فى شرم الشيخ تتواصل جلسات التفاوض الذى تقوده مصر بتنسيق مع الشركاء، وبدعم كامل لمبادرة الرئيس الأمريكى ترامب الذى أبدى إرادة حقيقية فى الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
الدور المصرى فى المفاوضات، وما تبذله من جهد لتقريب وجهات النظر بين الأطراف يعكس ثوابتها ورغبتها الأكيدة فى الوصول إلى إنهاء الحرب وإيقاف نزيف الدم.
كانت القضية الفلسطينية وستظل فى مقدمة أولويات القيادة المصرية التى تبذل دائمًا جهودًا حثيثة لمحاولة إنهاء معاناة ابناء الشعب الفلسطيني، فالقاهرة قلب العروبة النابض دائما هى السند لاشقائها فى المحن قبل المنح.
خلال عامين من العدوان والتدمير على قطاع غزة، لم تتوقف جهود مصر سياسيًا وإنسانيا لوضع حلول جادة للازمة، ودعم القضية الفلسطينية عبر ثوابت راسخه اهمها حل الدولتين والرفض القاطع لتهجير ابناء الشعب الفلسطينى .
حسب الخبراء فان مفاوضات حماس واسرئيل التى تجرى حالياً بشرم الشيخ تمثل نقطة ضوء فى نهاية النفق المظلم، مشيرين الى أن مصر بذلت جهوداً كبيرة منذ العدوان الإسرائيلى على غزة فى أكتوبر 2023 فعقب ساعات قليلة من عملية طوفان الأقصى واندلاع التصعيد بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلى وجه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، بتكثيف اتصالات مصر مع كل الأطراف ذات الصلة للحد من الصراع، كما تمت دعوة الأطراف الفاعلة دوليًا لدعم جهود استئناف عملية السلام، والتدخل الفورى لوقف التصعيد ووقف الاعتداءات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وإلزامها بقواعد القانون الدولى الإنساني.
استضافت مصر قمة القاهرة للسلام فى 21 أكتوبر 2023، استجابة لدعوة الرئيس السيسى، بمشاركة دولية وإقليمية واسعة، لبحث التصعيد الذى يشهده قطاع غزة ووقف العدوان الإسرائيلى على المدنيين الفلسطينيين.
وفى 10 يونيو 2024 وبدعوى من السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك عبدالله ملك الأردن وكذلك من الأمين العام للأمم المتحدة، نظمت المملكة الأردنية الهاشمية المؤتمر الدولى للاستجابة الإنسانية بالأردن، وذلك لتحديد سبل تعزيز استجابة المجتمع الدولى للكارثة الإنسانية فى قطاع غزة، مع الالتزام بتنسيق استجابة موحدة للوضع الإنسانى فى غزة.
وفى مارس 2025، استضافت مصر القمة العربية غير العادية حول تطورات القضية الفلسطينية، حيث تم تحديد الموعد الجديد بعد التنسيق مع مملكة البحرين رئيس الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة وبالتشاور مع الدول العربية.
ولم تتوقف جهود مصر على استضافة المؤتمرات الدولية بل قادت التنسيق العربى والدولى لرفض مخططات التهجير وقطع الطريق على محاولات اسرائيل لاجبار الفلسطينيين على مغادرة أرضهم، وتجزئة القطاع أو تغيير الواقع الديموغرافى فيه بالقوة، وهو ما دفع عدة دول للاعتراف بالدولة الفلسطينية فى انتصار تاريخى ودولى لقضية العرب الأولي.
على الصعيد الإنساني، لم يتوقف الدعم المصرى والمساعدات عن الدخول إلى غزة، حيث قدمت مصر وحدها أكثر من 70 ٪ من إجمال المساعدات التى دخلت غزة، خلال فترة الحرب، من خلال الهلال الأحمر المصرى والتنسيق مع منظمات دولية، ووضعت مطار العريش وميناء العريش تحت الاستخدام لاستقبال أى مساعدات من دول العالم.
