د. ناصر القحطاني: الاستثمار في التحول الرقمي من شروط البقاء والاستدامة
اختتمت المنظمة العربية للتنمية الإدارية– جامعة الدول العربية “الملتقى المالي العربي الثالث لـ جائزة الشارقة في المالية العامة: تجارب متميزة في تطوير المالية العامة” والذي عُقد بالتعاون مع حكومة الشارقة، وجائزة الشارقة في المالية العامة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وغرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة طنجة، وتحت إشراف وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، وذلك على مدار يومي 6،7 أكتوبر، في طنجة- المملكة المغربية.
حضر الملتقى عدد من الوزراء والمستشارين، والخبراء المختصين في المالية والمالية العامة والتحول الرقمي من مختلف الدول العربية، وبمشاركة أكثر من 150 خبيرًا ومسؤولًا ماليًا من 12 دولة عربية، لاستعراض أبرز الممارسات في تطوير المالية العامة، وتعزيز مبادئ الشفافية والحوكمة، وتبني حلول مالية مبتكرة تسهم في رفع كفاءة إدارة المال العام ودعم مسار التنمية الاقتصادية المستدامة في المنطقة العربية.
وأكد الدكتور ناصر الهتلان القحطاني، المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، على أن التجارب الدولية والإقليمية أثبتت أن الاستثمار في التحول الرقمي، وتطوير موازنات الأداء، وتعزيز كفاءة الإنفاق، ليست خيارات ترفيهية، بل شروط بقاء واستدامة، مشيرًا إلى أنه في عالم تتسارع فيه ثورة البيانات والتقنيات المالية (FinTech)، تصبح الحكومات مطالبة بتبني حلول رقمية لصياغة عقود جديدة، تقوم على الشفافية والمساءلة وتوظيف المال العام بمهنية عالية، بما يحقق الصالح العام.
أوضح الدكتور القحطاني أن التحديات التي نوقشت في الملتقى ليست بعيدة عن أجندة التنمية المستدامة (2030) ولا عن التحولات الجارية في أسواق المال الدولية، بما يتطلب الحاجة إلى إدارة مالية قادرة على المبادرة والتكامل وتوظيف التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، وقادرة على تحليل البيانات وإعادة صياغة السياسات المالية، وقياس الأثر الاجتماعي والاقتصادي للإنفاق العام، لا الاكتفاء بحصره.
وتناول الملتقى على مدار جلساته عدة محاور منها، حوكمة المالية العامة، التحول لموازنات الاداء واجراءات تطويرها، التحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، مبادرات في الشفافية المالية والمساءلة، التحول الرقمي في الأنظمة المالية ، وعرض تجارب دولية في التدقيق والرقابة المالية.
وقد أثمر هذا الملتقى عدة توصيات عملية تعزز الكفاءة والشفافية والاستدامة للمالية العامة في دولنا العربية، على عدة مستويات:
أولًا، على المستوى الوطني:
التأكيد على أن التوازن المالي المستدام يتطلب إصلاحات مالية وهيكلية ومؤسساتية شاملة، وأهمية الاستثمار في العنصر البشري والبيانات، ضرورة تعزيز الشفافية والنزاهة والمساءلة وتعزيز التواصل حول مكونات المالية العامة لتحقيق الشفافية، تطوير الإطار التشريعي والتنظيمي للتحول الرقمي وتوظيف التقنيات الحديثة، تحسين قواعد البيانات ومؤشرات الأداء وإدارة المخاطر، تعزيز دور الإعلام في نشر الثقافة المالية وتعزيز التفاعل مع وسائل الإعلام ومنصات المعرفة المفتوحة، الاستثمار في تأهيل الكوادر الوطنية وتعزيز قدراتها في مجالات الإدارة المالية العامة، والتدقيق الخارجي المستقل.
ثانيا، على المستوى الإقليمي:
تعزيز الشراكة والتعاون لتبادل الخبرات والسياسات في المالية العامة، بما يشمل تبادل الخبرات بين الدول العربية في مجالات الموازنة، وإدارة المال، والرقابة المالية، إطلاق مبادرات وبرامج تدريبية مشتركة في التحول الرقمي والابتكار المالي، وربطها بأهداف التنمية المستدامة، تنظيم ورش عمل متخصصة قُطريًا، لمتابعة توصيات اللقاءات السابقة وتقديم أدوات تنفيذها، وضرورة أن تتبنى المنظمات العربية للمالية العامة والحوكمة إصدار دليل إجرائي موحد للمالية العامة.
ثالثا، على المستوى المؤسسي:
دعوة المؤسسات المالية والحكومية إلى وضع آليات ابتكار مالي لتصميم أدوات جديدة لإدارة المالية العامة، توسيع دور وسائل الإعلام كشريك رئيسي في نشر الثقافة المالية والمحاسبة، اعتماد سياسات مؤسسية توازن بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتسريع التحول إلى أنظمة دفع إلكترونية وخدمات ذكية.