أشاد وزير الخارجية والهجرة الدكتور بدر عبد العاطي بالعلاقات المتميزة بين مصر وألمانيا في العديد من المجالات.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده وزير الخارجية اليوم الثلاثاء مع نظيره الألماني يوهان فاديفول.
ورحب الوزير عبد العاطي -في مستهل المؤتمر الصحفي- بوزير خارجية ألمانيا خلال زيارته الحالية إلى القاهرة، مُعربًا عن الترحيب به في زيارته الثانية منذ توليه مهام منصبه في شهر مايو الماضي، وهو ما يعكس حرص البلدين على تعزيز العلاقات والتشاور، وخاصة على ضوء الاتصالات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والمستشار الألماني ميرتز.
وقال وزير الخارجية إن المباحثات تناولت الأوضاع في غزة والمفاوضات الجارية بشرم الشيخ لمحاولة العمل على سرعة تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقيق السلام والاستقرار.
ولفت إلى أنه تم كذلك بحث التعاون الاقتصادي والاستثماري في ضوء الدور المُقدَّر للشركات الألمانية ومساهمتها في عملية التحديث في مصر التي يقودها الرئيس السيسي، بخلاف توطين الصناعة في مصر في قطاع صناعة السيارات والصناعات الدوائية والقطاعات التي تتميز بها ألمانيا.
وقال وزير الخارجية إنه ونظيره الألماني أبديا التطلع المشترك إلى سرعة عقد اللجنة الاقتصادية المشتركة خلال الأشهر القادمة وإمكانية عقد منتدى أعمال على هامش الاجتماع بهدف تعميق التعاون بين القطاع الخاص بالبلدين.
وأضاف أنه تم كذلك التطرق إلى القمة المصرية الأوروبية الأولى من نوعها والتي ستُعقد ببروكسل، ومؤتمر الاستثمار الذي من المقرر أن يُعقد على هامشها، وتشجيع المزيد من الشركات الألمانية على المشاركة إلى جانب المصرية والأوروبية.
وقال الوزير عبد العاطي إن المباحثات تركزت أيضًا على اتفاق الهجرة المُوَقَّع بين البلدين الصديقين وما يتضمنه من انتقال العمالة الماهرة من مصر إلى السوق الألماني، مشيرًا إلى الدور الهام الذي يقوم به المركز الألماني للتدريب في مصر.
وأشار إلى أنه تم بحث تعزيز التعاون في مجالي الطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة النظيفة والتصدي لظاهرة التغير المناخي، واستمرار مشاركة الشركات الألمانية في مشروعات تطوير البنية التحتية وعلى رأسها مشروعات شركة سيمنز لتطوير شبكة الكهرباء، وشبكة القطارات السريعة التي تربط بين العين السخنة والعلمين والعاصمة الإدارية لمحافظات الصعيد.
وقال إنه استعرض خلال المباحثات التحضيرات الجارية لتنظيم النسخة الخامسة لمنتدى أسوان، الذي تحرص مصر على استضافته سنويًا وهو الأهم في القارة الإفريقية ويركز على الارتباط العضوي بين قضايا الأمن من ناحية وقضايا التنمية من ناحية أخرى، لافتًا إلى أنه تم تقديم الدعوة للجانب الألماني للمشاركة في المنتدى.
وأعرب وزير الخارجية عن التطلع لمشاركة الرئيس الألماني شتاينماير في افتتاح المتحف المصري الكبير، هدية مصر إلى العالم، وهو أكبر متحف في العالم مُخَصَّص لحضارة واحدة.
وقال إنه أعرب عن الشكر والتقدير الكامل للدعم الذي وفرته ألمانيا لمرشح مصر والعرب وإفريقيا لمنصب مدير عام اليونسكو، وهو ما تكلل بـالنجاح الساحق للدكتور خالد العناني.
كما أكد وزير الخارجية أنه ناقش ونظيره الألماني الأوضاع في غزة والأهمية البالغة لسرعة تنفيذ المرحلة الأولى من رؤية الرئيس ترامب الخاصة بالسلام والمفاوضات الجارية بشرم الشيخ والعمل على سرعة نفاذ المساعدات وإطلاق سراح الرهائن وعدد من المسجونين الفلسطينيين وإعادة انتشار للقوات الإسرائيلية إلى خطوط أخرى تنفيذًا لما تضمنته الخطة وصولًا إلى الانسحاب الكامل.
وأضاف أنه أشاد ونظيره الألماني بـجهود الرئيس ترامب في طرح الخطة لإنهاء الحرب وما تتضمنه من عناصر إيجابية، مشيرًا إلى أنه تحدث ووزير الخارجية الألماني عن أهمية الأفق السياسي الذي يؤدي إلى تجسيد الدولة الفلسطينية.
