صورها مصورى الفيلم مذهلة، وقد تمت بمساعدة الجيش ورجاله، وعتاده فى مشاهد لم تصور من قبل ولا يمكن تكرارها أو استعادتها، مستطردا، ،هل من الممكن تصوير الصعود من قوارب المطاط الى حافة الحاجز الترابى العالى للضفة الثانية للقناة ؟) ويكمل النجم الكبير اعترافاته عن المرحلة التى قدمها فى الفيلم (قمت بدور مواطن مصرى من الريف طلب للتجنيد أيام حرب الاستنزاف التى حققت فيها قواتنا انتصارات عظيمة استنزفت طاقة العدو كما لو كانت تمهيدا أو أكتوبر مصغرة، وقدمت حرب الاستنزاف تجارب لقواتنا للتواجد والعبور فى مواجهة حالة اللاسلم واللاحرب التى انتشرت كشائعات أيامها مما شكل عبئا نفسيا على المقاتل والمجند وأثر على معنوياتهم، خصوصا وهم يرون جنود الاعداء على الضفة الثانية للقناة (وهو ما قدمه الجزء الاول من الفيلم) وتأثير هذا عليهم حين يذهبون فى إجازاتهم لقراهم ومدنهم وعائلاتهم ويسمعون نفس السؤال (مصر حتحارب، ، ولا مش حتحارب)، ويفاجئنا محمود ياسين بأن احداث الفيلم التى دارت على الجبهة الداخلية فى البداية تم تصويرها فى مزرعة قدمها صاحبها لفريق العمل، مؤكدا ان الحس الوطنى كان يحرك الجميع، ويكشف لنا سراً مهماً، ووثيقة لانعرفها هى (ان هذه المشاهد التى تم تصويرها لعبور الجيش بالقوارب واقتحامه للهضبة الترابية (خط بارليف ) فى الفيلم اصبحت وثيقة تم استخدامها بعد ذلك فى الأعمال السينمائية والدرامية الاخرى التى تناولت حرب أكتوبر، وان هذا تم من خلال حس وطنى تعبيرا عن بطولات لا مثيل لها قام بها المصريون من كل الفئات والطبقات)، اخيرا قال النجم الكبير ان عنوان الفيلم مهم ودال على أهمية الاستعداد الدائم للدفاع عن الوطن، وان الرصاصة التى احتفظ بها محمد بطل الفيلم كانت ضرورية لبث الأمن والأمان له ولحبيبته فاطمة. انتهى البرنامج ولكن الذاكرة لا تنتهى لاهميتها فى استمرار الحياة وحيث تمر هذه الايام الذكرى الخامسة لرحيل محمود ياسين نجم السينما المصرية الكبير والمثقف والذى قدم الكثير لنا فى المسرح والسينما والدراما التليفزيونية وأيضا الإذاعة التى أضاء برامجها بصوته المعبر العميق حين قدم يوميات الحرب.









