14 أكتوبر (معركة المنصورة) الجوية وبطولات لا تُنسي، دروس رسَّخ لها نسور مصر الأوفياء. طبقًا لمقاييس العلوم العسكرية ومعطيات نتائج الحروب الجوية، كان مستحيلًا مواجهة طيران الفانتوم الأمريكي، ولكن طبقًا لمعطيات العقول المصرية والإرادة الفولاذية، كان الانتصار. فى منطقة الدلتا، وقاعدة المنصورة الداعم الرئيسى لسلاح الجو، كانت هدفًا استراتيجيًا لطيران العدو. كان القادة يدركون ذلك وكانوا ينتظرون المواجهة. كل الخطط تم رسمها وتدقيقها، كل السيناريوهات كانت رهن التنفيذ. وقد حدث فى صبيحة يوم 14 أكتوبر كنا على موعد مع المواجهة، فقد رصدت أجهزة الرادار المصرية على خطوط المواجهة سربًا من طيران الفانتوم ذائع الصيت. بسرعة البرق صدرت التوجيهات بالمواجهة. فشل العدو فى استدراج النسور فى كمائن أُعِدَّت على سماء البحر الأبيض المتوسط. فشلت الخطة وخاب سعيهم وعادوا يجرون ذيول الخيبة والانكسار.
دقائق وتعلن إشارات الرادارات المصرية عن مئة وستين طائرة معادية من نوع الفانتوم تحركت من قواعدها، والهدف ضرب المطارات المصرية فى شرق الدلتا والتى تساند وتمثل خط الدفاع الأول عن الأماكن الإستراتيجية والاقتصادية. بسرعة البرق تنطلق ستون طائرة ميراج إلى السماء. كانت المهمة كبيرة وثقيلة. الطيارون المصريون كانوا يؤمنون بأمرين لا ثالث لهما: إما النصر أو الشهادة، لا مكان للحلول الوسط، فالبحر أمامهم والعدو من خلفهم، إذًا لابد من كسر كل القواعد. ثلاثة وخمسون دقيقة فوق الدلتا، أكبر معركة طيران فى تاريخ الحروب. أبلى أبناؤنا بلاءً حسنًا، كسروا القواعد وتحققت المعجزة فى غير زمنها والتى تُدَرَّس الآن وسوف تُدَرَّس على مر الزمان فى كل المعاهد العسكرية وفى غرف العمليات. ما زالوا يضربون أخماسًا فى أسداس. كانت خسائر العدو أكثر من (16) طائرة. تحطمت فى الجو وتطايرت الأشلاء. كان يومًا مشهودًا ومعلومًا للجميع، فى القرى سمعت بنفسى تكبيرات الله أكبر. كنا صغارًا وكنا نشاهد المعارك رأى العين فى سماء القري. كنا وما زلنا نتباهى ونتفاخر. وهكذا المصريون عندما يمتلكون الإرادة والعزيمة يحققون المعجزات. روح أكتوبر عامة وروح الرابع عشر ومعركة المنصورة نحن أحوج ما نكون إلى استلهامها واستخلاص الدروس والعبر منها، وربما كان أبرزها: ليس هناك مستحيل وأن الحديد لا يفله الا الحديد. معركة المنصورة الجوية ونسور مصر سوف نحكيها لأولادنا وسوف تتناقلها كل الأجيال. دروسها ستظل الحافز القوى والداعم أن المستحيلات لا وجود لها فى عالم العسكرية المصرية.
حفظ الله مصر أرضًا وشعبًا ورئيسًا، اللهم آمين