بمناسبة اليوم العالمي لحماية الطيور المهاجرة في السبت الثاني من شهر أكتوبر من كل عام، أجرينا حوارا شيقا مع الدكتور شريف بهاء الدين، خبير الطيور ورئيس الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، الذي تحدث بصراحة عن التحديات التي تواجه حماية البيئة وجذب الشباب للتفاعل مع الطبيعة.يُعدّ الدكتور بهاء الدين من أوائل المتخصصين في علم الطيور والحياة البرية، وله دور بارز في إطلاق مبادرات وطنية لحماية الأنواع المهددة بالانقراض وتعزيز الوعي البيئي في المجتمع.
كما شارك في إعداد استراتيجيات الحفاظ على التنوع البيولوجي، وله إسهامات علمية متعددة في مجال رصد الطيور المهاجرة وإدارة المحميات الطبيعية.في هذا الحوار، يحدّثنا عن أهمية الطيور في النظام البيئي، ودورها كسفراء للتنوع البيولوجي، وجهود مصر في حماية بيئتها الطبيعية.. وإلى نص الحوار:
جذب الشباب للطبيعة
◼ دكتور شريف.. كيف يمكن جذب الشباب لحب الطبيعة وممارسة نشاطات مثل مشاهدة الطيور؟
🔹 الحقيقة، المنافسة صعبة جدًا؛ لأن السوشيال ميديا أصبحت أقوى جاذبًا من أي نشاط في الطبيعة. حتى بناتي شخصيًا يصعب إقناعهن بالخروج للهواء الطلق؛ لأن من يعيش في القاهرة أصبح محاطًا بالمدنية، لا يرى إلا الجدران والسيارات. النيل يمر في قلب العاصمة، لكن الشباب لا ينظرون إليه بعين الاستمتاع، ولم يعودوا يعرفون من الطيور إلا الهدهد والعصافير واليمام!.
◼ إذًا ما هي وسائل الجذب الممكنة؟
🔹 نحاول من خلال فعاليات مثل اليوم العالمي للطيور المهاجرة، ودعوة الإعلاميين شهريًا للمشاركة في رحلات مشاهدة الطيور حتى يتعرفوا على جمالها. هذه الطيور تتواجد في جزر نهر النيل بالمعادي ومنيل شيحة وجزيرة الذهب في القاهرة، والتي تُعد واحة للتنوع البيولوجي، ومع ذلك قليل من سكان العاصمة يدركون ذلك.
الطيور.. سفراء التنوع البيولوجي
◼ لماذا التركيز على الطيور دون باقي عناصر الطبيعة؟
🔹 لأن الطيور هي البداية الأسهل. يمكن رؤيتها بسهولة والتفاعل معها وتصويرها دون أدوات معقدة، على عكس الكائنات الأخرى كالكائنات البحرية أو البرمائيات التي يصعب الوصول إليها. أنا أعتبر الطيور، مثل البلشون الذهبي وفرخة الماء، سفراء التنوع البيولوجي في مصر؛ لأنها أوضح وأقرب للناس.
◼ ما تعليقك على الاعتداءات التي تقع على بعض المحميات الطبيعية؟
🔹 حماية البيئة مسؤولية جماعية، ولدينا حماة البيئة التابعون للوزارة، وشرطة المسطحات المائية تساعد في هذا، لكننا بحاجة إلى رفع الوعي المجتمعي. لم يعد كافيًا الاعتماد على جهود فردية. السوشيال ميديا اليوم أصبحت أداة فعّالة لمتابعة أي اعتداء بيئي والتبليغ عنه فورًا.
◼ انتشرت مؤخرًا صور للصيد الجائر، ما تأثيرها على سمعة مصر؟
🔹 للأسف، نشر مثل هذه الصور يضر بسمعة مصر بيئيًا أمام العالم. الصيد الجائر على سواحلنا الشمالية من رفح إلى السلوم يتم بكثافة، وبكميات هائلة تصل إلى الأطنان، وهو أمر غير مقبول تمامًا. لا بد من وقفة حازمة، ويمكن الاستعانة بعدد أكبر من موظفي الرصد والمتابعة بوزارة البيئة لمتابعة هذه المساحات الشاسعة. كما يمكن الإبلاغ عن الصيد الجائر في تلك الأماكن البعيدة، ويمكن لأي مواطن يرى تلك الاعتداءات أن يُبلغ وزارة البيئة والخط الساخن للطوارئ للتدخل ومنعها. وهذا ما يحدث حاليًا من خلال حملات تمت مؤخرًا في المحميات الشمالية، تمت فيها إزالة المئات من الأمتار من شباك الصيادين، وأُنقِذت آلاف الأرواح من الطيور المهاجرة.
مستقبل السياحة البيئية
◼ حدثنا عن مستقبل سياحة مشاهدة الطيور في مصر؟
🔹 السياحة البيئية ما زالت محدودة في هذا المجال، لكن هناك أماكن واعدة مثل أسوان والفيوم والجلالة. مهرجانات مشاهدة الطيور يمكن أن تصبح عامل جذب سياحي ضخم إذا تم الترويج لها جيدًا. الهواة الأجانب يصرفون مبالغ كبيرة لمتابعة الطيور في رحلات هادئة وجميلة، وإذا نظمنا هذا النشاط بشكل احترافي فسيعود بفائدة كبيرة على الدخل القومي.
◼ أخيرًا.. ما رسالتك في اليوم العالمي لحماية الطيور المهاجرة؟
🔹 رسالتي هي: يجب أن نتذكر دائمًا أن الطيور المهاجرة ليست مجرد كائنات تعدّي في سماء بلدنا، لكنها جزء من منظومة حياة أكبر بكثير. هذه الطيور تربط بين القارات والثقافات، ووجودها مؤشر على صحة بيئتنا. لو فقدناها، نكون قد فقدنا توازنًا طبيعيًا مهمًا جدًا. أنا أدعو كل شاب وكل أسرة إلى أن يخرجوا ليروا هذا الجمال بأعينهم، ويزوروا المحميات، ويتعلموا كيف يحافظون على النيل والصحراء والسواحل. حماية الطيور هي حماية لروح المكان الذي نعيش فيه، ومصر تستحق أن نحافظ على جمالها الطبيعي ونفخر به أمام العالم.
