«الحياة بعد سهام» و«50 متر».. حضور مصرى مؤثر فى سباق الوثائقى
أعلن مهرجان الجونة السينمائى عن القائمة الرسمية الكاملة للأفلام المتنافسة فى مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة ضمن دورته الثامنة، والمقرر انعقادها من 16 وحتى 24 أكتوبر 2025. وتضم المسابقة هذا العام اثنى عشر فيلماً من بلدان مختلفة، يجمع بينها الجرأة فى الطرح والثراء فى الأسلوب، مع حضور بارز لأسماء مخضرمة وأخرى صاعدة فى عالم السينما الوثائقية..من أبرز الإضافات إلى المسابقة، فيلم «تحت الغيوم» للمخرج الإيطالى جيانفرانكو روسي، الحائز على جائزة لجنة التحكيم الخاصة فى مهرجان فينيسيا 2025، والذى يوثق بأسلوبه البصرى المميز الزلازل المتكررة فى منطقة الحقول الفليغرية بإيطاليا. كما يشارك فيلم «ضع روحك على يدك وسِر» للمخرجة الإيرانية سبيدة فارسي، الذى استعرض الحياة اليومية فى غزة تحت الحصار من خلال المصورة الشهيدة فاطمة حسونة، فى واحد من أكثر الأفلام المنتظرة خلال هذه الدورة.
تعكس الأفلام المختارة تنوعاً كبيراً فى الموضوعات والأساليب، بدءاً من الحكايات الشخصية الحميمة، وصولاً إلى المعالجات السياسية والاجتماعية العميقة. ويتميز برنامج هذا العام بقدرته على طرح الأسئلة الصعبة دون افتعال، مع الحفاظ على صدق النظرة وعمق المعالجة. فهناك أفلام ترصد التحولات فى مجتمعات ما بعد الحرب، وأخرى تقترب من مفاهيم الذاكرة، الهوية، والمصالحة الذاتية.
رئيس قسم البرمجة فى المهرجان، أندرو محسن، أكد أن اختيار الأفلام جاء بناء على معايير فنية ورؤيوية دقيقة، مع الحرص على أن تعكس القائمة أصواتاً مختلفة وتجارب إنتاجية متباينة، وقال إن المهرجان فخور بعرض فيلم جديد لجيانفرانكو روسي، الذى كانت له مشاركة مميزة فى دورة سابقة من الجونة بفيلم «ليل». من جانبها، وصفت المديرة الفنية ماريان خورى الأفلام المشاركة بأنها تمثل نبضاً صادقاً للعالم، مضيفة أن السينما الوثائقية باتت اليوم أكثر أهمية من أى وقت مضي، وأنها أداة لمقاومة النسيان وإعادة سرد القصص التى يحاول العالم تجاهلها.
وتشهد المسابقة مشاركة فيلمين مصريين، أحدهما «الحياة بعد سهام» للمخرج نمير عبد المسيح، والذى يمثل عودته بعد غياب طويل، حيث يعيد عبره استكشاف علاقة الإبداع بالغياب، من خلال قصة والدته. أما الفيلم الثاني، «50 متر» للمخرجة يمنى خطاب، فيعد عملها الأول، ويتناول بأسلوب بصرى حساس علاقة شخصية مع الأب، داخل سياقات ثقافية واجتماعية أكبر.. من بين الأفلام الأخرى المشاركة، يبرز فيلم «أورويل: 2+2=5» للمخرج راؤول بيك، الذى يمزج بين أرشيفات رواية «1984» لجورج أورويل ولقطات معاصرة من الواقع السياسى العالمي، مقدماً أطروحة بصرية عن التضليل الإعلامى ومحو الحقيقة. كما يشارك فيلم «كابول، بين الصلوات» لأبوزار أميني، والذى يرصد الحياة اليومية فى أفغانستان تحت حكم طالبان، فى عمل يتميز بحس إنسانى عميق.
يتنافس صنّاع هذه الأفلام على أربع جوائز رئيسية، وهى نجمة الجونة الذهبية، والفضية، والبرونزية، إلى جانب جائزة أفضل فيلم وثائقى عربي. وتبلغ القيمة المالية الإجمالية للجوائز 62,500 دولار أمريكي، ما يعكس جدية المهرجان فى دعم السينما الوثائقية وتعزيز مكانتها.
منذ انطلاقه، استطاع مهرجان الجونة السينمائى أن يرسخ مكانته كأحد أبرز الفعاليات السينمائية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من خلال تقديمه لأفلام ذات قيمة فنية عالية، وتنظيمه لبرامج موازية تتيح حواراً عميقاً بين السينمائيين، وصنّاع القرار، والجمهور. وتأتى دورة هذا العام لتؤكد التزام المهرجان بمواصلة دوره كمحرك ثقافى وفني، يربط بين المحلّى والعالمي، ويحتفى بالقوة التعبيرية للسينما التسجيلية فى نقل القصص التى لا تنقلها نشرات الأخبار.