افتتح قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية اليوم، أعمال المؤتمر الدراسي للمعهد العالمي للدراسات اللاهوتية والمسكونية (GETI 2025) التابع لمجلس الكنائس العالمي، والمقام في دير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، بحضور قيادات المعهد ومجموعة من المشاركين من مختلف دول العالم.
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، رحّب البابا بالحضور، معبرًا عن سعادته باحتضان الكنيسة القبطية لهذا الحدث الأكاديمي والروحي الهام، قائلًا: “الكنيسة القبطية تفتح أبوابها دائمًا لكل من يسعى إلى معرفة المسيح، وتقدّم من قلبها محبة حقيقية لكل إنسان، لأنها تحمل في عمقها تعليم السيد المسيح القائل: «بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضكم لبعض» (يوحنا 13: 35).
وأشار البابا إلى أن المؤتمر ينعقد في دير الأنبا بيشوي، أحد أقدم مراكز الحياة الرهبانية في العالم، حيث عاش الآباء النساك منذ القرن الرابع الميلادي رافعين أياديهم بالصلاة من أجل سلام البشرية كلها، مضيفًا: “أصلي أن يكون هذا المؤتمر منبرًا للمحبة والسلام، وأن تكونوا أنتم صوت المسيح الحي في هذا الجيل”.
وتحدث عن خمسة دروس روحية وعقائدية من مجمع نيقية الأول، الذي انعقد قبل 1700 عام، وترك أثرًا عميقًا في تاريخ الكنيسة الجامعة.
الإيمان لا يُقاس بالعمر واستشهد البابا بمثال الشاب القديس أثناسيوس الرسولي، الذي وقف أمام كبار اللاهوتيين والأباطرة ليعلن إيمانه العميق وغيرة قلبه على العقيدة الأرثوذكسية، حتى قال الحاضرون آنذاك: “تكلّم ألكسندروس بفم أثناسيوس.” وأضاف البابا “صار هذا الشاب صوت الكنيسة كلها ولسان الإيمان القويم في زمنٍ كثُر فيه الجدل والشك، وقد منحه الله حكمة الشيوخ وشجاعة الأنبياء فوقف وحده مدافعًا عن الحق حتى دُعي أثناسيوس ضد العالم”.
أثناسيوس صاحب رؤية ورسالة
وأوضح البابا أن أثناسيوس لم يكن مجرد خطيب فصيح، بل لاهوتي متعمق درس الكتاب المقدس وشرح سرّ التجسد في مؤلفه العظيم «تجسد الكلمة»، مضيفًا: “واجه أثناسيوس الهراطقة لا بعنفٍ أو انفعال، بل بقوة المنطق وإشراق الفكر. ولولا استنارته الفكرية والروحية لاختلط الإيمان وضاع المعنى”.
- روح الخدمه والتواضع ولفت البابا إلى أن أثناسيوس بدأ خدمته كشماس متواضع مرافق للبابا ألكسندروس، مؤكدًا أن تواضعه هو الذي رفعه وصمته هو الذي نطق بالإيمان، قائلًا: “المعرفة بلا محبة تُنفخ، أما المحبة فتبني”.
- قوة التلمذة الروحية وتحدث البابا عن قيمة التلمذة الصادقة في نقل الإيمان من جيل إلى جيل، موضحًا أن أثناسيوس دخل مجمع نيقية كتلميذ أمين لا كصاحب رأي أو مكانة، ومن هذا التواضع خرج النور الذي أنار المسكونة. احتمال الضيقات بشكر.
وأشار البابا إلى أن أثناسيوس احتمل النفي والاضطهاد خمس مرات من أجل الإيمان دون أن يبدّل موقفه أو يساوم على عقيدته، قائلًا: “كان يرى في كل نفيٍ دعوة جديدة للصلاة، وفي كل ألمٍ فرصة للشركة مع المسيح المتألم، وفي كل حرمانٍ مجدًا خفيًا يُختبر بالإيمان”.




