أيام قليلة وتهل علينا الدورة الـ 33 لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية، والذى يشارك فى حفلاته عدد كبير من نجوم الغناء المصرى والعربي، ليشدوا بأجمل أغانيهم على خمسة مسارح لدارالأوبرا بالقاهرة والإسكندرية ودمنهور، إلى جانب المؤتمر العلمى الذى يناقش قضايا موسيقية مهمة، ويخرج بتوصات إيجابية لا يستطيع تنفيذها إلا أقل القليل منها وكأنه يحارب طواحين الهواء!!
ومن بين أهم الفاعليات التى ينظمها المهرجان إقامة مسابقات فنية ما بين موسيقية وغنائية لفئات عمرية من الشباب وأخرى للأطفال، وبرغم أن المهرجان يرفع شعار أن المسابقات تهدف إلى إتاحة الفرص لإكتشاف المواهب الواعدة ودعمها فى مجالات العزف والغناء، إلا أن إدارة المهرجان لا تهتم بهذا الهدف المزعوم، فالمسابقات صورية لتكملة المشهد الجميل للمهرجان الذى ينظم مسابقات كمثل أى مهرجان فني، وينتهى المسار بإعلان أسماء الفائزين وتسليمهم الجوائز فقط، وكل فائز يأخذ جائزته وشهادة الفوز، فليس هناك اهتمام، ولا أعلم لماذا الأوبرا لا تتبنى تلك المواهب وتحيطها بالرعاية، وإلحاقها بالفرق الموسيقية الخاصة بها، بعدما أثبتوا جدارتهم بحصولهم على أعلى مراكز المسابقة!!
وتأكيداً لحديثى أتذكر لما يقرب من 15 عاماً، وفى مسابقة نفس المهرجان أن فازت إحدى المسابقات تدعى «كارمن» بالمركز الأول فى الغناء، وبالرغم أنها أبهرت لجنة التحكيم والحضور، إلا أن مشوارها انتهى عند حصولها على جائزة المركز الأول، وأذكر بأنى أجريت معها مكالمة تليفونية سريعة وهى فى منزلها بمدينة الزقازيق، تحدثت خلالها عن أحلامها وأمانيها بأن تحتضنها الأوبرا، ومن ثم تحاورت من موقعى كإعلامى مع المسئولين بالأوبرا فى الاهتمام بتلك الموهبة، ولكنى لم أجد غير إجابات جوفاء!!
.. وبعد عام فى سنة 2012 إنطلق برنامج المسابقات العربى الشهير «أراب أيدول» الذى كان يقام فى العاصمة اللبنانية بيروت ويذاع على قناة إم بى سي، فاشتركت كارمن فى المسابقة وتحقق النجاح تلو النجاح بين المتسابقين العرب حتى وصلت للنهائيات وتحقق المفاجأة بفوزها وحصولها على المركز الأول، لتتغير معها الدنيا كلها وتتلقى هدايا ومكافآت مالية وسيارة أحدث موديل، والأهم أنها تعاقدت على أول ألبوم غنائى فى حياتها والذى طرح فى العام التالى 2013!!
تلك المتسابقة كارمن هى المطربة المعروفة الأن «كارمن سليمان»، والمدهش أن كارمن بعدما أصبحت حديث الجميع سعت إدارة الأوبرا لكى تستضيفها وتنظم لها حفلاً بالمسرح الكبير، بل واشتركت أيضاً كمطربة محترفة فى صيف نفس العام بمهرجان الموسيقى العربية بالإسكندرية.
والسؤال أين العين الخبيرة التى تنتقى الأصوات الواعدة فى تلك المسابقات، ثم ما فائدة المسابقات التى لا يتم الإستفادة من إجرائها، وهناك تساؤل آخر كم متسابقة مثل كارمن سليمان شاركت فى تلك المسابقات وفازت بالمركز الأول أو الثاني، ولم تجد صدى نجاحها وتوارت عن الأنظار، وبالطبع لم يجدن فرصة الالتحاق بمسابقة دولية تذاع يشاهدها العالم العربى كله، لتتوقف مسيرتهم عند حصولهم على الجائزة!!
وأذكر كنت التقيت منذ سنوات بصوت واعد لفتاة من منطقة الحسينية بمحافظة الشرقية، وكان صوتها رائعاً ومعها شقيقها الذى لا تقل موهبته عنها، وشاهدتهما فى حفلات عديدة بقصور الثقافة، إلى جانب مشاهدتى لهما فى مسابقات مختلفة، وكانت الفتاة وشقيقها يحتلان المركز الأول أو الثانى فى المسابقات، وعقب فوزهما بإحدى المسابقات دخلت إلى الكواليس أهنئهما بالفوز، فكانت إجاباتهما بأن شهادات الفوز سيتم وضعها مع أخواتها من الشهادات الأخرى فى أدراج مكتبهما، والإجابة لا تحتاج أى تعليق لأن المعنى واضح بأنهما يأسا من المسابقات التى يشتركان بها بلا أى تقدير من الجهات المسئولة والأخذ بأيدهم وبموهبتهم التى انتهت بلا طائل.!!
ثم لماذا تقام مسابقات مهرجان الموسيقى العربية فى سرية تامة، لماذا لا تذاع على الشاشات التى تذيع حفلات المهرجان أو أى شاشات أخرى حتى لو كانت مسجلة، أعتقد ان إذاعة تلك المسابقات ستجذب فى الدورات القادمة أصواتاً أخري، خاصة لو علموا أن هناك اهتماماً ما سيحدث مع الأصوات الفائزة!!