لم تُعلّمنا الحياة أن المفاجآت دائمًا سعيدة.. وأنها تأتى بدون ترتيب مسبق فأحيانًا تأتى فى صورة فاتورة «منتفخة» بزيادة غير مبررة.. أو مصروفات غير متوقعة، هكذا وجدت نفسى فى أحد أكبر المستشفيات بحلوان، أراجع تفاصيل دخولى لإجراء عملية طارئة بعد عودتى للمنزل، فإذا بى أكتشف أنهم اشترطوا سداد مبلغ كبير لدخول العمليات وأنهم أضافوا 5 ٪ بدعوى «مصاريف استخدام الفيزا» لم يكتفوا بالفاتورة الثقيلة أصلًا ولم تمضِ أيام حتى تكررت الحكاية، لكن هذه المرة على مستوى أصغر: محل جملة شهير فى منطقة حلوان، قرر هو الآخر أن يُبدع ويبتكر فأضاف 2 ٪ على الفاتورة لنفس السبب.. هكذا تحولت بطاقة الفيزا من وسيلة دفع آمنة وحديثة إلى «بقرة حلوب» تدر أرباحًا إضافية على من لا يشبعون ولأن المواطن دائمًا آخر من يعلم، كان لا بد أن أختبر ما إذا كانت هذه «شطارة تجارية» أم «مخالفة صريحة».. فاتصلت بمدير تموين حلوان، وإذا بها تتحرك فورًا، وتؤكد أن فرض مثل هذه الرسوم غير قانونى، وأنها ستتخذ الإجراءات ضد كل من يبتدع مثل هذه الأساليب.. وهنا أدركت أن المسألة ليست مجرد رقم صغير يُضاف إلى الفاتورة، بل قضية «حقوق مستهلك» كاملة هذه الممارسات ليست جديدة على السوق المصرى، لكنها تتنافى بشكل صريح مع قانون حماية المستهلك «رقم 181 لسنة 2018»، الذى يؤكد على منع أى شروط تعسفية أو بنود غير عادلة فى التعامل التجارى. فإذا كان التاجر قد ارتضى قبول الدفع بالفيزا، فلا يحق له أن يُعاقب المستهلك برسوم إضافية ما لم يُعلنها مسبقًا وبما يتناسب مع التكلفة الفعلية. الأغرب أن شركات البطاقات نفسها – مثل فيزا وماستركارد – تضع قواعد دولية تمنع التجار من المبالغة فى فرض ما يُسمى «surcharge»، بل تلزمهم أن تكون أى رسوم مرتبطة بالتكلفة الحقيقية فقط، وتُعرض بشفافية للمستهلك قبل الدفع السخرية أن هذه الرسوم دائمًا ما تُقدم للمستهلك باعتبارها «شيئًا عاديًا»، وكأن المواطن هو من يتحمل تكلفة تحديث المنظومة البنكية أو دعم التكنولوجيا الرقمية.. وهنا يظهر السؤال: هل نريد مجتمعًا يشجع الدفع الإلكترونى والتحول الرقمى، أم نريد أن نجعل المواطن يهرب من البطاقة عائدًا إلى الكاش بسبب شطارة بعض التجار؟! رئيس جهاز حماية المستهلك نفسه أكد أكثر من مرة أن أى تلاعب فى الأسعار أو فرض رسوم غير مبررة سيتم التعامل معه بحزم. إذن المشكلة ليست فى القانون، بل فى التطبيق على أرض الواقع.. ما لم يتحرك المواطن ويشتكى، ستظل مثل هذه الممارسات مستمرة، لأن بعض التجار يراهنون على «الصمت» وعلى فكرة أن الناس تعتبر النسبة صغيرة لا تستحق العناء القصة فى النهاية ليست عن 5 ٪ فى مستشفى أو 2 ٪ فى محل جملة، بل عن ثقافة حقوق المستهلك.. عن وعى المواطن الذى يرفض أن يكون الحلقة الأضعف.. وعن جهاز رقابى يحتاج أن يتفاعل مع شكاوى الناس بالسرعة نفسها التى تحركت بها مديرة تموين حلوان فالحقوق لا تُمنح، بل تُنتزع.. وحتى لو كانت 2 ٪ فقط، فهى حقك.. وإن تركناها اليوم، سيأتى من يضيف 10 ٪ غدًا، وربما «رسوم تنفس» بعد غد.