من يعتقد أن المخططات والأوهام التى تحاول قوى الشر تنفيذها انتهت بالوصول لاتفاق استنادًا لخطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لوقف الحرب فى قطاع غزة فهو مخطيء فقط يعنى أن الحلول العسكرية، فشلت رغم أنها وصلت إلى حد الإبادة والحصار والتجويع وممارسة ضغوط شرسة وتهديدات قوية تجاه الرافضين للمخططات سواء التهجير أو إسرائيل الكبرى.
فشل التكتيكات لا يلغى المخططات والأوهام فهى قائمة ويجرى البحث الآن عن آليات وأساليب وخطط جديدة بعد أن فشلت الحرب وحتى الإرهاب فشل فى تحقيق المخطط بالكامل، ربما كسب بعض الأراضى من خلال التوسع والاحتلال لمناطق خاصة فى سوريا ولبنان، لكن المخطط الاساسى بعيد المنال رغم مرور عامين على حرب الإبادة الصهيو ــ أمريكية ضد الشعب الفلسطينى، وفشل تنفيذ المخطط بسبب الموقف الصلب للدولة المصرية، والتى ترتكز على قوة وقدرة وردع فائقة يصعب الصدام العسكرى معها وهو فى عداد المستحيل نظرًا للخسائر الفادحة وتهديد الوجود للكيان إذا ما فكر فى المواجهة مع مصر.
المخطط أو الفكرة الخبيثة لم تنته، مازالت قائمة وفى ظنى وبقراءة فى العقل المريض لقوى الشر أرى أن الرهان الآن الذى يعول عليه المخطط الصهيو ــ أمريكى، هو العودة إلى حروب الفوضى والتركيز على تفكيك الداخل فى دول المنطقة، لكنها قد تكون أكثر شراسة مما حدث فى الربيع العبرى فى عام 2011 من خلال محاولات وحملات تغييب الوعى، وتزييفه بأساليب جديدة ثم استمرار التشويه والتشكيك، والتحريض بإيقاع أكثر سخونة والاستغلال المكثف لوسائل الاتصالات والتواصل الاجتماعى، خلق أجيال جديدة من المغفلين والمغيبين والمجندين والمأجورين لاستغالهم فى إحداث انشقاقات داخل بعض الدول وزعزعة أمنها واستقرارها، واشغالها فى داخلها، وتقويض اصطفافها، والعمل على استثمار أزمات الداخل، أو غياب الوعى الحقيقى.
ربما تكون محاولات التهدئة فى الشرق الأوسط والمنطقة العربية لأسباب مختلفة ربما تعود إلى انهاك وأزمة إسرائيل وخسائرها الفادحة والإدراك أن محاولات تنفيذ مخطط التهجير وإسرائيل الكبرى بالحل العسكرى وحرب الإبادة لن ينجح بعد مرور عامين من جرائم غير مسبوقة ضد الإنسانية، ربما بسبب أزمات الكيان الداخلية لكن أيضا ربما تجرى محاولات تبريد الشرق الأوسط للانتقال إلى جبهة جديدة تتعلق بمواجهات عسكرية محتملة بين روسيا وأوروبا فى ظل أحاديث واستعدادات القارة العجوز بإجراءات استثنائية عقب الاختراقات الروسية للأجواء الأوروبية فى بولندا وبلجيكا بمسيرات تابعة للجيش الروسى، وهذه الإجراءات منها توجيهات بتخزين الطعام والأموال النقدية، وإنشاء ملاجيء للمدنيين حال اندلاع الحرب، ورفع الاستعدادات والطواريء فى المستشفيات بالإضافة إلى رفع الميزانيات لزيادة القدرات العسكرية وحديث أمريكى عن احتمالية تزويد أوكرانيا بصواريخ من نوعية «توما هوك» تصل إلى العمق الروسى وقادرة على إصابة أهداف إستراتيجية بالإضافة إلى عدائيات أمريكا وجنوح الرئيس ترامب، سواء فيما يخص دول أمريكا اللاتينية أو التحرش بالصين، ومطالباته باستعادة قاعدة باجرام بأفغانستان، أو أزماته مع فنزويلا وكولومبيا، ثم خسارته لأصدقاء واشنطن مثل الهند وإستراليا وكندا.
