التجارة أنواع أهمها وأفضلها تجارة النجاة ، وهى التجارة الرابحة مع الله- عز وجل- حيث يقول الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ».
وقد عبر النص القرآنى بقوله تعالي: «تُجَاهِدُونَ»، والجهاد أعم من القتال، فالجهاد الأكبر يكون بالعمل والإنتاج، وعمارة الكون، والحرص على مكارم الأخلاق، وحسن تربية النفس، والحرص على الحلال الطيب، وأداء الحقوق والواجبات، والاستعداد للتضحية فى سبيل الله متى فُرض علينا القتال، حيث يقول الحق سبحانه: «ِإنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ». ومن أعظم أنواع التجارة مع الله- عز وجل- الإنفاق فى سبيل الله، حيث يقول سبحانه: «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»، ويقول نبينا الكريم- صلى الله عليه وسلم-: «مَن تَصَدَّقَ بعَدْلِ تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ، ولَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كما يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ»، ويقول الحق سبحانه: «وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا».
تلك هى التجارة الرابحة، ويدخل فيها كل تجارة حلال يتقى صاحبها الله- عز وجل- ويراعى فيها الكسب الحلال، بلا غش ولا تدليس ولا احتكار ، حيث يقول نبينا الكريم- صلى الله عليه وسلم-: «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ والشُّهَدَاءِ»، ويقول- صلى الله عليه وسلم-: «من غشنا فليس منا»، ويقول- صلى الله عليه وسلم-: «المحتكر ملعون»، ويقول- صلى الله عليه وسلم-: «من دخلَ فى شيٍء من أسعارِ المسلمينَ ليُغْلِيَهُ عليهم فإنَّ حقًّا على اللهِ تبارَك وتعالَى أن يُقعدَهُ بعُظْمٍ من النارِ يومَ القيامةِ».
غير أن هناك تجارات موبوءة ومحرمة وخبيثة وأكلها أكل للسحت كتجارة المخدرات، التى تستهدف الفتك بشبابنا وأبنائنا وقتل وتدمير قدراتهم الإنتاجية، وجعلهم عالة على المجتمع بدلا أن يكون إضافة له، وتجارة السلاح خارج الأطر القانونية، ذلك السلاح الذى يستخدم فى القتل، والتدمير، والتهديد، وترويع الآمنين، ويلحق بتجارة السلاح كل ما يدخل فى حكمه من صناعة المتفجرات وغيرها من كل ما يؤدى إلى القتل أو التشويه أو الإعاقة، ويلحق بالتجارة المحرمة أيضا كل تجارة تضر بالمجتمع أو يكون الربح فيها مجنيًّا مما يضر به وما يغضب الله- عز وجل- بارتكاب ما نهى ديننا الحنيف عنه من الغش والتدليس والاحتكار وسائر وجوه الكسب الحرام.
ومن أخطر أنواع التجارة وأشدها إثما وجرما التجارة بدين الله، والتستر والتدثر به زورا وبهتانا قصد تحقيق مصالح ومنافع شخصية لا علاقة لها بخدمة دين الله، بل على حسابه وتشويه صورته النقية، فالخطر الداهم والسم الناقع يكمن فيمن باعوا أنفسهم للشيطان وأعداء الدين والوطن عمالة وخيانة على حساب دينهم ووطنهم وأمتهم.