وأعرب وزير الخارجية عن التطلع لاستمرار انخراط ألمانيا في هذا الملف وممارسة كل ضغوطها ونفوذها للعمل على التحرك في تنفيذ هذه الخطة، موضحًا أنه تم أيضًا مناقشة مشاركة ألمانيا جنبًا إلى جنب مصر وعدد من الأطراف الإقليمية والدولية في رعاية واستضافة مؤتمر التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة.
وقال إنه تم كذلك الحديث عن الأوضاع في السودان ولبنان وسوريا وتم التأكيد على أنه لا توجد حلول عسكرية، كما تم الحديث عن قضية المياه حيث أكد الوزير عبد العاطي على الرفض لأي مساس بحصص مصر المائية والرفض الكامل لكل السياسات الإثيوبية الأحادية، وعلى أن هذه الإجراءات الأحادية من شأنها تهديد الأمن والاستقرار في القارة.
وأشار وزير الخارجية إلى أنه تم كذلك تناول البحر الأحمر وأهمية الحفاظ وضمان سلامة الملاحة البحرية.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إنه تحدث خلال المباحثات عن الدور المهم الذي يجب أن تلعبه ألمانيا في قطاع غزة، مُوَجِّهًا الشكر لمصر على جهودها الحثيثة التي تبذلها في هذه القضية.
وأضاف أنه علينا أن نعمل معًا في سبيل التوصل إلى حل هذا الوضع وهذا الأمر مهم جدًا بأن تتم هذه المفاوضات في شرم الشيخ، مضيفًا أن مصر هي التي تستضيف هذا الحوار وهو أمر جيد جدًا.
وأضاف الوزير الألماني أنه قام بجولة اليوم في شوارع مصر القديمة واتضح له في هذه الزيارة القصيرة أن ما تعلمناه في المدارس الألمانية بأن الحضارة المصرية طويلة الأمد وعميقة جدًا ولا نستطيع أن نقول ما هو حجمها الحقيقي.
وأشار إلى أنه لا يستطيع أن ينسى الدور الذي تقوم به مصر منذ قديم الأزل والذي تقوم به اليوم في الوقت الراهن.
وأكد على الحاجة دائمًا إلى الانفتاح على الثقافات والحضارات المختلفة لا سيما في مصر، وفخور جدًا بأن لـالمركز الألماني للآثار الذي يعمل هنا والدور الهام الذي تقوم به مصر على المستوى السياسي.
وثَمَّن الوزير الدور الذي يقوم به المركز الألماني للآثار منذ أكثر من 150 عامًا وهناك عدد من المدارس الألمانية في مصر، وهم المدارس الأكثر شهرة على مستوى مصر، حيث أن هناك أكثر من 500 مليون تلميذ للغة الألمانية وهذا أمر شديد الأهمية بالنسبة لنا.
وأضاف أنه على هذا الأساس لدينا العديد من المدارس وجامعات ألمانية تعمل في مصر، واتفقنا أن نَبْني 100 مدرسة مصرية ألمانية، وأن أول مدرسة تم تدشينها مصرية ألمانية بحضور وزير التعليم المصري محمد عبد اللطيف يرافقه السفير الألماني وهذا يجعلني متفائلًا خلال الفترة المقبلة لأننا نستطيع أن نتعاون وندعم العلاقات الثنائية ليس فقط في مجال التعليم ولكن أيضًا على المستوى الثقافي.
فيما يتعلق بـالتعاون في المجال الاقتصادي قال إن مصر تُعد بالنسبة لنا بوابة إفريقيا والدول العربية، وأن الشركات الألمانية والسياسيين المصريين والألمان يهتمون بالتعاون مع مصر في مجال التدريب، ولدينا اهتمام كبير في الحصول على العمالة الماهرة من جميع أنحاء العالم لا سيما من مصر.
وأضاف أن ألمانيا منفتحة وترحب بالجميع ونحتاج إلى العمالة الماهرة ومصر لديها العمالة الماهرة والكفاءات ونحن الرابحون في الحصول على العمالة المصرية الماهرة، نُشَجِّع جميع الشركات الألمانية للاستثمار في مصر، مصر دولة مستقرة ومكان جيد جدًا للعمل لإنشاء الشركات وسوف تبذل الحكومة الألمانية المساعي في هذا الشأن.
ومن ناحية أخرى، شدد على أنه يتعين أن نعمل بسرعة وكفاءة للتوصل لوقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن ذلك كان محورًا من محاور المباحثات وعلينا أن نستفيد من زَخَم المرحلة أن نقوم بالجهود اللازمة لوقف إطلاق النار وعلينا نفاذ المساعدات الإنسانية في قطاع غزة وأن يتم إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين الفلسطينيين.
