أكد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، اليوم الثلاثاء، أن مصر وهولندا تربطهما علاقات تستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل والتعاون المُثمِر الذي يحقق مصالح الشعبين الصديقين، مشيرًا إلى حرص البلدين على استمرار العمل لتعزيز وتعميق العلاقات الثنائية والارتقاء بها إلى آفاق أرحب.
ورحب عبد العاطي، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الهولندي دافيد فان فييل في القاهرة، بزيارة وزير الخارجية الهولندي التي تُعد الأولى له خارج أوروبا منذ توليه منصبه، مما يعكس أهمية العلاقات المتميزة التي تربط بين البلدين الصديقين، والتطور المستمر الذي تشهده العلاقات المصرية الهولندية على كافة الأصعدة، واستكمالًا للتنسيق الوثيق بين البلدين في مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وأضاف أن هذه الزيارة تؤكد مجددًا تطلع البلدين المشترك نحو استمرار العمل لمزيد من تعزيز وتعميق علاقات التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والسياحية، والعمل على زيادة حجم التبادل التجاري وزيادة الاستثمارات الهولندية في مصر، على ضوء الإمكانيات الهائلة التي يوفرها السوق المصري، فضلًا عن برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي تنفذه الدولة المصرية لتوفير بيئة مواتية للاستثمار والارتقاء بالعلاقات مع هولندا.
وأشار إلى الجهود الجارية لتنظيم احتفالية كبرى بمناسبة مرور 50 عامًا على التعاون بين مصر ومملكة هولندا في مجال الموارد المائية، متطلعًا إلى المزيد من التعاون المشترك في هذا المجال.
وتابع عبد العاطي قائلًا: “لقد عكست المباحثات حرص الجانبين على استمرار العمل لتعزيز العلاقات”، واتفقت مع الوزير الهولندي على أهمية الحفاظ على دورية ووُتيرة انعقاد اللقاءات رفيعة المستوى بين الجانبين على مختلف الأصعدة السياسية، واستمرار التشاور الثنائي في الأُطُر متعددة الأطراف، والدعم المتبادل للترشيحات في مختلف المنظمات الدولية، مُعربًا عن تقديره لدعم هولندا للمرشح المصري الفائز بمنصب مدير عام منظمة اليونسكو خالد العناني.
وأكد الوزير عبد العاطي أن هولندا تحتل المرتبة الثانية بين الدول التي لديها استثمارات في مصر، بإجمالي استثمارات تتجاوز 5 مليارات دولار، مشددًا على تطلع مصر إلى تعزيز هذه الاستثمارات في قطاعات استراتيجية، منها الهيدروجين الأخضر، والبنية التحتية، والتحول الرقمي.
وأضاف “أن هولندا تمتلك خبرات عالمية متميزة في إدارة الموارد المائية، ما يجعلها شريكًا مهمًا لمصر في هذا المجال الحيوي، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها مصر بشأن ندرة المياه“.
وأشار إلى أنه بحث مع الوزير الهولندي قضية الهجرة لا سيما على ضوء إعلان النوايا المُوَقَّع بين البلدين، والذي يتضمن إنشاء مركز هولندي للتدريب في مصر، بهدف تأهيل الشباب المصري لسوق العمل المحلي والدولي، بما في ذلك العمل في أوروبا ضمن تخصصات محددة، وذلك في إطار دعم الهجرة النظامية والحد من الهجرة غير الشرعية.
وأوضح أن مصر أكدت ضرورة التعامل مع قضية الهجرة غير النظامية من خلال مقاربة شاملة، تركز على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتوعوية، إلى جانب البُعد الأمني. كما تناول اللقاء ملف التعليم الفني والتدريب المهني، باعتباره أولوية للدولة المصرية، من أجل إعداد كوادر مؤهلة لسوق العمل وفق المعايير الأوروبية الحديثة، لافتًا إلى التعاون الجاري مع الجانب الهولندي لإنشاء مركز تدريب فني متخصص. كما تحدثنا عن التعاون في مجال التعليم الجامعي وإمكانية إنشاء فرع لإحدى الجامعات الهولندية في مصر، وتعزيز برامج التبادل الطلابي وأساتذة الجامعات، وأيضًا تعزيز البرامج الخاصة بالتبادل العلمي والثقافي بين البلدين الشقيقين.
وقال إن المباحثات الجارية في مدينة شرم الشيخ بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي تهدف إلى الإسراع في التوصل لاتفاق ينص على إطلاق سراح الرهائن، في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي رحبت بها مصر.
