السد العالى ليس فقط رمزاً للصمود والعزيمة والعزة للشعب المصرى بل رمز للتعمير والتنمية الشاملة المستدامة لأهل مصر.. بدأت عمليات التخطيط لبناء السد عام 1954 بعد ثورة 1952 بعامين فقط ورفض الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ضغوط البنك الدولى وشروطه المجحفة المضادة لاستقلال وإرادة الدولة والشعب المصرى.
أدى تأميم قناة السويس وإعادتها لحضن الشعب المصرى عام 1956 إلى تشجيع جمال عبدالناصر لاتخاذ قرار بناء السد العالى بعيداً عن البنك الدولى وشروطه وإملاءات الأمريكان وتم الاتجاه نحو الاتحاد السوفيتى السابق للمعاونة الفنية والمادية لتشييد السد العالى جنوب أسوان حيث حضر خرشوف الرئيس السوفيتى السابق مراسم تحويل مجرى النيل عام 1964 فى موقع السد العالى الذى كان يوماً تاريخياً وبرهاناً لقوة العلاقات الوطيدة بين مصر والاتحاد السوفيتى حيث شارك أكثر من 1600 مهندس وفنى روسى واستخدام المعدات الروسية فى تنفيذ الأعمال الإنشائية للسد ومحطة التوربينات ومجرى النيل ويهدف مشروع السد العالى إلى توليد طاقة كهربائية مائية صديقة للبيئة بقدرات أكثر من 2.4 جيجاوات والتى كانت تعادل نصف إنتاج الكهرباء داخل مصر كلها عام 1964 وتؤكد كل الدراسات التأثير الإيجابى للسد العالى فى تلبية مطالب الشعب المصرى الحياتية والصناعية والزراعية من الكهرباء وتشغيل مجمع الألومنيوم بنجع حمادى وشركة كيما للأسمدة بأسوان وإدخال الكهرباء للقرى والنجوع حيث ظل قاطنوها الاعتماد على لمبة الجاز والكلوب للقراءة والمذاكرة والتعايش الليلى حتى أواخر سبعينيات القرن الماضى.
أدى السد العالى إلى تكوين بحيرة ناصر ذات المساحة الكبيرة والتى تعتبر من أكبر البحيرات الصناعية مساحة وتستخدم المياه المخزنة داخل البحيرة خلف السد العالى كاحتياطى مائى هام للشعب المصرى فى سنوات الجفاف وعدم وجود فيضانات بالجبال الأثيوبية ولم يشارك الزعيم جمال عبدالناصر فى مراسم احتفال الشعب المصرى بتشغيل السد العالى حيث وافته المنية عام 1970 قبل الافتتاح بعام.. وساعد السد العالى على تحويل زراعة أراضى محافظات الصعيد من موسم واحد إلى موسمين فى العام الواحد مما أدى إلى زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية بالصعيد.. وتم افتتاح السد العالى فى وجود الزعيم الراحل أنور السادات ولولا بناء السد العالى وحصول المصريين على خبرات استخدام المياه بالضغط العالى لتفتيت الأحجار وتجريف الصخور والرمال فى مواقع السد العالى لتأثرت عمليات عبور أفراد ووحدات ومعدات القوات المسلحة المصرية قناة السويس فى حرب السادس من أكتوبر وفتح الثغرات فى خط بارليف حيث أدت خبرة اللواء باقى زكى يوسف خلال عمله فى بناء السد العالى إلى التقدم بفكرة تطبيقية للزعيم جمال عبدالناصر لتحطيم خط بارليف الذى أنشأته إسرائيل بطول قناة السويس بعد احتلالها عام 1967 بتكلفة أكثر من 300 مليون دولار فى ذلك الوقت.. وتضمن الاقتراح استخدام أسلوب المياه بقوة ضغط عالى بديلاً عن استخدام المفرقعات فى تفتيت جسم خط بارليف وبالفعل تم تدريب كل وحدات المشاه والمهندسين على استخدام تلك التكنولوجيات التى حققت نجاحاً باهراً وتم النجاح فى استيراد مئات الطلمبات بالمواصفات المطلوبة على أساس استخدامها لصالح إحدى الشركات المصرية المتخصصة فى تصنيع وإنتاج معدات الإطفاء.
وبعد نجاح العبور وحرب أكتوبر 1973 وتحرير أرض سيناء بالسلاح والسياسة وإعادتها بالكامل لحضن الوطن والشعب المصرى.. بدأت الدولة فى عهد الرئيس مبارك حفر ترعة توشكى وهى خلاف مفيض توشكى واستيراد أضخم طلمبات رفع المياه للاستخدام فى رفع مياه بحيرة السد العالى ودفعها نحو ترعة توشكى ذلك المشروع الذى بدأه الراحل الدكتور كمال الجنزورى رئيس مجلس الوزراء الأسبق.
ومنذ عام 2016 اهتم الرئيس السيسى بمشروعات توشكى وشرق العوينات والفرافرة وإعادة توزيع أراضيها على الجهات القادرة على الاستصلاح وزراعتها دون تكاسل وبالفعل تم الوصول لمرحلة استصلاح وزراعة أكثر من 650 ألف فدان منهم 590 ألف فدان بواسطة شركة استصلاح الأراضى توشكى والعوينات التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية برئاسة مصريين منتمين لوطنهم وشعبها الذى أدى ومازال يؤدى إلى تدبير نسبة عالية من احتياجات وزارة التموين من القمح سنوياً من خلال زراعة 450 ألف فدان قمحاً عام 2025.
استمر السد العالى فى حماية مصر وشعبها من عمليات الغرق وإتلاف الزراعات والمبانى فى بعض المناطق خاصة على فرع رشيد كما حدث الأسبوع الماضى عندما تم تصريف 215 مليون متر مكعب يومياً من بوابات السد العالى العشر منذ أسبوعين بدلاً من 165 مليون متر مكعب كوسيلة لحماية السد العالى عند وصول المياه الواردة من السد الأثيوبى الفترة الماضية.. ومن إنجازات الرئيس السيسى تشييد ترعة كبيرة من الخطاطبة حتى الجزء الجنوبى من مشروعات مستقبل مصر على طريق الضبعة لتوفير مياه النيل لمدينة سفنكس المليونية ومتطلبات رى 300 ألف فدان جنوب مشروع مستقبل مصر.. مما يساعد أيضاً فى تقليل فرص غرق بعض من أراضى طرح النيل على طول فرع رشيد..