هل يقترب العلماء من تحقيق انتصار حاسم على الخلية المتوحشة أو الخلية السرطانية؟.. يبدو ان ذلك أصبح وشيكا جدا ليصبح هذا المرض الخبيث مجرد مرض عادى لا يختلف كثيرا عن الانفلونزا أو نزلة البرد.
كان التحدى الأول أمام العلماء أن الأورام السرطانية فى معظم الحالات إن لم يكن فى كلها يتم اكتشافها فى وقت متأخر وبعد انتشارها وتغلغلها فى معظم أجهزة الجسم بحيث يصبح العلاج الجراحى مستحيلا والعلاج الكيميائى والإشعاعى شديد الصعوبة كثير المضاعفات والآثار الجانبية والآلام التى لا تحتمل.. بينما لو تم اكتشافه مبكرا يصبح علاجه سهلا وبسيطا وربما لا يتجاوز إجراء جراحيا مع بضع جلسات إشعاعية وينتهى كل شيء بالشفاء التام.. إذن فالتحدى الرئيسى فى المواجهة مع السرطان هو توقيت اكتشافه.. فهل سيصبح فى الامكان الاكتشاف المبكر جدا لكل الأورام السرطانية وبالتالى علاجها بنجاح.. فهل نجح العلماء فى ذلك وهل أصبح فى الامكان معرفة الإصابة بالسرطان فى مراحله المبكرة جدا وبواسطة فحص مختبرى روتينى عادى يتم لتشخيص أى مرض؟.. يبدو ذلك قريبا جدا.
لقد أصبح فى الامكان تشخيص السرطان فى مراحله المبكرة جدا بقطرة دم واحدة.. بل وقبل أن يظهر بالفعل.. وربما تكفى أيضا للتنبؤ باحتمال الإصابة بالأورام قبل حدوثها.. فقد نجح العلماء ولأول مرة فى تحقيق التزاوج بين تقنيات الشرائح الإلكترونية المجهرية وبين الجينات الوراثية لتطوير ما يعرف بالشريحة الإلكتروحيوية والتى ترصد أى تغييرات جينية فى خلايا الجسم وتستطيع التعرف على التغييرات المسببة للأورام بدقة فائقة.. وتكمن أهمية هذا الاكتشاف الجديد فى أنه يوفر إمكانية التشخيص المبكر للأورام ومن ثم إمكانية العلاج والشفاء الكامل.. حيث يجمع الأطباء على أن المشكلة الحقيقية فى علاج السرطان تكمن فى أن نسبة كبيرة من الإصابات تكتشف فى مراحل متأخرة الأمر الذى يحول دون إمكانية محاصرة الورم وعلاجه.. وعلى سبيل المثال فإن التشخيص المبكر لسرطان الثدى قبل انتشاره فى الغدد الليمفاوية ومنها إلى أجزاء الجسم الأخرى يضاعف نسب الشفاء عدة مرات والأهم من ذلك يتيح إمكانية العلاج عن طريق الاستئصال الجزئى للثدى بدلا من استئصال كامل الثدي.
التقنية الجديدة تتميز بأنها أكثر أمانا ولا ينتج عنها أى مضاعفات أو تأثيرات جانبية.. كما فى التشخيص بالنظائر المشعة أو بالأشعة العادية والمقطعية..
فقد عرضت شركة جين سكان الألمانية فى فرايبورج.. أول شريحة إلكترونية من نوعها للتشخيص المبكر للسرطان قادرة على تحليل 638 تغييرا جينيا يمكن أن يؤدى إلى نشوء هذه الأورام.
وذكرت مصادر الشركة أن الشريحة البيولوجية الحالية مخصصة فى الوقت الحالى لأعمال معاهد الأبحاث الكبيرة.. لكنها تعمل حاليا على تطوير شريحة مماثلة صالحة للاستخدام فى المستشفيات والعيادات الطبية الخاصة.. وينتظر أن تطرح فى السوق خلال بضع سنوات.
وتتكون «شريحة السرطان» من صفيحة زجاجية صغيرة.. ثبتت عليها أجزاء من الموروثات البشرية.. ويوضع عليها دم المريض.. فتتكون روابط بين الموروثات المتشابهة.. ويمكن من خلال أصباغ خاصة معرفة ما إذا كانت هذه الروابط قد تكونت.
وتتولى الشريحة البيولوجية مقارنة النشاط الجينى للخلايا السرطانية بالخلايا السليمة.. وبالتالى تشخيص ما إذا كانت خلايا المريض سرطانية أم لا.
ذكر رولف راينر يوتربوك.. رئيس قسم الاختراع فى الشركة.. أن الشريحة ستوفر إمكانية التشخيص المبكر جدا للسرطان.
وهذا يعنى بالطبع تحسين إمكانية العلاج وزيادة فرص المصابين بالحياة كما يعنى وضع أساس لإيجاد علاج جديد لبعض الأورام السرطانية.