وأضاف عبد العاطي “أن مصر تأمل في تهيئة الظروف الملائمة لتنفيذ هذه الخطة، بما يشمل إطلاق سراح عدد من المحتجزين الفلسطينيين، وضمان النفاذ الكامل للمساعدات الإنسانية إلى داخل قطاع غزة دون أي عوائق، إلى جانب الاتفاق على خرائط لإعادة انتشار القوات الإسرائيلية تمهيدًا للانسحاب الكامل من القطاع”، مُعربًا عن ثقته في قدرة الرئيس ترامب على تنفيذ خطته التي وصفها بأنها “تمثل أساسًا جيدًا ينبغي البناء عليه، خاصة وأنها تتضمن ثلاث ركائز رئيسية وهي: إنهاء الحرب في قطاع غزة، ورفض الضم، ورفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم“.
وأشار الوزير عبد العاطي إلى أن مصر رحبت بموافقة حركة “حماس” على الخطة، واعتبر ذلك “تطورًا إيجابيًا” يستوجب العمل على تهيئة الظروف اللازمة لضمان نجاح تنفيذ خطة السلام المطروحة، مُعربًا عن ترحيب مصر بانضمام هولندا كشريك في استضافة مؤتمر التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، إلى جانب منظمات دولية وإقليمية ودول صديقة.
وأوضح أن وزير خارجية هولندا دافيد فان فييل توجه أمس إلى مدينة العريش ومَنفَذ رفح للاطلاع على الوضع الإنساني ميدانيًا، حيث تنتظر آلاف الشاحنات المُحَمَّلة بالمساعدات الطبية والغذائية الإذن بالدخول إلى قطاع غزة، لافتًا إلى أن المشكلة لا تكمن في توفّر المساعدات، وإنما في القيود المفروضة على إدخالها، مشددًا على ضرورة فتح المعابر من داخل الجانب الفلسطيني لضمان تدفق الإغاثة إلى السكان، في ظل الأوضاع الكارثية والمجاعة التي يشهدها القطاع.
وأكد الوزير عبد العاطي أنه ناقش مع نظيره الهولندي الأوضاع في سوريا ولبنان والسودان وليبيا، حيث اتفق الجانبان على أن الحلول السياسية الشاملة هي السبيل الوحيد لإنهاء النزاعات في هذه الدول، وليس الحلول العسكرية.
ولفت إلى أنه في ضوء الخبرة المتميزة لهولندا في مجال إدارة الموارد المائية، لقد تحدثنا حول قضية مصر الوجودية الأولى وهي قضية المياه، وذلك في ضوء الإجراءات الأحادية الإثيوبية المرفوضة تمامًا والتي مؤخرًا أدت هذه الإجراءات الأحادية، كما سبق أن حذّرنا مرارًا وتكرارًا، إلى غرق العديد من الأراضي في السودان الشقيق، وأيضًا العديد من أراضي طرح النهر نتيجة لهذه السياسات الإثيوبية غير المسؤولة والأحادية الجانب. وهو ما يؤكد رجاحة موقفنا من ضرورة الإخطار المسبق والتنسيق الكامل مع دولتي المصب، في أي إجراءات تخص نهر النيل.
ورحب الوزير عبد العاطي بزيارة نظيره الهولندي لمصر، وهي الأولى له، متمنيًا له إقامة طيبة، مشيرًا إلى أن المباحثات تطرقت أيضًا إلى أهمية الالتزام بـ”معاهدة فيينا للمزايا والحصانات الدبلوماسية”، وضمان توفير الحماية الكاملة للبعثات الدبلوماسية، مُعربًا عن تقديره للحرص الذي أبداه الوزير الهولندي في هذا الصدد، والتزام بلاده بحماية السفارات على أراضيها، بما في ذلك السفارة المصرية.
وأضاف الوزير عبد العاطي: “لقد تحدثنا أيضًا عن التعاون في إفريقيا، خاصة وأن مصر هي بوابة الدخول إلى إفريقيا وإمكانية الدخول في برامج للتعاون الثلاثي الموجَّه في إفريقيا”.
ومن جهته، أكد وزير الخارجية الهولندي دافيد فان فييل أن مصر تُعد شريكًا استراتيجيًا لهولندا، مشيرًا إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
وأعرب الوزير الهولندي عن شكره على حفاوة الاستقبال، مضيفًا أنه منذ توليه الوزارة يتواصل بشكل دائم مع وزير الخارجية، ولذلك حرص أن تكون أول زيارة خارجية له إلى مصر.
