بعيداً عن التطورات الجيوسياسة التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط وعلى الرغم من شدة التحديات التى يواجهها الاقتصاد المصرى منذ سنوات، إلا أن صانع السياسة العامة فى دولة 30 يونيو كان على وعى كامل بكافة جوانب الأزمة، وبرؤية مستقبلية غير مسبوقة تم اتخاذ حزم اضافية من الإجراءات اللازمة لتخفيف حدة هذه الأزمات، وعلى قائمة تلك الإجراءات كان تعزيز الاستقرار النقدى من خلال توجيه التضخم وتخفيض أسعار السلع الغذائية وغير الغذائية، وتعزيز الإنفاق الاجتماعى خاصة على التعليم والصحة بهدف تحسين مستوى معيشة المصريين، وكذلك تعزيز الاستثمار فى مختلف القطاعات والعمل على إيجاد بيئة مناسبة لجذبه بما فى ذلك القطاع الخاص لتحفيز النمو الاقتصادى، وكذلك تعزيز التجارة الدولية من خلال شراكات وعلاقات تجارية مع الدول الأخرى لزيادة الصادرات والاستثمار الأجنبى، وهذا لا ينكر أنه لا يزال هناك تحديات يجب الاستمرار فى مواجهتها لتحقيق استقرار اقتصادى دائم.
الحقيقة أن التطورات الحادثة على مشهد الاقتصاد المصرى تُشير إلى بزوغ أمل جديد لأن الدولة قررت أن تخرج بأفكارها لرؤية إستراتيجية لا تعتمد على التوظيف التقليدى وأعطت المفتاح السحرى نحو استغلال طاقات الشباب واحتواء مجهوداتهم فى مشروعاتها العملاقة سواء كانت صناعية أو زراعية أو مجالات التشييد والبناء ومشروعات الطاقة والتوسعة السككية فالاهتمام بالاستثمارات التنموية فى المرحلة المقبلة سيعطى فرصة للشباب لتنفيذ مشروعاتهم وتوطين أكثر للصناعة وزيادة القدرة الانتاجية.
ورغم التحديات الناجمة عن الأحداث الجيوسياسية فإن توقعات الاقتصاد المصرى فى الفترة القادمة تشير إلى تحسن تدريجى وفقًا لتقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، «من المتوقع أن يسجل الاقتصاد المصرى نمواً بنسبة تتراوح ما بين 3.5٪ إلى 4.5٪ خلال عام 2025» وهذا النمو المتوقع يعود إلى عدة عوامل، بما فى ذلك تحسين الاستثمارات، وزيادة الاستهلاك الخاص، وتحسن الصادرات غير النفطية، كما تتوقع المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى نمواً إيجابياً للاقتصاد المصرى فى عام 2025 وفيما يتعلق بالبطالة من المتوقع أيضا أن يستمر المعدل فى الانخفاض ليصل إلى 6.4 ٪ فى نهاية عام 2025، وهو أدنى معدل للبطالة منذ عام2000، كما تتوقع المؤسسات الدولية تحسناً فى الموازنة العامة للدولة، مدعومًا بتحسن ظروف الملاحة والاستقرار الجيوسياسى، وزيادة تنافسية الصادرات، واستمرار مرونة قطاع السياحة.
ومع عظيم احترامنا للدور الذى تقدمه الحكومة باقتدار فى تصورى ولكى تكتمل الصورة ويشعر المصريون بتحسن حقيقى فى مستوياتهم المعيشية فإنه قد حان الوقت بشدة لضبط إستراتيجية الزيادة السكانية وتشجيع الأسر على الاكتفاء بإنجاب طفلين فقط، والعمل على الإسراع فى تضييق الفجوة التنموية بين المحافظات وإطلاق برامج جديدة للتشغيل كثيف العمالة لاستهداف المرأة والشباب وتوفير المزيد من فرص العمل، وكذلك التوسع فى الإقراض متناهى الصغر للمرأة الريفية لإتاحة قروض فى المجالات الزراعية والتجارية والخدمية لزيادة دخل الأسرة فى الريف، وتمكين الأسر اجتماعيا واقتصاديا من خلال برامج تستهدف مضاعفة عدد الأسر التى تسكن فى منازل متصلة بخدمات مياه الشرب والصرف الصحى، ورفع كفاءة المساكن الريفية.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. من الضرورى جداً فى تلك المرحلة شديدة الصعوبة، أن يعى الجميع أن زيادة عدد السكان لها آثار سلبية على ثمار التنمية لأنها تؤدى إلى زيادة الطلب على الغذاء والماء، مما قد يؤدى إلى ندرة هذه الموارد، وكذلك زيادة استهلاك الوقود وزيادة الطلب على المنازل مما قد يؤدى الى ارتفاع أسعارها، وايضا الضغط على البنية التحتية، وكذلك زيادة الطلب على المستشفيات والمدارس، مما قد يؤدى إلى الازدحام وتدهور جودة الخدمات، وكذلك الحال فى وسائل النقل العام بالإضافة إلى الآثار الاجتماعية والاقتصادية الأخرى التى لا تتسع المساحة لسردها.. حفظ الله مصر وأهلها.