بعد عامين من الحرب الطاحنة التى أنهكت غزة وأدمت القلوب فى العالم بأسره، بزغ فجر جديد للسلام من أرض الكنانة. مصر، كعادتها، كانت صوت العقل وملاذ الأمل، فجمعت الفرقاء على طاولة واحدة فى شرم الشيخ، حيث امتزجت إرادة الصمود الفلسطينية بجهود الوساطة المصرية الحكيمة. وفى لحظة تاريخية، أعلنت القاهرة وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق سلام يُنهى نزيف الدم، ويفتح باب الأمل لغدٍ تسوده العدالة والاستقرار. أثبتت مصر مجددًا أن دورها ليس إقليميًا فحسب، بل إنسانيًّا وتاريخيًّا يصون الحق ويصنع السلام.
وسط ترحيب دولى واسع بالإعلان عن التوافق حول المرحلة الأولى من خطة وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، دخل الاتفاق حيز التنفيذ، حيث أعلن مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو، وقف العمليات الهجومية فى القطاع، لكنه أكد أن الاتفاق لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد الحصول على مصادقة الحكومة، خلال الساعات القادمة.
فى الوقت نفسه، كشفت مصادر أن خطة شاملة وضعت لعملية تنفيذ تبادل الأسري. وأشارت إلى أن حماس بدأت نقل الأسرى الإسرائيليين إلى نقاط آمنة. وأكدت أن الوسطاء اطمأنوا على وضع الأسري، مضيفة أن التنسيق بدأ مع الصليب الأحمر لتسليمهم إلى الجانب الإسرائيلي.
كان بيان حركة حماس قد أعلن التوصل إلى اتفاق يقضى بإنهاء الحرب على قطاع غزة، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلى منها، ودخول المساعدات، وتبادل الأسري. وأوضح البيان ان الاتفاق جاء بعد مفاوضات مسؤولة وجادة خاضتها الحركة وفصائل المقاومة الفلسطينية حول مقترح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى شرم الشيخ، بهدف الوصول إلى وقف حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني.
وأعربت حماس عن تقديرها لجهود الوسطاء فى مصر وتركيا وقطر، كما أثنت على جهود الرئيس الأمريكى الساعية إلى وقف الحرب نهائيًا وانسحاب الاحتلال بشكل كامل من قطاع غزة. وأكدت أنها سلَّمت قوائم الأسرى الفلسطينيين ضمن المعايير المتفق عليها فى إطار اتفاق وقف إطلاق النار والعدوان على الشعب الفلسطينى فى غزة.
وقالت الحركة انها فى انتظار الاتفاق النهائى على الأسماء، تمهيدًا لإعلانها عبر مكتب إعلام الأسري، فور اكتمال الإجراءات والتفاهمات ذات الصلة.
وخلال 24 ساعة من توقيع الاتفاق فى مدينة شرم الشيخ، يرتقب أن يبدأ الجيش الإسرائيلى انسحابه من عدد من المناطق (ما يعرف بالخط الأصفر) من خان يونس جنوبًا حتى بيت لاهيا شمالًا.
وبحسب الخطة التى أعلن عنها سابقاً البيت الأبيض، ووثقها بخريطة تظهر خطوط انسحاب القوات الإسرائيلية، سيبدأ مسار الانسحاب من بيت حانون فى شمال غزة، ليمر عبر بيت لاهيا، ومدينة غزة، والبريج، ودير البلح، وخان يونس، خزاعة، على أن ينتهى عند رفح فى جنوب القطاع فى مراحل لاحقة.
كما سيتم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين الأحياء دفعة واحدة ومن دون أية مراسم، خلال 72 ساعة من التوقيع، على أن يتم تسليم الجثامين تدريجيًا. أما تسليم الأسرى الإسرائيليين، فسيتم الإفراج عن نحو 2000 أسير وأسيرة من الفلسطينيين بينهم 250 من ذوى المحكوميات العالية والمؤبدات إلى جانب أسرى من قطاع غزة، اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر 2023 .
من جهته، أعلن مصدر فلسطينى مطّلع على المفاوضات أنّ عملية التبادل ينبغى أن تتمّ فى غضون 72 ساعة من بدء تنفيذ الاتفاق، مشيرا إلى أنّ «الاتّفاق تمّ بموافقة الفصائل الفلسطينية»، وفق ما نقلت فرانس برس.
كما أضاف أنّ الاتفاق قضى أيضا بإدخال 400 شاحنة مساعدات كحدّ أدنى يوميا إلى القطاع «خلال الأيام الخمسة الأولى بعد وقف إطلاق النار». وأوضح هذه المساعدات «ستتمّ زيادتها فى الأيام المقبلة». كذلك فإنّ الاتفاق يقضى بعودة النازحين من جنوب القطاع إلى مدينة غزة (وسط) وشمال القطاع فور بدء تنفيذه، وفق المصدر نفسه.
أما المفاوضات بشأن تطبيق المرحلة الثانية من خطة ترامب فستبدأ «فور» بدء تنفيذ المرحلة الأولي، وفق ما أكد قيادى فى حماس.
ومع الإعلان عن الاتفاق حول المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، أعلن الجيش الإسرائيلى أن قواته تستعد لإعادة الانتشار.
كما أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن الفرق القتالية التابعة للجيش فى قطاع غزة تلقت أوامر بالاستعداد لإعادة الانتشار، مشيرةً إلى أن القوات تستعد خلال الأيام المقبلة إما للانسحاب الكامل أو للتموضع فى خطوط خلفية. وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن ثلاث فرق من الجيش بدأت بالفعل بسحب قواتها من مدينة غزة.
على صعيد منفصل، أعلنت وزارة الصحة بغزة وصول 10 شهداء، منهم شهيد انتشال، و 49 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية. واشارت الى ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلى إلى 67,194 شهيدًا و 169,890 إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023م.
وبلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس 2025 حتى اليوم 13,598 شهيدًا و 57,849 إصابة. وضمن شهداء لقمة العيش، بلغ عدد ما وصل إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية من شهداء المساعدات 2 شهداء و13 إصابة، ليرتفع إجمالى شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات إلى 2,615 شهيدًا وأكثر من 19,177 إصابة.
وعلى الرغم من الإعلان عن التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس حول المرحلة الأولى من خطة وقف إطلاق النار، ووسط فرحة الغزيين، وجه الجيش الإسرائيلى تحذيراً إلى سكان قطاع غزة، من العودة إلى الشمال.
وأوضح المتحدث باسم الجيش، فى بيان على منصة إكس، أن «المنطقة التى تقع شمال وادى غزة لا تزال تعتبر منطقة قتال خطيرة. كما أضاف أن «الجيش لا يزال يطوّق مدينة غزة حيث تعتبر العودة إليها فى غاية الخطورة». وقال: «من أجل سلامتكم امتنعوا عن العودة شمالًا أو الاقتراب من مناطق تمركز وعمل قوات الجيش فى كل مكان بالقطاع بما فى ذلك فى جنوبه وشرقه، وذلك حتى إصدار تعليمات رسمية أخري».