وأوضح أن المباحثات تناولت سبل تعزيز الروابط الاقتصادية والمشاركة والتعاون في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المالية، وإيجاد سبل لتعزيز التعاون والنمو من خلال الأعمال التجارية، مشيرًا إلى التعاون البنّاء بين مصر وهولندا في ملفات مثل الهجرة وإدارة الموارد المائية والزراعة، والتي تُعد أولوية وطنية لمصر، فضلًا عن أنها من التحديات العالمية.
وأشاد بـالدور الكبير الذي تقوم به مصر في استضافة اللاجئين والمهاجرين، قائلًا: “نحن على دراية بالتحديات التي تواجهها مصر باعتبارها دولة مُضيفة لا سيما مع التحديات الاقتصادية والصراعات الجارية، ونحن حريصون على دعم مصر للوصول إلى ما تطمح إليه“، وأشار إلى أن هولندا ستعمل مع مصر في مجالات التدريب المهني، والزراعة، والتحول الرقمي، والتكنولوجيا المالية لتوفير ما يحتاجه سوق العمل.
وقال الدكتور بدر عبد العاطي، في رده على سؤال لـ”الجمهورية” خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الهولندي دافيد فان فييل في القاهرة: “كل التهنئة القلبية للرئيس عبد الفتاح السيسي والشعب المصري، وأيضًا للشعوب العربية والإفريقية وكل الدول التي دعمت المرشح المصري المتميز الذي يمثل الحضارة المصرية والحضارة العربية الإسلامية وأيضًا الحضارة الإفريقية”. مشيرًا إلى أننا نعتز بهذا المرشح وفوزه الكاسح الذي تحقق أمس الأول وفاق توقعاتنا، وهذا يعكس نجاحنا في هذا الترشيح بهذه الأغلبية الكاسحة لعدة عوامل أهمها توفّر الإرادة السياسية والدعم الكامل من الرئيس السيسي ومن كل مؤسسات الدولة، وأيضًا المهنية العالية في إدارة هذه الحملة من جانب وزارة الخارجية ومن جانب كل القطاعات المعنية داخل الوزارة ومن جانب السفراء والسفارات في الخارج الذين قاموا بدور بطولي عظيم جدًا وتكلل بهذا النجاح المُبهِر.
وأضاف أننا نعتز بتأكيد رئيس وزراء هولندا مشاركته في حفل افتتاح المتحف الكبير في الأول من نوفمبر جنبًا إلى جنب العديد من الملوك والأمراء والأميرات، وأيضًا من قادة الدول في الغرب من أوروبا وآسيا ومن القارة الحبيبة إفريقيا ومن الدول العربية، وسوف تكون احتفالية عظيمة تليق بمصر ومكانتها وحضارتها العظيمة والفريدة. مشيرًا إلى أن انتخاب الدكتور خالد العناني مديرًا عامًا لليونسكو يمثل تأكيدًا وتجسيدًا لهذه الحضارة التي نفخر بها.
وردًا على سؤال لـ”الجمهورية” أن مصر تستضيف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بشرم الشيخ، فماذا عن الرؤية المصرية في هذا التوقيت، قال: إن المفاوضات التي تجري في شرم الشيخ هي استكمال للدور المصري الريادي والقيادي الذي تقوم به مصر، موضحًا أن الرئيس السادات عليه رحمة الله كان هو أول من خطى هذه الخطوة وقاد المنطقة نحو السلام بزيارته التاريخية التي دفع ثمنها في 17 نوفمبر عام 1977 إلى القدس، ومنذ ذلك الحين مصر تقود.
وأوضح أن توجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي هو العمل على رفع كل المعاناة عن الشعب الفلسطيني في ضوء ما يتكبده من معاناة سواء فيما يتعلق بالمجاعة أو القتل اليومي، ولذلك نحن نثق في قدرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقيادته باعتباره القائد العالمي المحب للسلام الذي يستطيع فرض رؤيته على كل الأطراف، ومن ثم هذه المفاوضات هدفها تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق من خلال العمل على تهيئة الظروف لإطلاق سراح الرهائن ونفاذ المساعدات وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين أو جانب منهم. مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب إعادة انتشار للقوات الإسرائيلية حتى نتمكن من العمل على تنفيذ هذه المرحلة، وهناك مراحل أخرى والحديث يدور بشأنها، وكلنا حرص كامل خاصة في الجانبين العربي والإسلامي للعمل على إنجاح هذه الخطة والبناء على قبول حركة حماس لهذه الرؤية وترحيبها بها وهو أمر مُقَدَّر ونأمل به البناء عليه حتى نتمكن من إنهاء هذه الحرب الغاشمة الظالمة، ونتيح فرصة لخلق ظروف مواتية لبقاء الشعب الفلسطيني على أرضه في قطاع غزة، مشددًا على أن الجهود المصرية لم ولن تتوقف على الإطلاق.
