عندما سألت جراح القلب العالمى البروفيسور مجدى يعقوب عن اخطر التحديات الصحية التى يواجهها الانسان المعاصر.. أجاب بكلمة واحدة: التلوث. وعندما طرحت نفس السؤال على جراح المسالك البولية ورائد جراحات زراعة الكلى العربى البروفيسور محمد غنيم وضع التلوث على قمة التحديات، ووجه إليه الاتهام بالمسئولية عن معظم متاعبنا الصحية. وتكرر نفس السؤال ونفس الإجابة مع عدد كبير من أساتذة الطب فى مختلف التخصصات الطبية.
الحديث عن العقم الذكرى والأنثوى يبدأ بالتلوث.. الكلام عن السرطان ينطلق من تأثيرات التلوث.. الفشل العضوى، الضعف الجنسى، متاعب القلب، مشاكل التنفس.. عشرات المشاكل الصحية المزمنة والحادة البسيطة والقاتلة يبدأ الحديث عنها بالتلوث وينتهى إليه.
وقبل سنوات سألت الدكتور نبيل خارمة استشارى جراحة القلب والصدر عن أفضل مكان من الناحية الصحية لقضاء العطلة الصيفية فقال إن أى مكان خال من التلوث هو الأفضل فأجسامنا فى حاجة الى الراحة ولو قليلا من الكميات الهائلة من السموم التى تدخل إليها كل يوم.. نفس الإجابة قدمها الأستاذ الدكتور يحيى بلبع أستاذ جراحة القلب والصدر فى كلية طب قصر العينى وأضاف إليها أن الريف البكر هو المكان المثالى من وجهة نظره لقضاء العطلة حيث المساحات الخضراء الشاسعة والهواء النقى والهدوء والطعام الصحى من خيرات الأرض.. وهو نفس المعنى الذى أكده الأستاذ الدكتور زكريا محمد على استشارى الجراحة العامة مضيفا الى كل ما سبق الابتعاد تماما عن كل مظاهر وتقنيات العصر الحديث، فلا محمول ولا كمبيوتر ولا دش وقنوات فضائية ولا سيارات، ولا شىء غير استنشاق الهواء النقى وممارسة رياضة المشى وسط المروج الخضراء.
التلوث أصبح هاجس العصر وسر متاعبه.. ومراكز الأبحاث تجرى كل يوم عشرات الأبحاث التى ترصد تأثيره الفتاك على صحة الانسان.. والمشكلة الحقيقية فى كل ما نطالعه عن التلوث بكل أشكاله وألوانه انه لا يقدم لنا البديل ولا يشرح لنا ماذا نفعل حتى نحمى أنفسنا منه. وفى هذا التقرير العلمى نطالع بعض ما توصلت إليه الأبحاث العلمية فى العديد من دول العالم حول مخاطر التلوث وتأثيراته المدمرة.
فى الولايات المتحدة حذر خبراء البيئة من تزايد معدلات الإصابة بالربو بين الأطفال بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض وتلوث الهواء. مشيرين الى انه كلما ارتفعت حرارة الجو زاد انتشار محفزات الحساسية مثل الغبار والفطريات فى الهواء وتفاعلها مع الملوثات المنبعثة من المدن مثل الأوزون والسناج لتؤجج انتشار وباء الربو المتنامى بالفعل، مما يتسبب فى إتلاف الجهاز التنفسى خاصة بين الأطفال. وأشاروا الى أن معدلات الإصابة بالربو بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات فى الولايات المتحدة ، وقد زادت بنسبة 160 ٪ بين عامى 1980و1994 وأن تسعة ملايين طفل فى الولايات المتحدة أصيبوا بحساسيات فى الجهاز التنفسى عام 2002، وأن أكثر من أربعة ملايين آخرين تعرضوا لأزمات ربو خلال الاثنى عشر شهرا الماضية. وأن حوالى 4487 شخصا ماتوا بسبب الربو عام 2000 وأن غالبيتهم من المراهقين.
وقال علماء إن التلوث الناجم عن الازدحام المرورى قد يزيد من تعرض الأطفال للإصابة بالربو وصعوبة التنفس والسعال. وأثبت فريقان من الباحثين فى تايوان وألمانيا أن الكيماويات الموجودة فى عوادم السيارات تؤدى لزيادة خطر تعرض الأطفال الذين يقطنون مناطق مزدحمة بالسيارات لأمراض الجهاز التنفسى. وقام العلماء بمقارنة مستويات التلوث فى الهواء وحالات الإصابة بحساسية والتهاب الأنف أو ما يعرف باسم حمى القش فى دراسة شملت 800 مدرسة بتايوان. واكتشف الباحثون أن الصبية الذين تعرضوا لمستويات عالية من التلوث الناجم عن السيارات زاد لديهم خطر الإصابة بحمى القش المرتبطة بالإصابة بالربو بنسبة 16 ٪ مقابل 17 ٪ لدى البنات.