على الرغم من وجود توقعات كانت تشيرإلى رفض حركة حماس للمقترح الأمريكى لوقف اطلاق النار فى قطاع غزة،إلا أنها أعلنت بشكل مفاجئ عن موافقتها، مما أعطى أملا طال انتظاره كثيراً،حتى تتوقف المذابح وعمليات الابادة التى يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين منذ عامين.
بهذا القرار، ألقت الحركة الكرة فى ملعب إسرائيل التى صُدمت مرتين، الأولى من رد حماس غير المتوقع، والثانية من ترحيب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالبيان.
خالفت حماس التوقعات بقبولها مقترح ترامب لأسباب عديدة، منها رغبة أهالى القطاع الشديدة فى انهاء هذه الحرب الدامية، كما أن حالة الزخم العالمى حول المقترح الأمريكي، باتت واضحة من خلال تصريحات العديد من الدول من بينها الوسطاء الذين حثوا الحركة على قبول خطة الرئيس الأمريكي، من أجل رفع المعاناة عن أكثر من 2 مليون فلسطيني.
بحسب ما ذكره مسئول إسرائيلى للقناة الـ «12العبرية»، اعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رد الحركة رفضًا لمقترح الرئيس ترامب، مشيراً إلى أن نتنياهو أكد ضرورة التنسيق مع الجانب الأمريكى بشأن موقف حكومته، لضمان عدم ترسيخ الانطباع بأن حماس وافقت على الخطة الأمريكية.
ووفقاً لموقع «أكسيوس» الأمريكي، ذكرمصدر مسئول فى تل أبيب – رفض ذكر اسمه – أن رد ترامب على بيان حماس، يُشكل ضغطًا علنيًا وتطورًا غير مرغوب فيه لنتنياهو، الذى سيجد صعوبة فى رفض مقترح أكبر وأبرز داعم دولى لتل أبيب.
وكان ترامب قد كتب منشوراً له على منصة «تروث سوشيال»بعد اعلان حماس بقليل قائلاً: «بناءً على البيان الذى أصدرته حماس، أعتقد أنهم مستعدون لسلام دائم»، مضيفًا: «يجب على إسرائيل أن توقف قصف غزة فورًا، حتى نتمكن من إخراج المحتجزين بأمان وبسرعة».
وعلى الرغم من أن الموافقة ستفتح الباب لأفق السلام بين حماس وإسرائيل، إلا أن الوصول إلى صيغة توافقية بشكل نهائى بين الطرفين المتحاربين سيحتاج إلى مفاوضات ماراثونية لتنفيذ الخطة الأمريكية لوقف الحرب، خاصة أنها تحتوى على بنود اعترضت عليها حماس وفق البيان الذى أصدرته، الأمر الذى سيترتب عليه مشاورات ومباحثات طويلة بين الحركة وحكومة نتنياهو وجميع الوسطاء من أجل تنفيذ خطة السلام.
كانت الحركة قد أكدت، فى بيان لها، إنه انطلاقاً من المسئولية الوطنية، وحرصاً على وقف العدوان وحرب الإبادة التى يتعرض لها الأهالى فى قطاع غزة، اتخذت قرارها بالموافقة على الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال، سواء كانوا أحياء أو جثامين، وفق صيغة التبادل الواردة فى مقترح الرئيس ترامب، ومع توفير الظروف الميدانية الملائمة لعملية التبادل».. كما أكدت استعدادها للدخول فوراً عبر الوسطاء فى مفاوضات لمناقشة تفاصيل هذه العملية، إضافة إلى موافقتها على تسليم إدارة قطاع غزة إلى هيئة فلسطينية من المستقلين «تكنوقراط»، يتم تشكيلها على أساس التوافق الوطنى الفلسطيني، وتحظى بدعم عربى وإسلامي.
وبشأن القضايا الأخرى الواردة فى المقترح، والمتصلة بمستقبل غزة وحقوق الشعب الفلسطيني، شددت الحركة على أن هذه الملفات مرتبطة بموقف وطنى فلسطينى جامع، وبالاستناد إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، مؤكدة أنها ستكون جزءاً من هذا الإطار الوطنى وستشارك فيه بكل مسئولية.
ومع هذه الخطوة الإيجابية التى تنفس فيها العالم الصعداء أملا فى إنهاء حرب الإبادة على قطاع غزة، هناك العديد من التحديات التى تواجه هذه الخطة، يعد الأبرز فيها هو اسرائيل التى ستحاول خلق الذرائع من أجل الاستمرار فى الحرب، والدليل على ذلك ما حدث فى اتفاق السلام مع لبنان، حيث ما زال الاحتلال يقصف جنوب لبنان،ويرفض الإنسحاب من النقاط التى يحتلها حتى الآن.
علاوة على ذلك، هناك انقسام عميق داخل الحكومة الإسرائيلية بين من يدفع باتجاه اتفاق يضمن عودة الرهائن، وبين من يصرعلى الحسم العسكرى الكامل، من بينهم، وزيرا المالية بتسلئيل سموتريتش، والأمن القومى إيتمار بن غفير، الأمر الذى يهدد استمرار أى اتفاق .
كما أن نتنياهو يريد أن يحافظ على الائتلاف الحكومى الذى يقوده من خلال عدم خسارة سموتريتش، وبن غفير، حتى لا تسقط الحكومة ولا يتعرض للمحاكمة بعد فقدان منصبه، بسبب العديد من التهم التى تلاحقه.
أيضاً، تشترط خطة ترامب نزع سلاح حماس، وهو ما لم توافق عليه الحركة صراحةً فى ردها الحالي، حيث أوضح القيادى فى حماس، موسى أبو مرزوق، أن قضية السلاح ستُسلّم للدولة الفلسطينية المقبلة، وأن تفاصيلها تحتاج إلى مفاوضات.
فى الوقت نفسه، ترى حماس أن هناك صعوبة فى تسليم جميع الرهائن خلال 72 ساعة، حيث رأى أبو مرزوق أن ذلك يعد أمراً غير واقعى فى ظل الظروف الحالية» . كما أن هناك ريبة لدى الحركة أيضاً من أن تستأنف إسرائيل عملياتها بعد استلام الرهائن .
لذلك من المتوقع أن يتم التوصل إلى وقف إطلاق نار مرحلى وبدء عملية تبادل الرهائن، حيث سيؤدى ذلك إلى انخفاض فورى فى أعمال القتال، لكن يبقى مصيرالاتفاق مرهونًا بتجاوز النقاط العالقة، فى مقدمتها موضوع نزع السلاح والشكل النهائى للحكم فى غزة، خاصة أن بيان حماس ذكر تسليم قطاع غزة إلى هيئة فلسطينية مستقلة «تكنوقراط»، بناءً على توافق وطنى فلسطينى ودعم عربى وإسلامي، وهذا معناه رفض أى ادارة أجنبية على عكس ماهو مقترح.