وردًا على سؤال حول كواليس الجهود المصرية التي تمت على مدار الـ 30 شهرًا الماضية لتحقيق الفوز الكاسح للدكتور العناني بمنصب المدير العام لليونسكو، قال الدكتور بدر عبد العاطي: إن الكواليس المتعلقة بانتخابات اليونسكو حيث أدارت مصر ببراعة حملة انتخابية مهنية متميزة بدأت منذ 30 شهرًا وبتوجيه مباشر من السيد الرئيس السيسي بـتوفير كل الدعم الممكن للمرشح المصري من دعم مادي إلى دعم معنوي وتوجيه لكل السفارات في العالم بالتحرك على أعلى مستوى، وكل القطاعات هنا تبارت في أن تجلس مع المرشح المصري وتحضّره على الأسئلة وما الذي يمكن أن يُسأل فيه وكيفية أن نرد، حيث كانت منظومة متكاملة كانت عناصر النجاح فيها الإرادة السياسية. الأمر الثاني هو اختيار مرشح ذي إمكانيات وكفاءة عالية ممثلة في الدكتور خالد العناني، وأيضًا الجهد الذي بذلته الحملة وهو جهد عظيم ومُقَدَّر. والأمر الثالث السفر إلى أكثر من 60 دولة للعمل على الترويج لحملته الانتخابية التي كانت حملة مهنية واحترافية باقتدار شديد.
أكد وزير الخارجية أن الجهاز الدبلوماسي المصري بما له من كفاءة وعراقة أدار هذه الحملة بكفاءة، موضحًا أن الكل تفانى لأن لدينا كان شعورًا بالظلم وقع علينا كمصريين وعرب لم يحدث في تاريخ المنظمة أن حصل مصري أو عربي على هذا المنصب الرفيع، وأيضًا إفريقيا لم تحصل عليه إلا مرة واحدة، وبالتالي كان هناك تصميم بأنه يكفي ما يكفي وأنه حان الوقت لكي نتبوأ هذا المنصب الرفيع خاصة ونحن أساس الحضارة والديمقراطية وأيضًا الثقافة والحوار بين الحضارات والتسامح والتعايش المشترك، وبالتالي فهناك سبيكة حضارية تجمع بين الحضارة الفرعونية القديمة والحضارة اليونانية والرومانية والقبطية والعربية الإسلامية والحضارة الحديثة كلها انصهرت في بوتقة واحدة وأنتجت هذه السبيكة المتفردة التي جسدها المرشح المصري وفوزنا باقتدار وبشكل كاسح.
وقال إن المرشح المصري كان حريصًا كل الحرص أمس الأول فور انتهاء الانتخابات بالاتصال مباشرة بالسيد الرئيس السيسي لكي يقدم الشكر والتقدير والعرفان لـانخراط الرئيس في هذه الحملة منذ البداية من خلال الاتصالات الهاتفية مع قادة ورؤساء الدول ومن خلال الخطابات التي وجهها فخامته إلى قادة الدول، ومن خلال تسخير موارد الدولة وإمكانياتها الكاملة لخدمة هذه الحملة والمرشح المصري، والحمد لله كانت النتيجة مُبهِرة والكل أثنى على مصر والمرشح لإمكانياته، ونحن على ثقة أنه سيكون المرشح الأفضل لقيادة اليونسكو في هذه المرحلة الدقيقة والصعبة التي نمر بها في العالم وما يعتريه ويَمُوج به من صراعات ونزاعات، وبالتالي مصر كجسر للتواصل والبناء ولصنع السلام هي الأقدر على قيادة هذه المؤسسة نحو التسامح والتعايش، وأيضًا تمكين الشباب على تطبيقات الذكاء الاصطناعي والرَّقْمنة في كل أنحاء العالم، وأيضًا قضية التعليم عن بعد في إفريقيا وهي قضية على رأس أولويات المرشح المصري، فضلًا عن قضية حماية التراث العالمي بما له من خبرة كبيرة، وأيضًا قضية شديدة الأهمية واستعادة الآثار المسروقة والمنهوبة وعليها أن تعود إلى الدول التي خرجت منها.