وعلينا ألا نفقد السرعة للتوصل إلى الحلول وأن نحافظ على الثقة التي نوليها لهذه الخطوة وأن ننهي هذه المرحلة الأولى وتليها خطوات أخرى متتالية.
وأضاف أننا نتفق مع الرأي الذي يسعى إلى حل الدولتين ويتعين الوصول إلى دولة فلسطينية بعد المباحثات ونحن نهتم بهذا الأمر وسوف نبذل الكثير من الجهود في هذا الأمر.
وتوجه بالشكر لـالجهود الحثيثة التي قامت بها مصر، مُوَجِّهًا حديثه للوزير عبد العاطي وللعرب بأن يكون هناك تكنوقراط يتولى المهمة لمرحلة “اليوم التالي”.
وردًا على سؤال حول المفاوضات الجارية بشرم الشيخ وما إذا كان الطرفان قد أبديا مرونة للتوصل إلى اتفاق، أكد وزير الخارجية أن المباحثات مستمرة في شرم الشيخ بين وفد إسرائيلي ووفد حماس، وغدًا الأربعاء سينضم الجانب الأمريكي.
وأضاف أننا نبذل كل الجهد للتوصل إلى حلول وسط تضمن إنهاء هذه الحرب الغاشمة التي خلفت أكثر من 64 ألف شهيد معظمهم من الأطفال والنساء، والحديث يتم عن المرحلة الأولى من الاتفاق، والحديث مستمر والجهود مستمرة ونأمل سرعة التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن بما يؤسس للمراحل التالية.
وقال إنه ونظيره الألماني أجريا حديثًا مطولًا مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف الذي يعتزم التوجه إلى المنطقة ومصر خلال الساعات القادمة، مشيرًا إلى أن الحديث تركز على أهمية أن يكون هناك قرار بمجلس الأمن لاعتماد خطة الرئيس ترامب، وأهمية نشر قوات دولية بما يوفر الحماية للفلسطينيين والأمن أيضًا للجانب الإسرائيلي، وكلها أمور مهمة ومحل نقاش.
وردًا على سؤال حول التفاؤل خلال المرحلة المقبلة وما إذا كانت هناك خطوات إيجابية سوف تحدث، قال وزير الخارجية الألماني إنه سوف يظل متفائلًا خلال الفترة المقبلة، وجميع الفاعلين في هذه الخطة متفائلون ومستعدون في مرافقتنا خطوة بخطوة، نحن اليوم في القاهرة تحدثنا وأيضًا الجانب الأمريكي وويتْكوف على استعداد لدعم هذه الخطة لإنجاحها.
وقال إنه يرى أن جميع الأطراف عازمون للتوصل إلى حلول وإنجاح هذه المهمة.
وفي ذات السياق، قال الدكتور عبد العاطي إن خطة ترامب تتضمن التزامات مُلْقَاة على عاتق كل طرف وبالتالي على كل طرف أن يلتزم بتعهداته والتزاماته.
وقال إنه من المهم أن تكون هناك إرادة سياسية لدى الطرفين، مشيرًا إلى أننا في مرحلة هامة ومرحلة مفصلية وعلى كل طرف أن ينفذ التزاماته، والضمان الأساسي للنجاح في هذه المرحلة هو الرئيس ترامب بما لديه من قيادة لتحقيق الأمن والاستقرار.
وقال إن انخراط الجانب الأمريكي والرئيس ترامب نفسه حتى لو تطلب الأمر فرض هذه الرؤية هو أمر مهم وضمان للتحرك وإنهاء الحرب والنظر إلى المستقبل، ونحن نتحدث عن مستقبل مهم جدًا للشرق الأوسط إذا استطعنا أن ننهي هذه الحرب وأن نتحرك في اتجاه الأفق السياسي وتجسيد الدولة الفلسطينية، فهناك العديد من الدول العربية والإسلامية المستعدة للدخول في علاقات تطبيع كاملة مع إسرائيل ولكن ما هو مطلوب هو فقط إنهاء هذا الصراع ومعاناة الشعب الفلسطيني.
وأكد أن كل تحرك لهذه الحرب وحل هذه القضية على أساس تجسيد الدولة الفلسطينية سيؤشر إلى مرحلة جديدة في المنطقة ولشعوب المنطقة ولدمج إسرائيل بشكل كامل في المنطقة وللتطبيع مع أكثر من 57 دولة عربية وإسلامية مستعدة للدخول في علاقات سلام كاملة مع إسرائيل إذا تم التوصل إلى حل لهذه القضية المستمرة لأكثر من 80 عامًا.
