القوة الناعمة فى معناها البسيط هى القوة غير الصلبة او الخشنة التى تستطيع اقناع الآخر والتأثير حتى تتم الاستجابة لصاحب هذه القوة ومنها الفنون والثقافة والرياضة بخلاف القوة الدبلوماسية والمساعدات ومنظمات المجتمع المدنى.. والقدرة على الاقناع والتأثير فى بعض الاطراف والاستجابة لرغبات الطرف صاحب القوة هو المعنى البسيط.
من هنا كان الانجاز المصرى بفوز خالد العنانى بمنصب مدير اليونسكو شكلا من اشكال القوة الناعمة خاصة ان توقيت هذا الانجاز جاء متوافقا مع ذكرى انتصار السادس من اكتوبر.. ولعل روح اكتوبر التى عرفناها هى اهم واقوى القوى الناعمة لمصر.
ولعل روح اكتوبر التى نعيشها الآن وكانت كلمة السر فى نصر اكتوبر او كما قال الرئيس السيسى: فإن جيش مصر انتزع النصر لانه جيش لا يهاب التحديات ويقف سدا منيعا امام كل التهديدات.. وكان الرئيس السيسى حريصا على الاشارة لروح اكتوبر وانها عنصر اساسى فى بناء مصر الجديدة وتحديات المرحلة الراهنة.
القوة الناعمة لمصر ليست وليدة العصر الحديث وان كانت روح اكتوبر ترتبط بنصر السادس من اكتوبر الذى تمر هذه الايام ذكراه الـ 52 فإن الروح المصرية تنبع من حضارة آلاف السنين ويؤكدها البناء الانسانى للانسان المصرى عبر العصور.. فالحضارة تصنع القوة الناعمة المصرية.. ومن هنا كانت الحرب على حضارتنا بالتشويه وطمس الحقائق والاكاذيب التاريخية.. اضف إلى ذلك ان الانسان المصرى وهو نتاج تاريخ طويل وانتصارات عظيمة عبر التاريخ وحضارة قوية وقيم انسانية عالية برغم كل الظروف الصعبة والتى مر بها فى الازمات فالانسان المصرى اهم بل هو اقوى قوة ناعمة لدينا.. انها الروح الانسانية الرائعة فى الجندى والعامل والطالب والمعلم.. بل فى الثقافة ككل لان الثقافة المصرية الحقيقية النابعة من الارض والانسان هى اهم قوانا الناعمة لذلك كانت الحرب على مصر من خلال ضرب وطمس ثقافة مصر حتى ان الصهاينة يدعون اشياء ليست حقيقية عن تاريخ مصر الفرعونى.
الثقافة والفن قوة ناعمة تميزت بها مصر عبر السنين فالفنون: كل الفنوان ارتبطت بتاريخ مصر وبالانسان المصرى.. الفن المصرى الاصيل والثقافة المصرية وجهان لعملة واحدة هى الانسان المصرى الاصيل ولعلنا نلاحظ ان هناك حملات تشويه واختفاء بل وقتل للفن المصرى الاصيل بل لعلنا لاحظنا غياب المسرح المصرى فى هذا العام وتغيب الغناء المصرى عن الساحة.. بل الاغرب ابعاد الشعر العامى «الزجل» عن المسابقات الادبية وهذا ليس عدلا لان الزجل فن مصرى انسانى رائع.. وقد ارتبط كثير من الناس بالزجل المصرى الاصيل واصبح لدينا شعراء مميزون فى هذا الفن الجميل.
وما حدث ويحدث مع الفن يمارسه البعض ضد الرياضة المصرية وهى احد فروع القوة الناعمة وجاءت مباراة الاهلى والزمالك الاخيرة وهى اقوى ديربى عربى واهم ديربى فى المنطقة لترد على كل المحاولات بتهميش الرياضة المصرية واكدت عودة الرياضة قوة ناعمة حقيقية.. فعندما تذكر اسم لاعبنا الدولى محمد صلاح فى أى مكان تعرف مدى ارتباط الاسم ببلده مصر وكذلك الخطيب وحسن شحاتة وكثير من نجوم الكرة.. بل ونجوم السباحة والمصارعة فى الاولمبياد.. وعندما نشاهد الاهتمام الاعلامى العالمى بالرياضة تعرف قيمة هذا العنصر الاساسى فى القوة الناعمة.. وستظل مصر قادرة وقوية بهذه القوى الناعمة.. من ثقافة وفن ورياضة.. ولعل اهم قوة مصرية ناعمة هى الازهر الشريف وقد تابعنا قوة الازهر خلال زيارة شيخ الازهر العالم الفاضل احمد الطيب إلى آسيا وتحديدا ماليزيا وتايلاند واندونيسيا.. وقد عرف الرئيس جمال عبدالناصر اهمية الازهر كقوة ناعمة فأنشأ مدينة البعوث الاسلامية ودعم الازهر الشريف فكان بالفعل خير سفير لنا فى الدول الاسلامية.
اننا فى حاجة ماسة إلى روح اكتوبر الآن لاحياء القوة الناعمة.. لانها العنصر الرئيس لمصر مع الجيش المصرى بروح اكتوبر المجيد ولعل قوة مصر الحقيقية فى جيشها البطل الذى يعيش هذه الايام ذكرى انتصارات اكتوبر المجيدة والجيش المصرى هو ابن الشعب.. والشعب هو القوة الناعمة.. ولعل من يعود إلى ذكريات اكتوبر يجد كل بيت وكل شارع وكل حارة وكل قرية قدمت ابناءها الابطال لجيش مصر ومنهم آلاف الشهداء فى تاريخ مصر الحديث.. بل فى اكتوبر المجيد وتلك هى اهم عناصر القوة لمصر دائما وابدا.. فالشعب هو البطل دوما.. والجيش دائما هو ابن الشعب. ومن هنا تكون الحقيقة والمزج بين القوة الصلبة والقوة الناعمة.. وهذا ابرز طباع مصر.