الرئيس الصربى ألكسندر فوتشيتش قال إن جميع دول العالم تستعد لصراع عالمى والحرب وهذا ما سيحدث وأؤكد لكم لأننى أرى ما يحدث وكيف يترقبه الجميع من حولى، وحذر رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوريان من احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة محذرًا القوى الكبرى من ارتكاب أخطاء قد تؤدى إليها وأن الصراع العالمى قد ينشب فى أى لحظة إضافة إلى أن هناك سباقًا محمومًا فى التسليح وامتلاك قدرات عسكرية إضافية وتحركات وأنشطة عسكرية على أرض الواقع تشى بأن هناك حربًا قادمة، ربما تريد الولايات المتحدة، تهدئة الشرق الأوسط، لأن المواجهة الأخرى التى تتصاعد قد تكون بين أوروبا المدعومة أمريكيًا وروسيا، المؤيدة صينيًا. قد تهدأ أو تتوقف الآلة العسكرية فى الشرق الأوسط والمنطقة العربية.. رغم وجود تصريحات وتقارير تشير إلى استهداف قريب لإيران، لكن ورغم ذلك سوف تستبدل الآلة العسكرية بتنشيط أساليب وحروب الفوضى والاصفاف والاسقاط وتزييف الوعى، وتأجيج الانقسامات الداخلية وصناعة الأزمات، وإحداث الفتن، ومحاولات إضعاف الاصطفاف من خلال تزييف الوعى، لذلك لابد أن تنتبه دول المنطقة إلى النمط الجديد من حروب الفوضى واللعب فى الداخل وفى عقول الشعوب بعد أن فشلت الآلة العسكرية، والضغوط والتهديدات فى تحقيق أهداف المخطط «الصهيو ــ أمريكي» لذلك لابد أن تنتبه دول المنطقة لما هو قادم وأنه سيكون الأصعب والأخطر، وقد بدأت فى بعض دول العالم مثل نيبال والفلبين وبنجلاديش ومدغشقر وفى شمال أفريقيا، بجيل جديد من المغيبينلذلك من المهم بعد فشل الحلول العسكرية، واتجاه دول الشرق الأوسط والمنطقة العربية إلى الوحدة والتحالف وانتباهها للخطر «الصهيو ــ أمريكي» الذى لا يعترف بصداقة أو علاقات طبيعية أو حتى قوانين دولية، أو أمم متحدة لذلك سوف يعمد المخطط «الصهيو ــ أمريكي» إلى العودة إلى استخدام مخططات الفوضى واستهداف الداخل وتزييف وعى الشعوب والاستثمار فى الأزمات الداخلية وتأجيج نيران الفتن، والتحريض على التدمير ولمواجهة هذه المخططات الجديدة، يجب وضع بناء الوعى الحقيقى والفهم الصحيح، وكشف هذه المخططات، وتحقيق التواصل خاصة مع الشباب، وتكثيف عرض تجارب الفوضى وحصادها المر على الدول والشعوب، ومصير هذه الدول والشعوب، وموقف قوى الشر منها، وما آلت إليه الأمور والاوضاع فيها، وكذلك عرض التهديدات التى تواجه الأمن القومى، وفضح المخططات «الصهيو ــ أمريكية» وكيف تحاول تنفيذها بكل الأساليب الشيطانية، وأهداف هذه المخططات، وترسيخ روح الولاء والانتماء، وأهمية الحفاظ على الأوطان، والاستثمار فى الدولة الوطنية ومؤسساتها، والحذر من خفافيش الظلام، فى الداخل ودعم مباديء المساواة والعدالة والشفافية ومكافحة الفساد وتكافؤ الفرص، بالإضافة إلى التواصل المستمر مع القطاعات والفئات المختلفة فى المجتمعات، وتحريك قواعد الوعى فى الإعلام، ودعم الرأى والرأى الآخر على قاعدة الاحترام المتبادل، والاستفادة من كافة الآراء والرؤى من أجل المصلحة الوطنية وهو تتبناه الدولة المصرية بعيدًا عن الإساءات والمزايدات والشعارات.
من المهم أيضا لمواجهة الحرب القادمة وهى حرب على العقول، واستثمار فى أزمات الداخل، أن تتجه الدول فى الشرق الأوسط والمنطقة العربية إلى تخفيف المعاناة عن المواطنين، وتحسين جودة الحياة، وخفض الأسعار وهى قضية غاية فى الاهمية، تمثل حجر الزاوية فى فاعلية بناء الوعى، ورفع الروح المعنوية، وترسيخ الاصطفاف، لأن المعاناة والصعوبات المعيشية تخلق حالة من عدم الرضا، رغم النجاحات والإنجازات غير المسبوق، لأن المواطن فى المرحلة القادمة هى صمام الأمان وفرس الرهان، لكسب المعركة مع قوى الشر.