للتعاون الإعلامى والصحفى فى القارة
شهدت القاهرة على مدار ثلاثة أسابيع انعقاد الدورة الحادية والستين لاتحاد الصحفيين الأفارقة، التى ضمت 21 صحفياً يمثلون 20 دولة أفريقية، إلى جانب مشاركة صحفيين مصريين، الدورة لم تكن مجرد تدريب مهني، بل جاءت كمنصة متكاملة للحوار والتبادل الثقافي، ورسالة واضحة تؤكد أن الإعلام الأفريقى أصبح لاعباً رئيسياً فى تشكيل وعى المجتمعات ودعم مسارات التنمية داخل القارة.
الافتتاح الذى جاء برعاية المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، حمل رسائل قوية شددت على أن الصحافة لا يمكن أن تقوم بدورها إلا إذا كانت حرة، مهنية، ومرتبطة بقضايا المجتمعات الأفريقية. وأكد مسئولو الاتحاد أن بناء مستقبل أفضل للقارة يبدأ من تمكين الصحفيين وإمدادهم بالمعرفة والأدوات العصرية التى تعزز قدرتهم على ممارسة دورهم الحيوي.
تميزت الدورة ببرنامج ثرى ومتعدد المحاور، جمع بين الندوات الفكرية والورش العملية. فقد ناقش المشاركون قضايا استراتيجية ترتبط مباشرة بمستقبل القارة مثل: منطقة التجارة الحرة الأفريقية ودورها فى تعزيز التكامل الاقتصادي، حماية الصحفيين فى أوقات السلم والحرب باعتبارها قضية إنسانية وأمنية ملحّة، القوى الناعمة الثقافية كأداة لتعزيز التواصل بين الشعوب، الإعلام وحقوق الإنسان وأهمية الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية فى التغطية، النأثيرات الدولية مثل السياسة الأمريكية على مستقبل أفريقيا، والانعكاسات الإيجابية والسلبية لها، قضايا التنمية واستثمار الثروات الطبيعية التى تمثل ركيزة أساسية لتحقيق النهضة الأفريقية.
كما تناولت اللقاءات محطات مهمة من التجربة المصرية فى التنمية والبناء خلال السنوات الأخيرة، وهو ما مثّل فرصة حقيقية للتعرف على نموذج ملهم داخل القارة.
البرنامج تضمن أيضاً تدريبات عملية متقدمة، أبرزها ورش فى المونتاج وصناعة المحتوى باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب لقاءات متخصصة داخل نقابة الصحفيين المصرية والجامعة الأمريكية، مما أتاح للمشاركين الاطلاع على أحدث الأدوات التكنولوجية فى المجال الإعلامي. كما تم تنظيم زيارات ميدانية إلى عدد من المؤسسات الإعلامية الكبرى مثل وكالة أنباء الشرق الأوسط، بما أضاف خبرة واقعية إلى الجانب النظري.
لم يقتصر الأمر على التدريب والندوات، بل تضمنت الدورة جولات سياحية وثقافية لتعريف المشاركين بملامح الحضارة المصرية العريقة، فقد زار الصحفيون أهرامات الجيزة والمتحف القومى للحضارة، وتجولوا فى الإسكندرية والعاصمة الإدارية الجديدة، إضافة إلى مدينة الإنتاج الإعلامى والمركز القومى للترجمة. هذه الجولات رسخت بعداً إنسانياً وثقافياً، وعكست عمق التواصل الحضارى بين مصر وأفريقيا.
رغم أن الدورة انتهت رسمياً، فإن أثرها سيظل ممتداً مع عودة الصحفيين إلى بلدانهم محملين بخبرات جديدة وشعور متجدد بالمسئولية تجاه قضايا أوطانهم. الدورة لم تكن محطة زمنية عابرة، بل علامة فارقة تؤكد أن الصحافة الأفريقية قادرة على أن تكون صوت القارة الحرّ والصادق، وأن التعاون بين الصحفيين هو السبيل الأمثل لمواجهة التحديات.