وتستهدف أن يصل استيعاب المخيمات الى 400 ألف فلسطينى كما قامت مصر بتنفيذ وتجهيز ثمانية مخيمات للفسطينين النازحين داخل قطاع غزة وجهزتهم بالخيام والمواد الغذائية والطبية ووفرت فيهم كافة سبل الراحة للفلسطينيين النازحين، وتعمل حاليا على تجهيز المخيم التاسع والذى يعد الأكبر على مستوى قطاع غزة لإيواء أكبر عدد من النازحين من الشمال، حيث سيكون المخيم على مساحة 180 ألف متر مربع ويضم 1500 خيمة.
كما استقبلت مصر مايزيد عن 23 ألف فلسطينى ما بين مصاب ومرافق منذ بدء العدوان وحتى نهاية سبتمبر الماضي ، بخلاف استقبال 1923 حالة فلسطينية من حالات الأورام و المصابين بأمراض مزمنة، كما تم إجراء 2978 عملية جراحية كبري.
هذه هى مصر التى لم ولن تتوقف ابدًا عن دعم اشقائها ونصرة قضيتهم وقضية العرب الأولى بما يعكس التزام مصر بدورها الإنسانى والسياسى تجاه القضية الفلسطينية.
وعن قراءتهم للمشهد السياسى، أكد عدد من خبراء الشأن الفلسطينى أهمية الدور المصرى المحورى، حيث قال أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أن الجهود المصرية فى هذه المرحله الفاصلة من عمر القضية الفلسطينية هامة للغاية، مشيدًا بالدور المصرى خلال المفاوضات الحالية بشرم الشيخ وكذلك جهود قطر لسد الفجوات بين المواقف، خصوصًا فى الملفات المعقدة مثل آلية انسحاب الاحتلال ومستقبل الترتيبات الأمنية فى غزة.
المفاوضات تسير بتفاؤل إيجابى «حذر»، حيث تركزت الجلسات الأولى على الاستماع إلى وجهات نظر الأطراف المختلفة، خصوصًا ما يتعلق بالضمانات الخاصة بوقف الحرب على قطاع غزة، كما تناولت تلك الجلسات أيضًا كشوف بعض أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم، فى ظل تحفظات إسرائيلية على بعض الأسماء، وأوضح أن حماس تصر على ضمان وقف الحرب قبل الانتقال للمرحلة الثانية الخاصة بتجريد السلاح، فى الوقت الذى يتفهم فيه الجانب الأمريكى حاجة الحركة لوقت إضافى لتجميع الأسري.
من جانبه قال الدكتور عماد عمر أستاذ العلوم السياسية فى فلسطين أن: «الدولة المصرية تتحرك منذ اليوم الأول للحرب على غزة، وتقوم بدور بارز على كافة الاصعدة السياسية والإنسانية، والمفاوضات الحاليه بشرم الشيخ هى جولة جديدة من جهود الادارة المصرية الحكيمة لوقف نزيف الدم الفلسطينى واستثمار التأييد الدولى للقضية للضغط على إسرائيل من أجل وقف حرب الابادة الحالية ضد أبناء غزة.
أضاف أن: «مصر كانت دائمًا وسيطًا ضاغطًا لايجاد حلول جذرية لانهاء الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، واعتقد انه خلال اليومين الماضيين من المفاوضات قدمت حركة حماس مرونة واضحة لابرام كافة الملفات من أجل إنهاء الحرب، ولكن يتبقى لديها تحفظات حول ضرورة وجود ضمانات بعدم مراوغة اسرائيل وعودتها للحرب مرة أخري، فنتنياهو لابد ان يقدم الضمانات الكافية بعدم عودته للحرب وإيقافها بشكل نهائى وخاصة فى ظل ما يتردد بالداخل الإسرائيلى حول عدم وجود نية حقيقية لدى نتيناهو لانهاء الحرب.
الدكتور باسم التميمى القيادى فى حركة فتح والمحلل السياسي، أعرب عن آماله فى أن تؤدى مفاوضات شرم الشيخ الحالية إلى ايقاف الحرب فى قطاع غزة، وقال: «إن الشعب الفلسطينى يتابع هذه المفاوضات بترقبٍ شديد ومصر تبذل جهوداً ضخمة من أجل تقريب وجهات النظر والخروج باتفاق واضح وشامل.