تواصل الدولة جهودها من أجل البناء لتيسير حياة المواطنين ففى مجال النقل والمواصلات، تتسع خريطة التنمية لتشمل كل ربوع الوطن، من العاصمة الإدارية الجديدة إلى أقصى الصعيد.
أهداف الدولة تجتمع على راحة المواطن وتيسير تنقلاته اليومية، فمشروعات النقل الحديثة أصبحت واقعًا يلمسه الجميع؛ من التوسع فى خطوط مترو الأنفاق وربطها بالمناطق الجديدة، إلى تشغيل الأتوبيس الترددى والقطار الكهربائى السريع والمونوريل، كخطوة متقدمة نحو منظومة نقل حضارية تواكب تطور العصر وتخفف العبء عن كاهل المواطنين.
وتمتد يد الدولة من الريف إلى الحضر لتشق الطرق الجديدة آمالا جديدة وتُشيّد المحاور والكبارى التى تربط المحافظات ببعضها، ضمن رؤية طموحة تهدف إلى تيسير الحركة وتوفير وسائل نقل آمنة ومنتظمة.
ورغم هذا الجهد الكبير، ولكن تصلنا عبر «الجمهورية معاك» نداءات من الأهالى فى مختلف المحافظات حول أزمة المواصلات بين المدن والمحافظات، والتى أصبحت عبئًا يوميًا يرهق الأسر.
تتكرر الحكاية كل صباح حتى أصبح المشهد مألوفاً فى شوارع المدن بعدة محافظات، (طلاب جامعات يحملون حقائبهم، وموظفون يسابقون الوقت للوصول إلى أعمالهم، ومرضى يسافرون لمسافات طويلة للعلاج فى المستشفيات الجامعية أو التأمين الصحي). لكن المشقة تبدأ قبل الوصول إلى الوجهة، تبدأ من الموقف نفسه.
فى منوف بمحافظة المنوفية، يشكو الأهالى من صعوبة التنقل بين المدن مثل شبين الكوم وأشمون والسادات، فخطوط النقل الداخلية محدودة، وعدد السيارات لا يكفى، والأجرة ترتفع مع كل ازدحام أو نقص فى السيارات.
أما فى مدينة السرو بمحافظة دمياط، فالمعاناة تتضاعف خاصة فى الصباح الباكر، إذ ينتظر الموظفون والطلاب بالساعات حتى يجدوا وسيلة تقلهم إلى دمياط أو المنصورة، وغالبًا ما تُستغل الأزمة برفع الأجرة أضعافًا، وفى مركز الفشن بمحافظة بنى سويف لا يختلف المشهد كثيرًا، تتضاعف التكلفة اليومية، وهو ما يرهق الأسر البسيطة وأصحاب الدخل المحدود.
تلك الشكاوى لا تتوقف عند حدود هذه المدن فقط، بل تمتد لتشمل قرى ومراكز أخرى فى الوجهين البحرى والقبلى، يشترك جميعها فى نفس «الهمّ»، وهو ان الطريق موجود، ولكن وسيلة المواصلات غائبة أو مرهقة.
كثير من المواطنين الذين تواصلوا معنا أعربوا عن أمنيتهم البسيطة فى أن يجدوا وسيلة نقل منتظمة وآمنة بسعر معقول، كلها أصوات لا تفقد الأمل، فى ظل دولة تعمل بجد لإصلاح ما أفسدته سنوات طويلة من الإهمال.
ومن بين المقترحات التى طرحها المواطنون لتخفيف المعاناة هى تشغيل خطوط نقل داخلى جديدة داخل المدن وبين القرى والمراكز إلى المحافظات، وزيادة عدد الأتوبيسات الصغيرة لتغطية المناطق التى تعانى من ضعف الخدمة، ومراقبة تعريفة الركوب بصرامة لمنع استغلال السائقين، وتشجيع القطاع الخاص والشباب على المشاركة فى منظومة النقل الداخلى من خلال مشروعات صغيرة مدعومة، وإطلاق تطبيق إلكترونى لتتبع خطوط النقل وجدول التحرك مما يسهل معرفة المواعيد والتكلفة الحقيقية ويمنع العشوائية، وتزويد هذه المدن بخطوط نقل من هيئة النقل العام التابعة لوزارة النقل.
كما دعا الأهالى المجتمع المدنى والجمعيات الخيرية ورجال الأعمال والأحزاب وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ فى دوائرهم، إلى المساهمة فى توفير باصات لنقل المواطنين من مواقف المدن إلى مواقف المحافظات لتخفيف الأزمة، على أن يكون ذلك طوال العام وليس وقت الانتخابات فقط أو «لأخذ اللقطة» كما شدد الأهالى.
يبقى الأمل قائمًا فى أن تمتد يد التطوير فى كل محافظة، مع متابعة المحافظين شخصيًا لهذا الملف الحيوى، وأن يشعر المواطن فى أقصى الريف بما يتحقق فى المدن من مشروعات نقل حضارى تُعد بحق شريان حياة يربط المواطن بعمله وتعليمه وعلاجه وأهله.
وما دامت الدولة تمضى بخطى ثابتة نحو التنمية، فإن الاستجابة لأصوات الناس ستظل هدفًا، فى طريق بناء مستقبل أكثر راحة وإنسانية.