سوريا كانت يوماً ما عمقاً عربيا وإسلامياً وإستراتيجياً عظيماً، سوريا بلد ذو تاريخ عريق يمتد لآلاف السنين، سوريا الشام عاصمة الدولة الأموية، سوريا الجامع الأموي، سوريا شريك الكفاح فى حرب أكتوبر وإحدى دول المواجهة لعقود، سوريا بلد الوحدة مع مصر فى الجمهورية العربية المتحدة، سوريا جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربي، سوريا مطمع المحتلين عبر التاريخ، سوريا هى التى دبج فيه أمير الشعراء أحمد شوقى واحدة من أعظم قصائده تحت عنوان: «سلام من صبا بردى أرق»، وهو شطر بيتها الأول وتمامه: «ودمع لا يكفكف يادمشق».
وهى التى يقول فيها:
نطقت ونحن مختلفون دارا
ولكن كلنا فى الهم شرق
وكأنى به يصور ما أصابها هذه الأيام، فيقول:
تَكادُ لِرَوعَةِ الأَحداثِ فيها
تُخالُ مِنَ الخُرافَةِ وَهيَ صِدقُ
وَقيلَ مَعالِمُ التاريخِ دُكَّتْ
وَقيلَ أَصابَها تَلَفٌ وَحَرقُ
فما أشبه الليلة بالبارحة، تكاد لشدة وعنف وتسارع الأحداث فيها مع غرابتها التى لا يكاد يصدقها عقل.. تكاد تكون خرافة لا تصدق مع أنها صدق وواقع، وقيل: معالم التاريخ فيها قد دُكَّتْ وتمت تسويتها بالأرض، بل أصابها الإحراق والتلف سواء بأيدى أعدائها أم بأيدى أذنابه وعملائه وصنائعه من بعض أبنائها الذين باعوا دينهم ووطنهم بثمن بخس، «وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون». إن عدونا لا يحترم إلا من لا يحترم نفسه، ولا يمكن أن يثق بمن خان دينه ووطنه وباع كرامته وأهله ورضى بالدنية، فما أن يتجاوز المهمة التى كُلِّف بها حتى تحين ساعة الخلاص منه إما بتصفية مباشرة من عدوه أو غير مباشرة ممن يصنعه هذا العدو بديلا على عينه.
إنه ليؤلمنا كل الإيلام عربدة الكيان الصهيونى فى أرض الشقيقة سوريا وانتهاك حرمتها وحرمة أهلها ليل نهار، ويؤلمنا أكثرَ خنوعُ من لبسوا زورا وبهتانا ثياب المجاهدين وتدثروا بها، وأقسموا جهد أيمانهم أن الأقصى غايتهم والشهادة فى سبيل الله أسمى أمانيهم، ولم يحافظوا حتى على الحد الأدنى مما يمكن أن يحفظ للوطنيين الأحرار ماء وجوههم، فانبطحوا أمام عربدة العدو وإملاءاته انبطاحاً كبيراً، لكنه ليس غريبا ولا عجيبا لأن كل متابع أو مراقب واع ومدرك لما يحاك لمنطقتنا ويخطط له يدرك أنهم صنيعة هذا الكيان ومن خلفه صنعوهم على أعينهم وربوا على أيديهم.
ثم إنه ليؤلمنا أشد الإيلام شواهد التمزيق والتقسيم والحروب الداخلية التى يتعرض لها الشعب السورى بتدخلات خارجية تهدف إلى إسقاط سوريا فى مستنقع الحرب الأهلية وإخراجها إلى غير رجعة من دول المواجهة بل من المعادلة العربية – الإسرائيلية كلها، بل أبعد من ذلك بمحاولة اختراقها وتجنيد من يمكن تجنيده من أبنائها لخدمة مصالح العدو.
مع أننى مع احترام خصوصيات الدول وعدم التدخل فى الشأن الداخلى لأى دولة وفق السياسة المصرية الراسخة فى هذا الشأن فإننى أؤكد أن هذا الأنموذج هو الذى كان يُراد تسويقه لدول المنطقة واحدة تلو الأخرى فى تحالف بين دولة إرهابية هى دولة إسرائيل ومن خلفها كل قوى الاستعمار وجماعات تتدثر ظلما وزروا بدثار الدين وهو من عمالتها وخيانتها براء، ولقد رأينا وشاهدنا عبر القنوات الفضائية تظاهر جماعة الإخوان الإرهابية فى تل أبيب ضد الدولة المصرية بأكذوبة أنها من يحول دون وصول المساعدة لأهل غزة كذبا وزروا وافتراء على الدولة المصرية التى تقف حائط سد منيعا فى وجه عملية التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، اللهم احفظ مصر، اللهم احفظ سوريا، اللهم احفظ أمتينا العربية والإسلامية من كل مكروه وسوء.